خير وسيلة للوصول و أسرعها , أن تسير في خط مستقيم .. فاللف و الدوران والمكر والخداع و المماطلة و التسويف , لا تحقق كلها الغرض المنشود .. وخير وسيلة للشفاء و أنجعها , أن تعترف بالداء واقعاً معيشاً , و تسلم لنتائج الفحص والتحليل .. ثم تستسلم للعلاج على أنه ضرورة ملحة من أجل العيش .. ولو بساق واحدة . لهذا فسياسة النعام وغرز الرؤوس في الرمال , و روح الغرور و التعالي والمزايدة , و التشنج و الفبركة و التضليل .. لا تؤدي إلا إلى الاستفحال و التعفن , فلا يجديه العلاج بعد ذلك نفعا .. هذا ما حدث باختصار في الجنوب .. فلم لا نعترف أن في الجنوب شعباً يئن قبل اندلاع الثورات بسنوات , و أن الكيل قد فاض به عبر مسيرة طويلة من رفع الشارات الحمراء و الاعتصامات , إلى الانفصال وفك الارتباط , و بينهما السجن و التكفير و التضحيات , و نعتهم بالهنود مرة , و بالصومال مرات .. و حين قوي الحراك السلمي شوكته , و اتسعت دائرته .. استنسخوا حراكا جديداً أسموه حراك الصحراء ,و ما تلاه من حراكات .. كان آخرها : حراك الشمال و طبخة الأقاليم التي تحافظ على مصالحهم و استمرار نهبهم .. و انتخبوا شباباً و شيوخاً للتمثيل و القيام بدور أبناء الجنوب , في القنوات و على الهواء .. و حتى في الحوار ..هذا ديدنهم في الاستنساخ و التفريخ , و خلط الأوراق في يوم ريح ... قد يختلفون و يقتتلون .. في الستين وفي السبعين .. في جمعة الكرامة وجامع النهدين .. لكنهم متفقون على دمنا , وعلى أن الجنوب لا يمثل في معادلة الوحدة سوى الثروة والمساحة .. قد يهمسون في خجل : أن الجنوب كان مظلوماً منهوباً .. لكن التغيير و الإصلاح قادمان , وهذه طلائعهما تبدو على محيّا الرئيس الجديد , و أن قضيتهم سوف تحل كما قضية صعدة وحجة و تعز و الحديدة .. فالشعب كله قد تعرض للظلم .. متناسين أن الجنوب لم يكن قرية أو مدينة أو حتى محافظة من محافظاتهم .. بل دولة لها عملتها وعلمها و تمثيلها ... فالجنوب شريك في دائرة الوحدة وقطبها الموجب . لقد فشلنا في صناعة الوحدة , و فشلنا في تسويقها أو الترويج لها .. فهي القشة التي قصمت ظهر الوحدة العربية و الإسلامية .. فالوحدة ثقافة و سلوك , لا انفعال و هذيان و تهبيش . هلا سأل أحد نفسه: لم رفض الجنوبيون الانتخابات الرئاسية الأخيرة ؟ و لما انسحب الكثير من أعضاء اللجان , وقد كانوا يتقاتلون على ذلك ؟؟ لما يرفضون الحوار ومخرجاته ؟؟؟ لما يرفضون كل طعم قادم من الشمال ؟ لما .. و لما ؟؟؟؟ فهل نعترف بعد ذلك أن لا استقرار إلا بحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً يرضي الجنوبيين أنفسهم , لا تجار الحرب و مصاصي الدماء ؟ و إلا فليركبوا الغرور و التعالي و الفبركة ... ليجدوا أن الخرق قد اتسع , و الداء قد استفحل , ويجدوا البلاد لا إلى شطرين , و لكن إلى ..........