استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    أخر مستجدات إعادة فتح طريق رابط بين جنوب ووسط اليمن    الوزير الزعوري يناقش مع مؤسسات وهيئات الوزارة مصفوفة الأولويات الحكومية العاجلة    سرايا القدس: قصفنا بالهاون جنود العدو في مدينة غزة    الصهاينة فرار للخارج ونزوح بالداخل هربا من صواريخ إيران    الرهوي : العلامة السيد بدرالدين الحوثي كان منارة في العلم وتتلمذ على يديه الكثير    أبو شوصاء يتفقَّد قصر الشباب ويطِّلع على مستوى الانضباط في الوزارة والجهات التابعة لها    ماكرون يكشف عن عرض أمريكي إلى إيران بشأن وقف إطلاق النار    تلوث نفطي في سواحل عدن    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس أركان الجيش الإيراني الجديد    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    قصة مؤلمة لوفاة طفلة من ردفان في أحد مستشفيات عدن    انهيار مخيف الدولار يقترب من 2700 ريال في عدن    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025    الإفراج عن 7 صيادين يمنيين كانوا محتجزين في الصومال    أمنية تعز تعلن ضبط عدد من العناصر الإرهابية المتخادمة مع مليشيا الحوثي الارهابية    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    د.الوالي: لن نشارك في تظاهرة هدفها ضد استقلال الجنوب العربي ورمزها الوطني    صوت الجالية الجنوبية بامريكا يطالب بالسيادة والسلام    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على خلية حوثية    الشرق الأوسط تحت المقصلة: حربٌ تُدار من فوق العرب!    قرار مفاجئ للمرتزقة ينذر بأزمة مشتقات نفطية جديدة    اخماد حريق بمركز تجاري في اب    بعض السطور عن دور الاعلام    راموس: اريد انهاء مسيرتي بلقب مونديال الاندية    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    وجبات التحليل الفوري!!    كأس العالم للأندية: تشيلسي يتصدر مؤقتاً بفوز صعب ومستحق على لوس انجلوس    السامعي يدعو لعقد مؤتمر طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي لبحث تداعيات العدوان على إيران    اتحاد كرة القدم يقر معسكرا داخليا في مأرب للمنتخب الوطني تحت 23 عاما استعدادا للتصفيات الآسيوية    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    نائب وزير الاقتصاد يلتقي وكيل وزارة الخدمة المدنية    أمين عام الإصلاح يعزي البرلماني صادق البعداني في وفاة زوجته    البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية    الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن    تصنيف الأندية المشاركة بكأس العالم للأندية والعرب في المؤخرة    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد المساخر اليهودي ويوم التهكم الإسرائيلي
نشر في شهارة نت يوم 15 - 03 - 2017

لم يمر عيد المساخر اليهودي هذا العام في فلسطين المحتلة دون إشاراتٍ سياسيةٍ، وإيحاءاتٍ قوميةٍ، وسلوكياتٍ عنصريةٍ، وتصرفاتٍ يمينيةٍ متطرفةٍ، وأخرى كيدية حاقدة، وتحريضية متعمدة، حرص المستوطنون اليهود على إظهارها دون خوفٍ، وتعمدوا التعبير عنها دون حرجٍ، وبالغوا في التركيز عليها بقصدٍ ونيةٍ، وكأنهم يريدون استغلال المناسبة الدينية في توجيه رسائل سياسية وأخرى عقدية إلى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، مفادها أنهم الأقوى في المنطقة، والأثبت على الأرض، والأحق في المقدسات، والأجدر بالبقاء، والأفضل في الشرق الأوسط، والأكثر جذباً بين الدول، وأن المستقبل لهم، والأيام تعمل لصالحهم، والواقع يصدقهم، ومجريات الأحداث تخدمهم، والجميع في المنطقة ممن كانوا أمس لهم أعداءً باتوا اليوم أصدقاءً بهم، يتقربون إليهم ويحبون ودهم، ويصنعون التحالفات معهم، ويعقدون الصفقات ويبرمون العقود معهم.
استهزأ الإسرائيليون في عيدهم بالعرب والمسلمين معاً، ولم يراعوا حرمة الشعيرة الدينية، ولم يلتزموا حدود اللياقة واللباقة والأدب، بل كانوا بذيئين في ألفاظهم، وخشنين في تصرفاتهم، وفاحشين في أفعالهم، وسكت عنهم المعنيون، وسهل أفعالهم المشينة المسؤولون الأمنيون والعسكريون والسياسيون، الذين شعروا بنشوة الاستعلاء، وفرحة التميز، فسمحوا للمستوطنين بالتعبير عما يجول في صدروهم ويجيش في قلوبهم، ويرغبون في التعبير عنه فلا يستطيعون أحياناً، فأوكلوا المستوطنين بالمهمة، وسمحوا للعامة بها، فعلا صوتهم وارتفعت عقيرتهم وهم يتبجحون بقوتهم، ويعتزون بتفوقهم، ويقرعون أعداءهم على مواقفهم، ويذكرونهم بضعفهم، ويستخفون بأحلامهم، ويهزأون من أمالهم، ويعدونهم بالأسوأ، ويهددونهم بالأخطر.
استغل الإسرائيليون عيد المساخر فاجتاح المئات منهم باحات المسجد الأقصى، ودخلت جماعاتٌ كبيرة منهم داخل أسوار المسجد من باب المغاربة الذي اعتادوا على اقتحامه والدخول منه، وقامت قواتٌ من الشرطة والجيش بحمايتهم، ومنعوا المصلين الفلسطينيين من الاقتراب منهم، أو محاولة منعهم من الدخول إلى المسجد، أو أداء الصلوات اليهودية في باحاته، حيث يعتقدون أنه يجب عليهم أداء الصلاة خلال العيد داخل باحات "جبل الهيكل"، ولهذا جاؤوا إلى المسجد واقتحموه عنوةً، وسكت عن فعلهم المسؤولون لاقتناعهم بسلوكهم، واعتقادهم بعملهم، وعدم اهتمامهم باعتراض الفلسطينيين أو معارضة العرب والمسلمين لانشغالهم، في قضايا أخرى وانهماكهم في شجونٍ أقسى وهمومٍ أكبر.
يسخر الإسرائيليون في عيد المساخر، الذي يكاد يكون بالنسبة لهم العيد الأكثر شعبيةً، والذي يشارك فيه الصغار والكبار معاً، في كرنفالٍ مفتوحٍ ومستمرٍ، فيما يبدو أنه حالة فرحٍ وحبور بنجاتهم من الإبادة، وخلاصهم من الذبح، وانتصارهم على اللاسامية، وبقائهم على قيد الحياة جيلاً بعد آخر، في مواجهة الملوك الذين تآمروا عليهم، والأباطرة الذين انتقموا منهم، إلى أن وصلوا إلى عهد الدولة وزمان السلطة، فأصبح لهم كيانٌ وحكومةٌ وعلم، تحميهم وتدافع عنهم، وتحصنهم وتحافظ عليهم، وتمكنهم من الاحتفال بأعيادهم، وإحياء مناسباتهم، وشكر الرب على نجاتهم.
يرى الإسرائيليون أنهم انتصروا على المحن والمصائب، وتجاوزوا التحديات والصعاب، وصمدوا في مواجهة حملات التطهير والإبادة، بينما أعداؤهم العرب يراكمون الفشل تلو الفشل، ويخرجون من هزيمةٍ إلى أخرى، ولا يحققون انتصاراً إلا على أنفسهم، ولا ينفقون أموالاً إلا لتدميرهم وخراب بيوتهم، في الوقت الذي يملكون فيه أموالاً طائلةً، وقدرات عظيمة، ولكنها أموالٌ تبذر وطاقاتٌ تهدر، دون أن يستفيد منها الفلسطينيون، أو تنتفع منها الشعوب العربية، ولعل هذا ما عبرت عنه مجموعة من المستوطنين في مدينة الخليل، الذين استهزؤوا بمكبرات الصوت من العرب، بينما كان بعضهم يحمل سلاحه، وجنودٌ من الجيش يقفون إلى جانبهم، يشكلون لهم حمايةً، ويعبرون عن رضاهم عما يقوله المستوطنون، وموافقتهم على ما يفعلونه بالفلسطينيين.
يتنكر الإسرائيليون في عيد المساخر بكل الأشكال والهيئات، فيلبسون أقنعةً لحيواناتٍ وطيورٍ على أنواعها، ولوجوهٍ شيطانية أو لطيفة، ولشخصياتٍ فلكلورية ووجوهٍ مضحكةٍ، وتضع النساء والفتيات على وجوههن أصباغاً كثيرةً، ويفرطون في استخدام الألوان الكثيرة، ويصبغن شعورهن بألوانٍ غريبةٍ، بينما يفرح الأطفال وهم يتنكرون بوجوهٍ عدةٍ، ويأكلون أنواعاً من الحلوى كثيرة، ويتناولون فطائر شهية، في محاولةٍ من الجميع لإظهار الفرح لنجاة أجدادهم من الإبادة، بينما يمارسون في كل يومٍ أعمالَ إبادةٍ وقتلٍ ممنهجٍ ومدروسٍ ضد الشعب الفلسطيني، ويقترفون في حقه أبشع الجرائم والموبقات، ويمارسون ضده بكل قسوةٍ وعنفٍ ما يحتفلون بالنجاة منه اليوم، وبدلاً من أن تدفعهم النجاة لشكر الرب وحفظ دماء وحقوق وممتلكات الآخرين، نراهم ينتقمون من غيرهم، ويصبون جام غضبهم عليهم، وكأنهم يثأرون ويقتصون لأجيالهم منهم، ويجعلون من عيدهم نقمةً على الفلسطينيين ولعنةً في أرضهم.
ربما يقول قائلٌ يحق لليهود جميعاً والقاطنين فلسطين تحديداً الاعتداد بالقوة، والاعتزاز بالفوقية، والنشوة بالتميز، والتعالي والتيه والتفاخر، بل والغطرسة والخيلاء، فحالهم اليوم أفضل من حال العرب جميعاً، وأكثر تماسكاً من كثيرٍ من المسلمين، وهم يُهدِدون ولا يُهدَدون، ويخيفون ولا يخافون، وذراعهم طويلة وأعينهم بصيرة، ويصلون إلى حيث يريدون وقتما وكيفما يشاؤون، ويقف المجتمع الدولي معهم ويساندهم، وعندهم جيشٌ عصري متقدم ومتطورٌ، وأسلحة قوية وفتاكة، وأخرى رادعة ومدمرة، وعندهم حقوقٌ للإنسان وكرامةٌ للمواطن، ولديهم ديمقراطية يحترمونها، ومجتمعهم يخلو من التطرف الداخلي والعنف الطائفي، وهم عند الأزمة ووقت الحرب والمصيبة على قلب رجلٍ واحدٍ، يجمعون على الأهداف القومية، ويلتقون عند المنطلقات الدينية والعقدية، ويحاولون تجاوز الأزمات بوحدتهم، والانتصار على العدو باجتماع كلمتهم.
إنهم شعبٌ ملعون وليسوا مضطهدين، وهم مكروهون وغير محبوبين، وهم سبب الفتنة وأساس الفرقة، يفسدون كل جمع، ويبطلون كل عقد، ويقطعون كل سبيل، قد يضحكون منا اليوم ويهزأون، وقد يتهكمون من بعضنا ويتشدقون، ولكهم يعلمون يقيناً أن هنالك ثمة أجيال أخرى، تختلف عن السابقين، وتتفوق على الماضين، وتثور على القاعدين، رؤوسها عالية، وقاماتها منتصبة، وجبينها مرتفع، وأقدامها على الأرض ثقيلة، ووطؤها للعدو عنيفٌ، ومراسها في الميدان شديدٌ، وثباتها في القتال عنيدٌ، ومقاومتها عظيمةٌ، أثبتت على الأرض وفي الميدان، أن أحداً لا يهزأ منا، وأن عدواً لا يقوى على التهكم بنا، وأن من أبكانا قديماً فسيبكي اليوم، ومن أسرنا أمس فسنأسره اليوم وغداً، ومن تشدق بالانتصار علينا فإننا سنهزمه وسننتصر عليه، وإن رأوا هذا اليوم بعيداً فإننا نراه بنور الله وفضله قريباً، ويومئذٍ يفرح المؤمنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.