سيطرت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية٬ أمس٬ على عدد من المواقع في مدينة حرض الاستراتيجية (محافظة حجة) الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية٬ وقالت مصادر محلية ل«الشرق الأوسط» إن من بين المواقع التي سقطت بيد قوات الشرعية٬ مبنى الجمارك القديم وغيره من المواقع التي كانت تحت سيطرت الميليشيات الانقلابية٬ التي تحتل المدينة منذ أكثر من عام. وذكرت المصادر أن العملية العسكرية واسعة النطاق انطلقت تحت غطاء جوي مكثف من طيران التحالف٬ بهدف تحرير مدينة حرض الحدودية٬ التي تعد من أهم المنافذ بين اليمن والمملكة العربية السعودية٬ ووفقا لتأكيدات مصادر ميدانية٬ فقد سقط قتلى وجرحى في صفوف الجانبين٬ في وقت نفت الميليشيات الانقلابية خسارتها لكثير من المواقع٬ وزعمت كسرها لما وصفت بالزحف الذي جرى على حرض. وتخوض المواجهات في حرض قوات الجيش الوطني المنضوية في إطار المنطقة العسكرية الخامسة٬ وقالت مصادر في الجيش إن اللواء الركن على حميد القشيبي٬ قائد المنطقة٬ يخوض عملية تحرير حرض. وقد أظهرت مقاطع فيديو حجم العملية العسكرية والمواجهات الضارية التي تشهدها الجبهة٬ التي شهدت هدوءا نسبيا الفترة الماضية. وحول استمرار الميليشيات في خرق الهدنة منذ انطلاقها في 10 مايو (أيار) الماضي٬ أوضح المحلل السياسي باسم الشعبي أن الميليشيات لم تلتزم بالهدنة منذ بدايتها٬ وهي بذلك وجهت إهانة كبيرة للأمم المتحدة؛ لأن الهدنة تمت بضغط وإشراف من الأممالمتحدة٬ لافتا إلى «استغلال الميليشيات للحوار السياسي الفضفاض (مشاورات الكويت) لتتمدد على الأرض عسكريا وتمددها صوب لحج وشبوة وبالذات مناطق الجنوب من أجل تحقيق مكسب عسكري يعزز موقفها السياسي٬ لكنها لن تتمكن من تحقيق أي انتصار رغم ضعف الشرعية»٬ حسب الشعبي٬ الذي أكد ل«الشرق الأوسط» أن «الجنوبيين هم من يقاومون ويصدون هجمات الحوثيين»٬ لأن المسألة باعتقاده: «مسألة مصير حينما يتعلق بالصراع بين الميليشيات الغازية والجنوب»٬ وأوضح الشعبي أن «مفاوضات الكويت ستفشل والمدة المحددة هي أسبوعان ولن ينجز أي شيء»٬ على حد قوله٬ مشيًرا إلى أن «الحل لن يكون إلا عسكريا٬ فالميليشيات خسرت الجنوب٬ وهي تحاول أن تعود إليه ولكن دون جدوى». من ناحية ثانية٬ ما زالت مدينة مكيراس الاستراتيجية بمحافظة أبين٬ تقع منذ ما يقارب العام تحت سيطرة الانقلابيين رغم المحاولات الكثيفة التي تقوم بها المقاومة في أبين هناك لطرد الانقلابيين٬ لكنها دائما تنتهي بالفشل٬ وذلك لموقع المديرية الجغرافي الذي سهل تحرك الميلشيات إليها عبر المرتفعات المتساوية من اتجاه محافظة البيضاء التي تخضع لسيطرتهم كذلك. وقال الناشط السياسي عثمان عامر إن المديرية تشهد انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان تقوم بها ميليشيات الحوثي وصالح من عمليات اعتقال للمدنيين ومداهمة المنازل وعمليات القتل المنظم والممنهج للشخصيات المدنية والاجتماعية٬ على حد تعبيره. وذكر عامر ل«الشرق الأوسط» أن عمليات القصف العشوائي لا تكاد تنقطع على قرى المديرية والمساكن الريفية خلفت عددا من الإصابات بين المدنيين العزل٬ وسط موجة نزوح متواصلة للمواطنين من المديرية والقرى المطلة على المرتفعات الجبلية٬ التي دائما ما يستهدفها الحوثيين بالمدفعية والدبابات إلى جانب حملات اعتقال للميليشيات تطال عشرات المواطنين٬ مشيرا إلى غياب المنظمات الحقوقية وحملات الإغاثة الإنسانية ضاعف بشكل كبير في معاناة المواطنين. ولفت الناشط السياسي إلى أن جبهة ثرة الواقعة في قمم جبال ثرة المطلة على مديرية لودر في محافظة أبين ثالث كبرى المحافظة هي الأخرى تشهد مواجهات مستمرة بين ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة٬ ومقاتلي المقاومة والقبائل من جهة أخرى دون أي تقدم أو انتصار للميليشيات؛ بسبب صمود المقاومين هناك٬ موضحا أن المقاومين في جبهة ثرة يتصدون للميليشيات بسلاح متواضع وشخصي أمام منظومة عسكرية منظمة تتكون من وحدات الحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع وكتائب من نخبة مسلحي جماعة الحوثيين المدربة إيرانيا. هذا وتواصل الميليشيات الحوثية ووحدات الحرس الجمهوري شن قصف عشوائي على قرى المدينة وبعض من أحيائها السكنية٬ مخلفًة عددا من الإصابات بين المدنيين٬ ولا يقتصر ذلك على الحرب في الجبهات؛ حيث تعاني محافظة أبين بحسب عثمان عامر من فراغ أمني وعسكري وإداري منذ تحريرها من ميليشيات الحوثي قبل عشرة أشهر وتردي الخدمات الأساسية للمواطنين من كهرباء وماء وصحة. وبالانتقال إلى تعز٬ تستمر الوقفات الاحتجاجية في وسط المدينة التي شارك فيها العشرات من أهالي المحافظة٬ لمساندة جرحى تعز والمطالبة بسرعة علاجهم في ظل استمرار حصار ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح على جميع المنافذ ومنع دخول المواد الدوائية والطبية٬ علاوة على استهدافها للمستشفيات التي لا تزال تعمل٬ استغرب محافظ محافظة تعز علي المعمري والسلطة المحلية من المحاولات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي والموالون لهم من قوات المخلوع صالح٬ من استغلال مأساة جرحى تعز ومحاولة التكسب من ورائها. وأكدت السلطة المحلية في المحافظة برئاسة المحافظ علي المعمري أنها «تتعامل مع ملف جرحى تعز كأولوية ملحة وتتابع كل تفاصيله بكل مسؤولية وجدية وتوليه كامل الاهتمام والرعاية لإيجاد حلول جذرية توقف معاناة جراحنا الأبطال٬ كما أنها تتابع بألم وحزن كبيرين الحالة المأساوية لجرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مدينة تعز٬ الذين تفاقمت مأساتهم لظروف وأسباب كثيرة ومتعددة؛ الأمر الذي دفع بملف الجرحى إلى الواجهة ليتصدر المشهد الإعلامي خلال الأيام القليلة الماضية». وقال المعمري٬ في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه٬ إن «جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية هم أوسمة شرف وفخر على صدور جميع أبناء محافظة تعز وكل أبناء اليمن٬ فقد جسدوا ببسالتهم وإقدامهم٬ غير متهيبين لمخاطر الموت والفناء٬ ونموذجا لليمني الحر الشريف الذي يأبى الركوع لمشاريع الظلام والكهنوت أو الانحناء لهواة القتل والاستعباد والوصاية٬ وهو الأمر الذي يضع الجميع أمام مسؤولية إنسانية ووطنية وأخلاقية للنظر إلى أحوالهم والعمل لإنهاء معاناتهم بأقصى سرعة ممكنة». وأكدت السلطة المحلية أن مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية استجاب «لدعوتنا بالمساعدة في حلحلة ملف الجرحى٬ وقام مشكورا بتوقيع عقود مع عدد من مستشفيات مدينتي تعزوعدن بمبلغ مليون وخمسمائة ألف دولار لاستقبال جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وتوفير العلاج والرعاية٬ وتم تجديد هذه العقود الأسبوع الماضي والدفع لهذه المستشفيات الخمسة٬ بالإضافة إلى مستشفى سادس وهو مستشفى البريهي تعز٬ وذلك على أمل توسيع العقود خلال المرحلة المقبلة لتشمل مستشفيات أخرى في مدينة تعز». وتقدمت السلطة المحلية بالشكر والعرفان للإخوة في مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي والقطري والسوداني٬ والقطاع الخاص والمنظمات العاملة في المجال الصحي وسائر الهيئات والمبادرات المحلية على الدعم الذي يقدمونه من أجل التخفيف من معاناة جرحانا الأبطال. كما وجهوا دعوة إلى الحكومة والقيادة الشرعية إلى المسارعة في إيجاد الحلول الكفيلة بإنهاء معاناة جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. وعلى الصعيد ذاته٬ نفذت رابطة إعلاميات تعز وقفة احتجاجية وفعالية رمزية لتشييع لجرحى تعز تحت شعار «جرحى تعز يموتون». وقالت الرابطة في بيان لها٬ حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه٬ إن «التضحيات الجسيمة٬ التي تقدمها مدينة تعز الشامخة الصامدة٬ برجالها ونسائها وشبابها وأطفالها الأحرار والحرائر٬ كانت وما تزال تقدم من أجل الحفاظ على كرامة وعزة ورفعة هذا البلد المكلوم٬ الذي عاثت فيه عصابات التمرد الخراب٬ وجماعات الكهوف والرجعية المقيتة٬ وأوغلت في الحقد والإذلال مدعومة بحقد رئيس خائن حاقد فاسد خلعته تعز بشكل خاص وشعب اليمن بشكل عام». ونشرت الرابطة إحصاء بعدد جرحى تعز الذي قالت بأنهم وصلوا إلى 15 ألف جريح: 13433 رجلا896 ٬ طفلا671 ٬ امرأة. وأن من يحتاجون إلى العلاج بالشكل التالي: 7 آلاف جريح يحتاجون إلى تدخل جراحي535 ٬ جريحا يحتاجون إلى السفر العاجل لإنقاذهم من الإعاقة الدائمة94 ٬ جريحا نالتهم الإعاقة64 ٬جريحاُبِترت أطرافهم». ميدانيا٬ تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من كسر محاولات الميليشيات الانقلابية التسلل إلى مواقع الشرعية في مختلف جبهات تعز بما فيها في غراب شرق اللواء 35 مدرع٬ ومنطقة مدرات غرب اللواء ٬35 وأجبروهم على التراجع والفرار.