في طفولتي كنت راكبا بصحبة والدي قاسم المفلحي طيب الله ثراه في في الستينات من القرن الماضي، كنا نستقل سيارة اوبل المانية تقلنا من عدن حافة حسين الى التواهي. مررنا بطريق العقبة (بوابة عدن) فشاهد والدي بعض المعدات الثقيلة وكذلك فريق من جنود بريطانيين كانوا يقومون بزراعة اصابع الديناميت في الجبل بغية تدمير العقد الحجري لبوابة عدن. تم الاجهاز على ذلك الاثر بدون اي ضجة او حسرة. يقال ان عمر بوابة عدن التاريخية تزيد عن 3 الف سنة.
اصابت والدي حالة من التوتر والقلق في اقدام الانجليز على توسعة الشارع والتضحية بهذا الاثر التاريخي الذي شيد قبل 3الف سنة وربما ابعد من ذلك بكثير ولكن لقد فات الفوت.
ذهب الاثر التاريخي وذهب معه بعد ذلك متحف عدن التاريخي والمتحف الحربي والمتحف الحميري في الضالع ، ومكتبة عدن التلفزيونية ومكتبة اذاعة عدن بل ونهب الكنز الذي حوى عملات ذهبية لحضارة اكسوم الحبشية والذي اكتشف في لحج. وللاسف فقد هدمت في عدن آثار عظيمة ومنها مساجد واسوار قديمة بل وتم طمر وردم واحدا من أعظم الصهاريج في عدن.
وعن الانجليز فقد اشتروا احجار "تاج محل في" الهند والتي تعتبر من اغلى انواع الرخام وبداء احد تجار الرخام الانجليز في تفكيك اعظم صرح اثري ويمثل عنوان الوفاء والحب للأميرة المغولية التي توفيت اثناء الولادة المتعسرة فخلد زوجها الملك المغولي حزنه عليها في ذلك الضريح الاعجوبة . ولولا مهاجمة الفلاحين لمنع نزع احجاره لكان الضريح أثرا بعد عين.
وما انا بصدده فلقد اعادت بعض الدول معالم اثارها التي حطمت او هدمت بسبب الزلازل او الحروب، فهل نستطيع ان نعيد بوابه عدن ورغم انها لن تعود كسابقتها الا ان ذلك الاثر يعبر عن تاريخ عدن التليد وهويتها وشخصيتها ومعالمها.
هدم في عدن مسجد ابان ومنارات وصهاريج واسوار، ولا زالت مواقع اثرية مدهشة في مرتفعات جبل شمسان لم تطلها يد التخريب، وعلمت من الدكتور "محمد علي متاش" ان هناك توجه وتصميم على ازالة التعديات وشق طريق دائري من الجهة الجنوبية للجبل الشامخ مع استراحات ومتنزهات تطل على البحر لتصبح عدن مدينة السحر والجمال .
مدينة عدن ليست عابرة في تاريخ الانسانية فهناك من يعتبرها من أقدم مدن العالم وفيها من الدهشة والسحر والالق ما يجعلنا نباهي بها بين الامم. ازيلوا غبار الاهمال عن عدن فهي فاتنة ولا تحتاج الا لمسة حنان ولرشة عطر لتتألق كنجمة الصباح.