لم يعد مقبولًا التعامل مع قضية شعب الجنوب العربي عبر وعود سياسية عامة تفتقر إلى مضمون واضح أو التزام عملي. فالتجارب السابقة أثبتت أن الإقرار اللفظي بعدالة القضية الجنوبية دون إطار قانوني وزمني محدد، لم يكن سوى أداة لتأجيل الاستحقاقات وإعادة إنتاج الأزمة. إن المرجعيات التي يُعاد استدعاؤها في الخطاب السياسي للشرعية اليمنية، وعلى رأسها المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني، فقدت صلاحيتها السياسية وغاب اصحابها، بعدما عجزت عن بناء دولة مستقرة أو معالجة جذور الصراع. والتمسك بها اليوم لا يعكس حرصًا على الحل، بقدر ما يعكس عجزًا عن الاعتراف بالتحولات العميقة على الأرض. في المقابل، بات الجنوب قادر على إدارة شؤونه الأمنية والإدارية بشكل فعلي، مستندًا إلى تفويض شعبي واضح تمثله مؤسسات قائمة، في مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي.
إن ربط مستقبل الجنوب بتسويات مؤجلة أو أزمات لم يكن طرفًا في صناعتها، لم يعد طرحًا واقعيًا أو منصفًا. وعليه، فإن أي مقاربة جادة للاستقرار تتطلب الاعتراف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره، بعيدًا عن الصيغ الرمادية والمرجعيات التي أثبت الواقع تجاوزها.