يبدو أن شباب حضرموت في طريقهم لكسر جدار العزلة والتغييب السياسي والحقوقي ، والذي تم فرضه لسنوات طويلة عليهم من قبل النظام السياسي السابق للبلاد، والذي كان يحرص على بناء ذلك الجدار من خلال منع المبادرات الحقوقية والسياسية من أن تتوجه صوب تلك الأرض الغنية بالكثير من الثروات الطبيعية ، ليُسهل عملية الاستيلاء عليها دون أن يكون هنالك من قد يُسبب له الصداع بالحديث عن حقوق أبناء تلك الأرض في الثروة والتنمية والعملية السياسية. حيث كانت الساحة الحضرمية وخلال العقود الماضية تفتقد لوجود منظمات حقوقية تُدافع عن حقوق أبنائها، ناهيك عن منع المنظمات والمبادرات الدولية والإقليمية من التوجه لتلك الأراضي من قبل النظام السابق، تارة بحجة الإرهاب، وتارة بحجة عدم وجود منظمات مدنية وحقوقية فاعلة هنالك، وغيرها العديد من المبررات الواهية. غير أن هذا بات الآن من الماضي بظهور منظمات ومؤسسات مدنية حقوقية "حضرمية " تسعى لتوعية أبناء حضرموت بحقوقهم وواجباتهم ، كمؤسسة مستقل للتنمية الحقوقية، والتي تعمل منذ انطلاقتها في العام 2013م، على تنفيذ العديد من المشاريع والبرامج التدريبية في العديد من المديريات والقرى بالشراكة مع العديد من المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية ، والهادفة إلى تعزيز المفاهيم الحقوقية والمدنية للشباب الحضرمي ومساعدتهم في التعبير عن مطالبهم الحقوقية والمدنية. هذه الأيام تشهد مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت ، تجمعاً شبابي بمشاركة نحو (25) شاباً وشابة من مختلف مديريات المحافظة، للمشاركة في البرنامج التدريبي الخاص ب "تعزيز قدرة الشباب اليمني في حضرموت من أجل التغيير الإيجابي ( السياسي القادم) "والذي تُنفذه مؤسسة "مستقل للتنمية الحقوقية" وبتمويل من مبادرة الشراكة الشرق اوسطية ( ميبي). حيث يهدف مشروع (السياسي القادم ) إلى المُساهمة في تعزيز قدرة الشباب الحضرمي على التدريب في القضايا السياسية. حيث يسعى القائمون على البرنامج إلى رفد الساحة السياسية بمدربين شباب متخصصين في عدد من القضايا والجوانب السياسية والتي حددت مسبقا لتناسب ومتطلبات المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلد ( الدستور, الانظمة السياسية, الانظمة الانتخابية, الاعلام الجديد والمناصرة). ووفقاً للأستاذ أمين الحامد، المدير التنفيذي لمؤسسة مستقل للتنمية الحقوقية، فأن المشاركين في البرنامج وبعد انتهاء المرحلة الأولى والخاصة بتدريب المدربين والتي تستمر لمدة أسبوعين، وحصولهم على شهادات التدريب المُعتمدة، سيعملون على تشكيل مجموعات تتولى عملية النزول إلى مديرياتهم لتدريب مجموعات شبابية أخرى على ذات الأساليب والمعلومات التي تلقوها وتدربوا عليها خلال المرحلة الأولى من البرنامج. حيث سيتم استهداف كل من المديريات التي جاء منها المُتدربين ،وهي ( المكلا , سيئون , الشحر , تريم , الديس الشرقية , القطن , حجر , دوعن , ارياف المكلا , غيل بن يمين ). أما في المرحلة الثالثة والأخيرة من البرنامج التدريبي، فأن المُشاركين في المرحلتين الأولى والثالثة سيعملون على تنفيذ نزولات وحملات توعوية للقضايا والجوانب السياسية المُحددة، تستهدف المدارس والجامعات والمراكز الثقافية بالمحافظة. وبعد الانتهاء من جميع مراحل المشروع سيكون للشباب المستهدفين دور التنسيق للمؤسسة في مديرياتهم لبرامجها ومشاريعها القادمة، حيث سيكونون بمثابة حلقة الوصل بين مناطقهم والمؤسسة. اما الأستاذ عبدالعزيز الأدريسي ، المُدرب في مجالات أنظمة الحكم والانتخابات والأنظمة السياسية، فقد أعتبر أن المواد التي سيتم تدريب المُتدربين عليها خلال البرنامج ستُساعدهم كثيراً في إكساب القدرة على فهم نظم الحكم وكيفية بناء الدولة وقيام الأنظمة السياسية. بالإضافة إلى الأساليب والطرق التي يتم من خلالها إنشاء الدساتير وتعديلها. مؤكداً على أهمية أن يعمل المُتدربين على الاطلاع بشكل أكبر على تجارب الدول الأخرى، وهذا الأمر سيُساعدهم في جعلهم أكثر قدرة وتأهيلاً على إجراء حلقات النقاش مع الأفراد والمؤسسات حول المفاهيم والقضايا المُحددة. وعن مدى حاجة "حضرموت" لمثل هذه النوعية من البرنامج، يؤكد القائمون على مؤسسة "مُستقل" أن حضرموت احوج ما تكون لمثل هذه البرامج مقارنة ببقية المحافظات التي نرى فيها انتشار واسع لمثل هذه المشاريع والانشطة منذ سنوات بينما تصنف حضرموت بأنها محافظة نامية في عمل منظمات المجتمع المدني، خصوصاً في المجالين الحقوقي والسياسي. وتفتقد محافظة حضرموت ، والتي من المفترض أن تُصبح إقليماً يضم إلى جانبها كل من شبوة والمهرة وسقطرى، إلى وجود مُدربين مُختصين في مجال تدريب (أنظمة الحكم والأنظمة السياسية والانتخابية)، الأمر الذي أسهم طوال الفترة الماضية إلى خفض مستوى الوعي المجتمعي تجاه متطلبات المرحلة الحالية والمُقبلة.