القيادة المحلية لانتقالي حبان تعقد اجتماعها الموسع للفصل الثاني من العام الجاري    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة أخرى    بيان البنك المركزي بعدن.. دفاع مرتبك أم هروب من المسؤولية؟    8 شهداء في مجزرة صهيونية بحي الشيخ رضوان شمالي غزة    اليمن يهزم بنجلاديش ويضع عينه على مواجهة الحسم أمام فيتنام    اتحاد إب يتأهل لنصف نهائي بطولة بيسان بعد تغلبه على طليعة تعز    ترحيل 2476 مهاجراً دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة    شرطة الجوف تستعيد سيارتين مسروقتين    وزارة الاقتصاد تكرم المخترع الراحل محمد العفيفي    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    بعد قليل .. انطلاق حملة تغريدات استمراراً للاحتفال بذكرى المولد النبوي    نسائية مديريتي برط العنان والمراشي تحتفي بذكرى المولد النبوي    قيادة الانتقالي تناقش ملفات الضرائب والكهرباء والأراضي    البرلمان العربي يدين التصريحات الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين    القسام" تستهدف تجمعاً لجنود وآليات العدو الصهيوني شمال خان يونس    رئيس فنزويلا: سننتقل إلى الكفاح المسلح إذا تعرضت بلادنا لهجوم أمريكي    المنتخب الأولمبي يفوز على بنجلادش في الوقت القاتل بالتصفيات الآسيوية    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبده حسين حبيش    الجيش الوطني يفشل محاولات تسلل حوثية بتعز ويقتل 4 عناصر    توقعات بهطول أمطار مصحوبة بالعواصف الرعدية في عموم محافظات الجنوب    الرشيد يهزم الصقر ويبلغ نصف نهائي بطولة بيسان    تسجيل هزة أرضية غرب اليمن    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    انتقالي طور الباحة بلحج يقف أمام جملة من القضايا في المديرية    العلامة مفتاح يؤكد على مضاعفة الجهود لتوفير خدمات الكهرباء والمياه    الرئيس الزُبيدي يُعزي في وفاة المناضلين مختار ومحمد العوسجي    بدء صيانة شارع كورنيش المرشدي في المنصورة    صلاح يقود مصر لتجاوز إثيوبيا والاقتراب من التأهل لمونديال 2026    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 من قارة أمريكا الجنوبية    تعز.. اعتقال أكاديمي أثناء زيارته لمنزل والده    الاتحاد السوفييتي القوة الاولى التي هزمت المانيا النازية    لصوص المال العام    77 مليون ريال غرامة وإغلاق فوري.. 6 أحكام قضائية ضد محطات وقود متلاعبة بتعز    التشيك تعزز الصدارة بالجبل الأسود.. وكرواتيا تعبر فارو    أوغندا تتقدم إلى الثاني برباعية موزمبيق    تهريب ملك قتبان الى باريس    المناطقية طريقاً إلى الوطنية، والانانية جسراً إلى الانتماء    سفير اليمن في واشنطن: حكمنا الجنوب بالعسكر وغدا سنحكمه بالمتعلمين    فرصتك التاريخية يا سعادة اللواء عيدروس فلا تضيعها    من (همفر) الى البترودولار بريطانيا والوهابية وصناعة الانقسام    أمسية للجانب العسكري بمحافظة إب بذكرى المولد النبوي الشريف    اسعار الذهب ترتفع لمستوى قياسي جديد اليوم الجمعة    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    ضمن استراتيجية بناء جيل متسلح بالعلم.. 100 طالب وطالبة يبتعثهم المجلس الانتقالي للدراسة في الخارج بدعم من دولة الإمارات    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    مجتمع حضرموت يحمّل بن حبريش مسئولية قطع الكهرباء    لقاء تنسيقي بعدن يضع ضوابط صارمة على حركة الغاز للحد من عمليات التهريب    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    وفاة طفلين يتيمين في ظروف غامضة بمحافظة إب    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي إبراهيم الحائر في وفاة والده    البيت الهادئ يدعو للقلق .. قراءة في تجربة طه الجند    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    اكتشاف يعيد فهم ممارسات طب الأسنان القديم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقبل بالجوع مع استقلال الجنوب.. لكن لا للجوع مع ذل الاحتلال اليمني
نشر في شبوه برس يوم 04 - 06 - 2025

قال كاتب سياسي ان الحالة التي وصل إليها شعب الجنوب أوصلته إلى قناعة "قد نقبل الجوع مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالفقر مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالعذاب والحرمان مع استقلال دولة الجنوب. هذا أمر منطقي بالنسبة لكل أبناء الشعب الجنوبي. لكن اللا منطقي أن هناك من يريد من الشعب الجنوبي أن يقبل بالجوع في ظل دولة الوحدة مع اليمنيين".

موضوع "الوحدة والهوية: مقارنة بين أهداف الوحدة وآثارها على الجنوب للكاتب "حافظ الشجيفي" أطلع عليه محرر "شبوة برس" في صحيفة الأيام وننشر نصه:
في أعماق المشهد الجنوبي المثقل بالأسئلة والآلام، سمعتُ كلمات مواطن جنوبي تختزل، في بساطتها الصادقة، عمق المأساة ولب الحقيقة التي وصلنا إليها وهو يقول حرفيا:"قد نقبل الجوع مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالفقر مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالعذاب والحرمان مع استقلال دولة الجنوب. هذا أمر منطقي بالنسبة لكل أبناء الشعب الجنوبي. لكن اللا منطقي أن هناك من يريد من الشعب الجنوبي أن يقبل بالجوع في ظل دولة الوحدة مع اليمن، وأن يقبل بالفقر في ظل دولة الوحدة مع اليمنيين، ويقبل بالعذاب والحرمان في ظل دولة الوحدة مع اليمن."

هذه الكلمات ليست مجرد كلام عابر، بل هي صرخةٌ منطقية تُفضي إلى جوهر المعضلة الراهنة. فالتضحية من أجل استعادة دولة الجنوب، حتى لو استلزم الأمر سنواتٍ من شظف العيش وقساوة الظروف، هو خيارٌ مفهوم، بل ونبيل. فالنضال لأجل الكرامة والسيادة يحفزه أملٌ بمستقبلٍ أفضل، تملك فيه زمام أمرك، وتصنع فيه مصيرك ومستقبلك وتورث أبناءك وطناً ينتمون إليه بحق. هذا الألم، في سياقه الثوري، يكتسب معنىً، ويتحول إلى وقودٍ للصمود، وشهادةٍ على إرادة شعبٍ لا تلين.

لكن ما الذي يبرر أن يرزح شعبٌ تحت وطأة الجوع، ويغرق في الفقر، ويتجرع مرارة العذاب والحرمان، في ظل ما يسمى بدولة الوحدة"؟ هنا تكمن المفارقة اللا منطقية والعبثية. هل توحدنا نحن الجنوبيين مع الشمال لكي نزداد جوعًا وفقراً وحرماناً؟ هل سعينا للوحدة، وضحينا في سبيل تحقيقها، لكي يكون مصيرنا التشرذم والضعف بدلًا من الرخاء والرفاهية والقوة والاستقرار والأمان الذي كنا نعيش فيه، بكل نواقصه، قبل تجربة الوحدة؟

لنتأمل مشهد الجنوب قبل عام 1990: دولةٌ حديثة ناشئة، بكل ما فيها من تحديات وصعوبات أيديولوجية، لكنها كانت تتمتع بقدرٍ من الاستقرار الخدمي والأمني، وتملك مؤسساتٍ فاعلة، ونظاماً تعليمياً وصحيًّا مجانيًّا يُحفظ كرامة المواطن. كانت هناك شوارعٌ مضاءة، ومياهٌ تصل البيوت، ومدارسُ تُخرج الأجيال، وكهرباء لا تنقطع و وظائفُ متاحة، وأمانٌ محسوس في الشوارع حيث كانت الحياة، رغم بساطتها، تحمل قدرًا من الكرامة والعزة والاستقرار.

أما اليوم، فالمشهد مختلفٌ تمامًا. أنوارٌ خافتة بالكاد تُضيء الشوارع في ليالٍ يلفها الظلام الدامس. صرخاتٌ تتصاعد من المستشفيات التي تفتقر لأبسط الإمكانيات وبتكاليف باهظة. طوابيرٌ طويلة من العاطلين عن العمل، وجيوبٌ خاوية، وبطونٌ فارغة. في حين أصبحت قصة البحث عن مياه نظيفة أو كهرباء مستقرة كفاحاً يوميًا. بينما تلاشت المكتسبات التي كنا نملكها قبل الوحدة كأن لم تكن، وحل محلها دمارٌ شامل، وفوضى أمنية لم نكن نعرفها. حيث استشرى الفساد، وتفشت اللصوصية، وأصبح المواطن الجنوبي يعيش في حالةٍ من القلق الدائم على رزقه، وأمنه، ومستقبل أبنائه.

لماذا تتوحد الشعوب والبلدان أصلًا؟ هل تتوحد لتزداد فقرًا وضعفًا وتشرذمًا؟ أم أن الهدف من الوحدة، أيًا كانت طبيعتها، هو تحقيق الرخاء المشترك، وتعزيز القوة الاقتصادية والسياسية، وضمان الأمن والاستقرار لجميع أبنائها؟ إن المفهوم الأساسي للوحدة، في الفكر السياسي المعاصر وفي تاريخ الأمم، هو التضافر لتحقيق غاياتٍ عليا لا يمكن تحقيقها بشكل منفرد. فهي جسرٌ نحو الازدهار، وحصنٌ أمام التحديات، وعاملٌ لزيادة النفوذ و القدرة على المنافسة.

لكن الوحدة التي فرضت على الجنوب لم تجلب لنا سوى الويلات والمآسي. حيث ضاعفت آلامنا ومتاعبنا، وتسببت في تدمير ممنهج للبنى التحتية، ونهبٍ لثرواتنا، وتهميشٍ لكوادرنا. وقادتنا إلى ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية لم نكن نعرفها، و لم نكن نتخيل أننا سوف نصل إليها في يوم من الأيام. كيف يمكن لشعبٍ أن يتمسك بوحدة لم تزدْه إلا بؤسًا وفقرًا وتشرذمًا وضعفاً؟

إن الشفافية تقتضي القول، والمنطق يفرض الاعتراف، بأن هذه الوحدة، وبغض النظر عن النوايا التي قامت عليها، قد تحولت إلى عبءٍ ثقيل، ومشروعٍ فاشل، بل كارثةٍ وطنية على الجنوب. إن البحث عن حلٍ عادل ومنطقي لقضية الجنوب، ينطلق بالضرورة من هذه الحقيقة القاسية: فالشعب الذي رضي بالوحدة، ودفع ثمنها غاليًا، لم يجنِ منها سوى المآسي. وعليه، فإن حق هذا الشعب في تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة التي تحقق له الكرامة والأمن والرخاء، لم يعد مجرد مطلب سياسي، بل أصبح ضرورة وجودية، و منطقاً لا يمكن دحضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.