كنت طالبا في المستوي الرابع _ بيولوجي _ تربية جامعة صنعاء _ وبدأت الحرب الأولي علي مران بلدي ومسقط رأسي يوم السبت 19 يونيو2004م وكانت الإختبارات النهائية للترم الاخير لم تنته حيث كان لا يزال معي اربع مواد لم نختبرهن ، كنت والكثير من أبناء محافظة صعدة نعيش في صنعاء متنكرين في تحركاتنا وملبسنا ومسكننا فقد رصدت المبالغ المالية كمكافآت لمن يقبض علي احد من صعدة أو يدل عليه وكنا بين خيارين إما أن نتخفي ونتنكر لكي نستطيع اكمال تعليمنا واختباراتنا أو أن نغادر صنعاء هربا من جلاوزة الأمن السياسي وسماسرة القومي .. اصريت مع كثير من زملائي علي مواصلة امتحاناتنا وبعض زملائي تم اعتقالهم من قاعات الامتحان والبعض الآخر من حرم الجامعة وآخرون من السكن الطلابي الجامعي ..تهمتهم فقط (صعدة).. توجهت لانضم مرافقا شخصيا للسيد يحيي بدرالدين الحوثي عضو مجلس النواب لكي أحاول الجمع بين تأمين نفسي واكمال دراستي .. كثير من الزملاء تمت مطاردتهم من جامعة عمران وآخرون من كلية ارحب ومن المعهد الصحي بصنعاء ومن المعاهد المهنية ليجمعنا القدر والضرورة في شقة متواضعة لا يخرج احدنا الا متنكرا ولتبدأ رحلة العودة الصعبة الي مسقط الرأس بمران خصوصا وصعدة عموما . وبين الحين والآخر نودع بعض اخوتنا ممن يقررون المغامرة للوصول الي البلد فمنهم من حالفهم الحظ بالوصول تارة متنقلا في السيارات وتارة سيرا علي الاقدام وآخرون وقعوا فريسة سماسرة النظام ومرتزقته واعتقلوا وآخرون تم قتلهم في الطرقات قبل الوصول.. تحركت انا مع الوساطة الأخيرة كمرافق مع السيد يحيي بدر الدين وكم كنت اري شرارات الحقد المتطايرة من عيون الطغاة ونبرات السخرية والإستهزاء والإحتقار والبذاءة حتي في الالفاظ السوقية والتي يخجل المرء أن يقولها حتي لأسوأ الناس ، والأسوأ أنها كانت تأتي من وزراء وقيادات تنظيمية عليا في احزاب السلطة الحاكمة . كم كنا نتمني ان يكون للشرف والكرامة واحترام الاعراض مكانا ولو يسيرا في قاموس حياتهم ومنطقهم لكي يمكن التخاطب معهم ، لكن نبرة السفه والعلو والغطرسة هي من كانت تحكمهم .. لا أريد الخوض كثيرا فالحديث فيه محطات لن تمحي من الذاكرة ما حييت سلبية بكل معانيها ، وإيجابية للشرفاء والأحرار والمستضعفين بكل عناوينها.. هنا وبمناسبة ذكري استشهاد الشهيد القائد أذكر أننا ذهبنا مع بعض أعضاء لجنة الوساطة للقاء السيد العلامة بدر الدين الحوثي رحمة الله عليه سعيا منهم للحصول علي رسالة خطية أو شفهية ينقلونها للشهيد القائد ليسلم نفسه ويتنازل عن مشروعه .. فكان الرد من السيد بدر الدين عليهم كالصاعقة حيث قال بنبرة الغضب لله وقوة الإيمان والثقة به .. (أنا لا أري نفسي إلا جنديا من جنود الله تحت راية الولد حسين ولن أعصي له أمرا فيه لله رضي فاذهبوا إليه فالجندي لا يملي علي قيادته).. تلك الكلمات كانت بالنسبة لي كمنهجية وعزيمة تخلدت وتجذرت مع مرور الزمن وتعاقب الاحداث وستبقي الي ابد الآبدين .. نسأل الله الثبات وحسن الختام..