انتهى النصف الأول من الدوري الإسباني لكرة القدم، والخلاصة، تفوق للفريق الكتالوني الذي حطم الأرقام القياسية، وتراجع لبطل الموسم الماضي ريال مدريد، مقابل تألق لجاره أتلتيكو، فيما انهارت فرق عريقة كأتلتيك بلباو ودخلت حوار ضمان البقاء مبكراً. بانتصاره 3-1 على ملقا في المرحلة التاسعة عشرة، أنهى برشلونة مرحلة الذهاب متصدراً للترتيب العام بفارق 11 نقطة عن أقرب ملاحقيه أتلتيكو مدريد الذي كان المفاجئة السارة لبطولة عودتنا على المنافسة الثنائية، وبدا ريال مدريد مضطرباً لأنه فقد نقاطاً عديدة جعلته ينهي مرحلة الذهاب في المركز الثالث الغريب على ملوك العاصمة الإسبانية.
برشلونة يغرد بعيداً عن السرب
بعد فوزه بلقب كأس ملك إسبانيا وهو اللقب الوحيد للفريق الكتالوني في الموسم الماضي، نظم برشلونة صفوفه من جديد وعيّن تيتو فيلانوفا على رأس الإدارة الفنية للفريق، بعد استقالة مدربه السابق بيب غوارديولا الذي اختار أخذ قسط من الراحة بعد 4 سنوات من التألق مع الب"لوغرانا". وكما أثير الجدل بعد تعيين غوارديولا قبل أربعة أعوام تكرر الأمر ذاته مع فيلانوفا، فهناك من بارك القرار وهناك من رأى فيه خطوة متسرعة من قبل إدارة الرئيس ساندرو روسيل. ومع انطلاقة الموسم الحالي بدأت المنابر والأقلام المعارضة لتعيين فيلانوفا في الاختفاء، ليس حباً في تيتو إنما للنتائج التي حققها الرجل مع الفريق في الجولات الأولى من الموسم، فبعد مرور 6 مراحل على ضربة البداية لم يخسر ال"بلوغرانا" أي نقطة، وتوقف قطار فيلانوفا السريع عن حصد النقاط الثلاث في الموعد الكبير أمام البطل ريال مدريد عندما تعادل الفريقان 2-2 في كامب لحساب المرحلة السابعة. ومنذ تعادلهم مع غريمهم الأزلي ريال مدريد وخسارتهم لنقطتين في الترتيب العام، عاد زملاء ميسي إلى العزف من جديد واكتسحوا فرق الدوري الإسباني على اختلاف أسمائها داخل معقل "كامب نو" وخارجه ومع مرور الجولات زادت ثقة الجماهير واللاعبين بالمدرب وتحول برشلونة إلى "تسونامي" جاء على الأخضر واليابس في النصف الأول من الموسم الكروي في إسبانيا. هذا التألق الكبير للفريق الكتالوني فتح الأبواب على مصراعيها أمام كتابة التاريخ وتحطيم الأرقام القياسية، فال"بلوغرانا" سجل إلى حدود المرحلة العاشرة أفضل بداية له في تاريخ الدوري الإسباني حيث نجح في تحقيق الانتصار في 9 مباريات وتعادل في مباراة واحدة دون أن يتعرض لأي هزيمة، ولم يتوقف إعصار الفريق عند هذا الحد، فقد أكمل مرحلة الذهاب محققاً 18 فوزاً وتعادلاً وحيداً من جملة 19 جولة لينهي الفريق المرحلة الأولى من الموسم متصدراً برصيد 55 نقطة من جملة 57 نقطة ممكنة إضافة إلى تسجيله 64 هدفاً، ليسجل أفضل مرحلة ذهاب في تاريخ الدوري الإسباني. على المستوى الفردي تفوق لاعبو برشلونة أيضاً على بقية اللاعبين في الدوري الإسباني، حيث تصدر ميسي قائمة الهدافين ب 28، كما تفوق نجوم برشلونة في عدد التمريرات الحاسمة إذ تصدر إنييستا ب11 تمريرة ثم فابريغاس ب9 وميسي ب 8 تمريرات حاسمة، أما في الدفاع فجاء برشلونة في المركز الثالث بتلقيه 20 هدفاً بالتساوي مع ريال مدريد وأوساسونا خلف ملقا أقوى خط دفاع (16 هدفاً) وأتليتيكو مدريد الثاني (18 هدفاً). لكن الجديد في "الليغا" هذا الموسم كان تألق الفريق الثاني للعاصمة الإسبانية أتلتيكو مدريد الذي ثبت نفسه في المركز الثاني للدوري رغم الفارق الكبير الذي يفصله عن المتصدر برشلونة. أتلتيكو يفرض الاحترام
على غير عادته في المواسم الماضية، تألق "اللوس روخي بلانكوس" في مرحلة الذهاب من الموسم الحالي إذ أن فريق المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني تمكن من مجاراة الكبيرين برشلونة وريال مدريد وافتك مرتبة الوصافة بجدارة فالفريق حقق العديد من الانتصارات داخل ملعبه وخارجه، فزملاء الكولمبي راداميل فالكاو نالوا العلامة الكاملة على ملعبهم إذ انتصر الفريق في 10 مباريات من أصل 10 خاضها على أرضية "فيثينتي كالديرون" مقابل 4 انتصارات وتعادلين و3 هزائم خارج القواعد مما أهلهم لاحتلال المركز الثاني برصيد 44 نقطة بفارق 7 نقاط عن الجار ريال مدريد. كما تميز أتلتيكو بدفاع حصين في النصف الأول من الموسم، ولم تتلقَّ شباك الحارس البلجيكي كورتوا سوى 18 هدفاً مقابل 40 هدفاً في شباك الخصوم كان لفالكاو نصيب الأسد منها ب18 ليحتل المركز الثاني في ترتيب الهدافين خلف ميسي، كما حقق "لوس روخي بلانكوس" أكبر فوز في مرحلة الذهاب حين اكتسح ضيفه ديبورتيفو لاكورونا 6-0 على ملعب "فيثنتي كالديرون". ذهاب ملفت لأتلتيكو لكن الفريق لم يصمد كعادته أمام غريمه ريال مدريد رغم أنه قدم مباراة تكتيكية رائعة لكنه تلقى الهزيمة التي أبعدت برشلونة في الصدارة قبل أن يذهب إلى "كامب نو" في رحلة شاقة جنى منها أربعة أهداف في شباكه. ريال مورينيو يترنّح
فاز ريال مدريد بلقب الدوري الإسباني الموسم الماضي بعد غياب ثلاثة مواسم عن عرش "الليغا" وحقق الفريق رقماً قياسياً تاريخياً بحصده 100 نقطة على امتداد الموسم، وانتظر الجميع أن يواصل الفريق الملكي على نفس الوتيرة مع المدرب الداهية البرتغالي جوزي مورينيو، لكن جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن البيضاء، وجاء النصف الأول من موسم الملوك كارثياً بالنظر لما جناه الفريق في الموسمين الماضيين في المرحلة نفسها، إذ أن ريال مدريد الموسم الحالي فاز في 11 مباراة وخسر في 4 وتعادل في 4، في حين حقق في ذهاب الموسم الأول "للسبيشال وان" مع الفريق" 15 فوزاً و3 تعادلات وخسارة وحيدة محققاً 48 نقطة، أما الموسم الماضي فاستطاع "الميرينغي" حصد 49 نقطة من 16 انتصاراً وهزيمتين وتعادل، مقابل 37 نقطة فقط هذا الموسم. هذا البون الشاسع بين نتائج الموسمين الماضيين وهذا الموسم تكشف أن ريال مدريد يمر بأسوأ حالاته مع مورينيو، كما أن الأخير بدوره يعيش أسوأ فتراته التدريبية منذ دخوله غمار التدريب قبل 12 عاماً إذ أعدّ موقع "كونفيدنشال الإسباني" تقريراً يبرز أن "السبيشال وان" لم يحتل مركزاً في تاريخه مع بورتو أوتشلسي أو إنتر يبتعد عن المتصدر ب18 نقطة. تراجع نتائج ريال مدريد أثّر على الجو العام للنادي وزادت المشكلات في غرفة الملابس بين المدرب واللاعبين ولعل خلاف مورينيو مع سيرجيو راموس أبرز دليل على ذلك، كما جاءت حادثة إبقاء الحارس إيكر كاسياس على مقاعد البدلاء في مباراة ملقا لتؤكد أن الأجواء غير نقية في حظيرة الملكي، وهو ما انعكس سلباً على نتائج الفريق ليحتل المركز الثالث بعد نهاية مرحلة الذهاب. من الناحية الفردية لم يكن نجوم الأبيض الملكي في قمة مستواهم كما كانوا في الموسم الماضي، فالبرتغالي كرستيانو رونالدو لم ينجح في تقديم الأداء الباهر الذي ظهر به الموسم الماضي، رغم أنه يتصدر قائمة الهدافين في فريقه ب16 هدفاً لكن يتأخر عن المتصدر ميسي ب12هدفاً. أمور عديدة ساهمت في تراجع نتائج الفريق الملكي في النصف الأول، مما جعلته يتعرض للتهديد بالانسحاب من مسابقة الكأس إذ انهزم في ذهاب ثمن النهائي أمام سيلتا فيغو لكن زملاء راموس تداركوا في لقاء الإياب وضمنوا التأهل إلى ربع نهائي المسابقة التي قد تنقذ موسم الفريق من الخروج خالي الوفاض محلياً بعد أن تعقدت الوضعية في الحفاظ على لقب الدوري. نتائج متذبذبة لملقا
استهل ملقا الموسم الحالي بأفضل ما يكون إذ استمر الفريق دون هزيمة لست جولات متتالية (4 انتصارات و تعادلان) إلى حدود المرحلة السابعة حين مني الفريق بالخسارة الأولى في الدوري أمام مضيفه أتلتيكو مدريد 1-2، وبعد هذه الهزيمة بدأت نتائج الفريق الأندلسي بالتذبذب بين الإيجابي والسلبي، ومني بهزائم غير متوقعة على ملعبه كالهزيمتين أمام رايو فاليكانو وريال سوسيداد، فيما عاد أحياناً أخرى بانتصارات صعبة كذلك الذي حققه أمام جاره إشبيلية من ملعب "سان بيثخوان" الصعب. كما أنهى أبناء المدرب إيمانويل بيليغريني سلسلة الهزائم المتتالية أمام ريال مدريد وفازوا عليه 3-2 في مباراة مثالية من الفريق الأندلسي، من جهة ضمن الفريق التأهل إلى الدور الثمن النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا متصدراً المجموعة أمام ميلان الإيطالي، لكن تذبذب النتائج في الدوري جعلته يبتعد عن المقدمة لكن الفريق حافظ على حظوظه كاملة في المراهنة على مركز أوروبي رغم العقوبة المسلطة عليه من الاتحاد الأوروبي بعد خوض المنافسات القارية الموسم القادم، واحتل ملقا في نهاية مرحلة الذهاب المركز الخامس برصيد 31 نقطة مع علامة إيجابية للفريق الذي يعد أقوى خط دفاع في إسبانيا بقبوله 16 هدفاً فقط. أما في آخر الترتيب فالحوار مازال مفتوحاً بين أكثر من 8 فرق ستعمل على تدارك ما فاتها في مرحلة الذهاب وضمان البقاء في الدرجة الأولى، ولو ألقينا نظرة على جدول الترتيب في نهاية مرحلة الذهاب، نجد أن الوضعيات متشابهة بين الفرق التي تقاتل من أجل ضمان البقاء، لذلك فإنه من المبكر أن نتحدث عن من سيغادر "الليغا" ومن سيبقى، لكن اللافت في حوار البقاء هذا الموسم، هو وصول زائر جديد لم يسبق له أن عانى كما يعاني حالياً، إنه العريق أتليتيك بيلباو الذي خاض مرحلة ذهاب كارثية جعلته يحتل المركز الرابع عشر برصيد 21 نقطة وبفارق 6 نقاط فقط عن صاحب المركز الأخير أوساسونا. وللإشارة فإنه لم يسبق للفريق الباسكي أن غادر دوري الدرجة الأولى الإسبانية، لكن الأمور تسير إلى ما لا يتمناه عشاق بيلباو، ومع وجود هذا الفريق العريق إضافة إلى مايوركا وديبورتيفو لاكورونا فإن الأنظار ستتجه إلى حوار أسفل الترتيب لقيمة الفرق المهددة بمغادرة "الليغا".
