أكدت مصادر سياسية في العاصمة اليمنيةصنعاء أن أهمية التغيير الأخير الذي أجراه الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي، تتمثل في اختيار الفريق علي محسن صالح الأحمر نائبا لرئيس الجمهورية بديلا من خالد محفوظ بحاح الذي وضع عمليا على الرف بتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية. وتصف هذه المصادر الفريق الأحمر بأنه شخصية موضع جدل عميق وذلك منذ كان من أشد المؤيدين لنظام علي عبدالله صالح منذ توليه السلطة في العام 1978 وحتى انقلابه عليه في بداية العام 2011. وأصدر هادي في وقت متأخر من مساء الأحد قرارا يقضي بإقالة نائبه ورئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، وتعيين نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة علي محسن الأحمر نائبا للرئيس وأحمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء. وتساءلت المصادر هل من الممكن المراهنة على علي محسن صالح وهو من قرية بيت الأحمر في مديرية سنحان، كما تربطه صلة قرابة بالرئيس السابق، إضافة إلى أنه يعتبر قريبا جدا من الإخوان المسلمين والسلفيين في الوقت ذاته. وعبرت بقولها عما إذا كانت هناك معطيات لطريق ثالثة بين الإخوان الذين يريدون غطاء الشرعية وبين القاعدة وداعش اللذين يستغلان الفراغات التي تركتها الشرعية مما يستثير الغرب والولايات المتحدة تحديدا. وتزداد هذه التساؤلات حدة نظرا إلى أن نائب الرئيس اليمني الجديد سبق له، كقائد عسكري، أن واجه الحوثيين في حروبهم المتكررة مع الدولة اليمنية ولم يتمكن من حسم أي مواجهة، وكان انشقاقه مرحلة خطيرة في مسار الأحداث وصولا إلى تضعضع الدولة على خلفية ضغط إخواني بدفع قطري ثم انهيار كل الحكم الشرعي الذي يمثله عبدربه منصور هادي وتسليم مفاتيح البلد للحوثيين والانقلابيين من الحرس الجمهوري التابع لعلي عبدالله صالح. ويعتبر التغيير الذي حصل دليلا على وعي بضرورة تمثيل الشمال الذي يأتي منه علي محسن صالح في رأس هرم السلطة. ويشير التغيير كذلك إلى أهمية الفصل بين منصبي نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إذ كلفت شخصية حضرمية هي أحمد عبيد بن دغر. وقال مراقبون إن التغييرات التي أعلن عنها الرئيس اليمني تهدف إلى ترتيب بيت جبهة الشرعية قبل موعد مفاوضات الكويت في 18 أبريل، لافتين إلى أنها تهدف من جهة إلى تأكيد الاستعداد لحل سياسي يقوم على إشراك الأحزاب الكبرى وليس تقاسم السلطة مع الحوثيين، ومن جهة ثانية التحسب لاستمرار الحرب. وكشفت مصادر ل”العرب” أن الراحل عبدالكريم الأرياني أبرز مستشاري الرئيس كان يعارض إقالة بحاح معتبرا أنه ربما يساهم في إضعاف جبهة الشرعية على اعتبار أن حكومة بحاح هي آخر حكومة توافقية يتم منحها الثقة من خلال البرلمان اليمني. وأشارت المصادر إلى أن القرار قد يكون على علاقة مباشرة بانعقاد الجولة القادمة من الحوار اليمني في الكويت في الثامن عشر من أبريل الجاري وما تسرب عن مطالبات الحوثيين المتكررة في كواليس المشاورات السياسية بضرورة نقل هادي صلاحياته إلى نائبه بحاح كجزء من بنود التسوية، خاصة أن بحاح عرف بدعمه خيار الحوار معهم والتعاطي معهم كطرف أساسي في يمن ما بعد وقف الحرب. ولم تستبعد أن يكون قرار التخلي عن بحاح ناجما عن مطالب سعودية للتخلص من الإشكال الحاصل بين هادي ونائبه حتى لا يتسبب في إرباك استراتيجية الحل السياسي المسنود بالنجاحات العسكرية. وقد عكست ديباجة القرار عمق الخلافات بين هادي ونائبه حيث وجه القرار اتهاما لبحاح بالفشل في إدارة عمله. وعن خلفيات اختيار أحمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء خلفا لبحاح قالت مصادر مطلعة ل”العرب” إن الأمر له علاقة بإرضاء “الحضارم” حيث تم اختيار بديل لبحاح من إقليم حضرموت، إضافة إلى محاولة استمالة التيار المؤيد للشرعية في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان بن دغر يشغل فيه منصب الأمين العام. ويرى محللون أن تعيين بن دغر يهدف إلى طمأنة قيادات حزب المؤتمر بأنه لا يمكن تحميلهم مسؤولية مواقف الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فضلا عن مغازلة الحزب وجمهوره العريض بأنه سيكون الجهة الأبرز التي ستتولى قيادة المرحلة القادمة بالاشتراك مع بقية أحزاب اللقاء المشترك. لكن الرسالة الأهم من تعيين بن دغر هي تبديد المخاوف من عودة علي محسن صالح الأحمر إلى الواجهة، وأن الهدف منها توظيف كل الإمكانيات لربح المعركة وليس الرهان على حزب الإصلاح في المرحلة القادمة، خاصة في ظل إشاعات تتحدث عن أن السعودية تراهن على إخوان اليمن في مرحلة ما بعد وقف الحرب. ويرى المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل “أن تكليف الأحمر نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة يهدف إلى التحسب من فشل جولة الكويت والالتجاء إلى الحسم العسكري”. ولفت إلى أن الأحمر أدرى بالحرب مع الحوثيين وله علاقاته مع الشخصيات الاجتماعية والقيادات العسكرية التي يمكن أن يستميلها لصف الشرعية”.