السعودية أمام العراق.. تذكرة مونديالية وخطوة تصنيفية    بعد التأهل.. غانا تحتفل في دار الأيتام    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    بعد إضراب شامل للمخابز.. تعديل سعر الخبز في مدينة تعز    النائب بشر يوجّه رسالة لأطراف الصراع في اليمن    السامعي: ثورة 14 أكتوبر المجيدة شكّلت منعطفًا تاريخيًا في مسيرة النضال الوطني    الجاوي: الأجهزة الأمنية لسلطة صنعاء لا تراعي الخصوصية اليمنية    الطريق إلى رجاح    قراءة تحليلية لنص أحمد سيف حاشد "تأملات تتنهد أسىً وأسئلة!"    اكتشاف خزنة تاريخية في صيدلية الفارسي بكريتر وإسرائيل تدعي ملكيتها    من يصرخ "أنا جائع" يُختطف.. الحوثي يحول الفقر إلى أداة قمع    أكتوبر وواحدية الثورة    ناطق الإصلاح: ثورة 14 أكتوبر أثبتت وحدة الهدف والمصير بين أبناء الوطن في شماله وجنوبه    وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان يهنئان قائد الثورة بالعيد ال 62 لثورة 14 أكتوبر    اجتماع بصنعاء يناقش جوانب التنسيق بين هيئة المواصفات وغرفة تجارة الأمانة    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة: سنبقى في حالة انتباه وجهوزية ورصد لمسار الاتفاق مع العدو الصهيوني    لحج.. مياه الأمطار تفاقم معاناة النازحين بمديرية طور الباحة    الهجرة الدولية: انهيار الوضع الاقتصادي يجبر اكثر من 200 يمني على النزوح خلال أسبوع    انتقالي وادي وصحراء حضرموت يطلع على التحضيرات النهائية للجنة الحشد النسوية    حين يفقد الموظف راتبه تفقد الدولة وجهها الإنساني    سلطة المنصورة تصادر المواد الغذائية المعرضة لأشعة الشمس في الاسواق    14 أكتوبر.. تحولات النضال اليمني من التحرر إلى السيادة    نتنياهو يعلن انتهاء الحرب وترامب يصل تل أبيب والطرفان يتبادلان الأسرى    "طوفان الأقصى ".. غزة تدون التاريخ    مرض الفشل الكلوي (23)    وفاة واصابة 3 مواطنين جراء انهيار ترابي في إب    المغرب إلى نصف نهائي مونديال الشباب بثلاثية في أمريكا    إصلاح البيضاء يختتم الدوري الرياضي الثاني للطلاب بتتويج فريق 30 نوفمبر بطلا للدوري    انخفاض مفاجئ لدرجات الحرارة يوم غد    الذهب يواصل الصعود التاريخي    وكيل وزارة الخارجية يلتقي المدير الإقليمي للصليب الأحمر    أزمات متكررة ومعاناة لا تنتهي    إيران تحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث احتياطيات الغاز    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    الإمارات تقود السلام.. من غزة إلى عدن    تهامة سلة أمننا الغذائي (1)..شريان الحياة في تهامة: حكاية وادي زبيد    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    قراءة تحليلية لنص "جنية تعشق أبي" ل"أحمد سيف حاشد"    عدن.. صرف مرتب واحد بالاستدانة ومصير مجهول لمرتبين رغم وعود الحكومة بالجدولة    قيادي في حماس يتهم إسرائيل بالتلاعب بقوائم الأسرى ويكشف عن خروقات في التنفيذ    المنتخب الوطني يصل الكويت ويجري تدريبه الأول استعداداً للقاء الإياب أمام بروناي    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ظاهرة خطف الاطفال تعود الى الواجهة من تعز    العراق ينجو من فخ إندونيسيا    هولندا تقسو على فنلندا برباعية نظيفة في تصفيات المونديال    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    لماذا لا يوجد "بحر اليمن"؟    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض خطيرة!    خبير في الطقس: تدفق هائل للرطوبة باتجاه اليمن وبقايا الاعصار المداري ما تزال تتحرك فوق البحر    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل في أمانة "الانتقالي"    وفاة 3 في حادث خطير للوفد المرافق لرئيس الوزراء القطري بشرم الشيخ    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    14 أكتوبر ..نصر عدن يواجه الجلاء في افتتاح قرعة كأس العاصمة عدن 2025 بنسختها الثالثة .    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطينُ أكبرُ من غزةَ وأعظمُ من القدسِ
نشر في شهارة نت يوم 02 - 04 - 2019

نخطئ كثيراً عندما ننسى فلسطين التاريخية، الأرض العربية الفلسطينية، سوريا الجنوبية، البلاد التي سكنها العمالقة وعَمَّرَها اليبوسيون، الديار المقدسة التي فتحها عمر بن الخطاب، وعبر منها سيف الله المسلول خالد بن الوليد ودخلها داهية العرب عمرو بن العاص، وسكنها من بعدهم الصحابة الكرام ودفن فيها السلف الصالح، وطهرها سيف الدين قطز، وحررها السلطان صلاح الدين الأيوبي، وسكنها العربُ الفلسطينيون، وعاش فيها المسلمون والمسيحون، يحملون معاً الهوية الفلسطينية، وينتمون إلى القومية العربية، وينطقون جميعاً باللغة العربية، ويدينون بالإسلام والمسيحية، وننشغل عنها كلها بمدينةٍ فيها أو بمحافظةٍ منها، وهي التي تشمل كل المحافظات وتحتضن كل المدن، ففيها القدس والرملة، وحيفا ويافا، والخليل ونابلس، وغزة والجليل، وبيسان والطيرة، والعفولة والخضيرة، والناصرة وقيسارية، وأم الفحم وبئر السبع، وعكا وطبريا، وصفد وصفورية، وغيرهم من مدن فلسطين التاريخية، وحواضرها القديمة، ومرافئها العتيدة، ومدنها العامرة.
فلسطين هي الأم والوطن، وهي الأرض والهوية، وهي الشرف والكرامة، وهي الشهامة والأصالة، وهي الجبين والشامة، وهي الروح والقلب معاً، إليها تنتسب مدنها وينتمي أهلها، ومنها يأخذون المكانة ويحظون بالقدر والقيمة، وبها عن غيرهم يتميزون وبسببها يتقدمون ويبجلون، إذ لا قيمة لبقعةٍ من الأرض تنتزع من فلسطين وتنفصل عنها، ولا حياةَ لجزءٍ يقطع منها أو ينسلخ عنها، كما لا فضل لمدينةٍ على أخرى إلا بالنسب والانتماء، والتضحية والعطاء، والبذل والفداء، فهم سواءٌ يتساوون، وأترابٌ يتشابهون، وترابٌ بها يتقدس، وبقاعٌ بالانتماء إليها تتطهر، وهي جزءٌ من الأرض التي باركها الله عز وجل بين العريش والفرات، ولكنه جلّ شأنه خصها وحدها كلها بكل بقاعها بالتقديس.
لهذا فإننا نخطئ كثيراً عندما نعلي شأن بقعةٍ من ديارنا المقدسة أياً كانت فوق فلسطين، أو على حساب غيرها من أرضنا المباركة، ونعتقد بأنها قلب فلسطين النابض وعنوانها الثائر، وأنها إن كانت بخيرٍ فإن فلسطين كلها بخيرٍ، وإن أصابها مكروهٌ أو حلت بها مصيبة، فإن فلسطين كلها في كربٍ ومحنةٍ، وإن كان هذا الأمر صحيحٌ وإيجابي بمعناه العام الأخوي والتضامني، الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى"، إذ يُحزن فلسطين كلها ما يصيب غزة وما يلحق بها جراء العدوان والقصف الإسرائيلي، أو بسبب الحصار والتضييق الظالم المفروض عليه، كما يُحزن الأرض الفلسطينية كلها، ومعها بقاع العالم الإسلامي كله، ما يصيب مدينة القدس والمسجد الأقصى من تنكيلٍ وتدنيسٍ، واعتداءٍ وتخريبٍ، واقتحامٍ واستيلاءٍ، ولذلك فإنهم معهما يتضامنون، ولها يتداعون، وعليها يقلقون ويهتمون.
لا أقلل أبداً من شأن المدينتين العظيمتين ولا أحقر من نضالهما أو أستخف بمعاناتهما، فالقدس التي باركها الله عزو وجل وما حولها، المدينة العربية الفلسطينية الخالصة، عاصمة فلسطين وزهرة مدائن العرب والمسلمين، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السماوات العلى، لكن ما قيمتها إن بقي العدو الإسرائيلي محتلاً لكل ما حولها، ومسيطراً على كل ما سواها، فحرية القدس تتحقق عندما تتحرر فلسطين، وطهرها يكون عندما نطرد المحتلين الغاصبين منها، وأصوات مآذنها وأجراس كنائسها تصدح عندما تعود فلسطين كلها من بحرها إلى نهرها إلى كنف الأمة العربية، حرةً كما كانت، وعزيزةً كما نتمنى.
أما قطاع غزة الذي إليه أنتمي وأنتسب، وبه أتشرف وأفتخر، إذ فيه ولدت وترعرعت، وفي مدارسه تعلمت وتخرجت، وفي دروبه نشأت ولعبت، وهو الشريط الممتد على طولٍ بالبحر المتوسط مسافةً تزيد قليلاً عن أربعين كيلو متراً، ويحمل اسم مدينته العريقة الموغلة في القدم، والضاربة في أعماق التاريخ الإنساني، وفيه يسكن مئات الآلاف من أبناء فلسطين التاريخية، وإن كان جلهم من نصفها الجنوبي وصحراء النقب، ففيه أهل يافا واللد والرملة، وأسدود والفالوجا والمسمية، وبئر السبع والنقب وعسقلان وغيرها من مدن وبلدات الساحل والصحراء.
وهو الذي أعطى الكثير وقدم العزيز من أبنائه ورجاله، وضحى بشبابه وأجياله، وصنع انتفاضة الحجارة الأولى وخاض مسيرة العودة الكبرى، وما زال يبدع كل يومٍ أسلحةً جديدة، ووسائل قتالية كثيرة، ويضرب للعالم بأسرة أمثولةً في المقاومة والنضال، ورغم ذلك لا ينبغي أن يقدم على بقية فلسطين، ولا أن يكون حصاره هو الأزمة، ومعاناته هي المحنة، إنما الأزمة هي الاحتلال، والمصيبة هي العدو الجاثم على صدر الوطن كله، جنوبه وقلبه وشماله.
لكنهما مع عظم مكانتهما المقدسة والنضالية، وكونهما أيقونةً شعبيةً وأمميةً، ورغم قيمتهما الرمزية والدينية العالية، وما لهما من مكانةٍ وأثرٍ بالغين في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين أجمعين، وفداحة ما يتعرضان له من ظلمٍ واضطهادٍ وبغيٍ وعدوانٍ، فإنه لا ينبغي أن تطغيا على فلسطين كلها، وأن يختصرا فلسطين في حدودهما، ولا يجوز أن نجعلهما فقط محط اهتمامنا وموضع قلقنا، فننسى بقية الأرض ونتهاون في باقي الوطن، ونهمل قضايا أخرى كالأسرى ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وتوسعها، ولا ينبغي أن يدفعنا مصابهما الجلل ووضعهما البئيس للتنازل في مكانٍ آخر والتفريط في جوانب أخرى، فالقدس وغزة كلتاهما مدينة محتلة، يطغى عليهما العدو الإسرائيلي ويبطش بهما سياسةً وحرباً، فَيُهَوِّدُ الأولى ويدنسها ويفتك بالثانية ويدمرها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.