صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروتوكول التعاون العربي


د. مصطفى يوسف اللداوي
بروتوكول التعاون العربي
يبدو أن الأنظمة العربية تخطط للإعلان عن بروتوكولٍ جديد للتعاون العربي، ومن المتوقع أنه سيكون مختلفاً عن أي بروتوكول سابق، ولن يتشابه مع ميثاق الإخاء العربي المشترك، إذ سيكون حدياً وقاطعاً، وصريحاً وواضحاً، وسافراً ومكشوفاً، ولن تضطر الأنظمة والحكومات العربية لإخفائه أو التعمية عليه، إذ سيكون معلناً، كما لن تحرص على تزيينه وتجميله، وإبرازه في صورةٍ ألطف، كي يقبل به المواطن العربي، أو يسكت عن عيوبه، ولا يثور لمواجهته، أو يهب للتصدي له، والعمل على إسقاطه.
ربما تكون المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع مجلس التعاون الخليجي، هم الذين يقفون وراء هذا المشروع الجديد، الذي هو ميثاقٌ أمني بامتياز، إذ لا يستند لغير الملفات الأمنية، ولا يعنى بغيرها، ولا يهمه سواها أياً كانت أهميتها، فهو لا يعني بالملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، إلا بما يتقاطع مع الملف الأمني، ويخدمه لجهة الاستفادة منها في تفعيل البروتوكول وتنشيطه.
أما الأساس الذي يقوم عليه هذا البرتوكول، فهو في إطاره العامة محاربة الإرهاب، وتجفيف منابعه، وملاحقة عناصره والعاملين فيه، وتبادل مختلف المعلومات حول بؤره ومجموعاته، ومناطق نشاطهم، ومربعات انتشارهم، وغير ذلك من العناوين المتعلقة بملف الإرهاب عموماً.
فضلاً عن محاربة التطرف الديني، واستهداف المفاهيم الدينية الخاطئة، التي تتجه إلى تكفير المجتمع، ومحاربة الأنظمة والحكومات، وتجويز القتل، وإقامة الحدود، وفرض مفاهيم ومسلكيات دينية خاصة على أفراد المجتمع، وذلك تمهيداً للقيام بعملياتٍ أمنية مشتركة، بهدف إجهاض هذه المجموعات واستئصالها.
أما في تفاصيل البروتوكول الحقيقية، فنجد أن الهدف الأول والأساس هو محاربة حركة الإخوان المسلمين، ووصفها بالإرهاب، وكل من تفرع عنها، أو انتمى إليها، أو عمل ونسق معها، أو توافق مع أهدافها، وانسجم مع أفكارها، أو قدم الدعم لها، أو شكل لها غطاءً أو إسناداً، أو انتمى إلى مدرستها فكرياً وسياسياً، أو درس كتبها واقتناها، أو تلقى العلم من أساتذتها وشيوخها، أو تلقى تدريباتٍ على أيدي رجالها.
يقوم هذا البرتوكول بكل صراحةٍ ووضوح على محاربة حركة الإخوان المسلمين حيث وجدت، وقد أصبح هذا الهدف معلناً ومعروفاً، وقد شرعته دولٌ وحكومات، وبدأت في تنفيذه بقوةٍ وعنف، رغم ما سيتركه من آثارٍ إجتماعية خطيرة، نظراً لكبر جماعة الإخوان المسلمين، وسعة انتشارها، وتغلغلها الكبير في النسيج العام للشعوب، إذ ينتمي إليها مئات الآلاف من مواطني الدول العربية وغيرهم، ما قد يؤدي إلى تفسخاتٍ إجتماعية، وموجات من الهجرة الجماعية، ولجوءٍ المنتسبين إليها إلى العمل السري.
لا تكتفي الأنظمة والحكومات الموقعة على هذا البروتوكول، بملاحقة جماعة الإخوان المسلمين ومعاقبتها وتجفيف منابعها، بل بدأت العمل على تشويه صورتها، وتلطيخ سمعتها، والإساءة إلى فكرها، وسخرت لهذه الغاية كل الطاقات والقدرات الممكنة، فلم تكتفِ بما تقوم به الأجهزة الأمنية، ووسائل الإعلام، والصحف والمجلات وأصحاب الأقلام المأجورة، التي أسالت سم أقلامها في جسم الجماعة، بل لجأت إلى توظيف علماء الدين والمشايخ، والوعاظ وخطباء الجمعة، وأعيان المجتمعات، للمساهمة في تشويه صورة جماعة الإخوان، وبيان مخالفتها للدين، ومعارضتها لمفاهيمه، وإبراز فكرها بأنه منحرف، وعملها بأنه ضال، وشككت في أهدافها، وغمزت من قناة تمويلها، ومرجعياتها الفكرية والتنظيمية.
وبدأ الإعلام الموجه في تسليط الضوء على ما يسيئ إلى رموزها، فاتهمهم زوراً وبهتاناً بأنهم يقومون بأعمالٍ مشينة، ويرتكبون أخطاءً جسيمة، ويمارسون الحرام والمنكر، ويقترفون الجريمة والفاحشة، وأنهم يخفون عن المجتمع مسلكياتهم الخاطئة، ويظهرون لهم مثالية أخلاقية كاذبة، وأنهم يبحثون عن مصالحهم، وما يخدم أغراضهم الخاصة، واتهمتهم ظلماً وعدواناً بأنهم يهتمون بالشهرة والإعلام وجمع المال، واقتناء الذهب والنفائس، وأنهم يحرصون على أرصدتهم في البنوك، وممتلكاتهم العقارية، ولديهم الكثير من المشاريع العملاقة، خارج وداخل الدول العربية، التي تهتم بتبيض الأموال، وتمويل الأنشطة والفعاليات، وتسيير عمل مؤسسات الجماعة، ظانةً أنها ستنجح في تشويههم، وفض الناس من حولهم.
للبروتوكول شقان مختلفان، أما الأول فهو ترغيبي وفيه حوافز، ولمن آمن به واتبعه تسهيلاتٌ وعطاءات، وأما الثاني فهو تهديدي وفيه عقوبات، ويشتمل على تحذيراتٍ كثيرة، وعلى كل الأنظمة أن تدرس العرض، وأن تفكر جدياً أين ستمضي، ومع أي فريقٍ ستكون، وعليها أن تدرك أن لقرارها تبعاتٌ ونتائج، وأنها المسؤولة عما سيترتب على قرارها، مكافأةً أو عقاباً، تعاوناً أو عزلاً وإقصاءً.
إذ ستتمتع الدول التي ستنظم إلى هذا البروتوكول وستوقع عليه، بالعديد من الامتيازات العامة والخاصة، وهي فضلاً عن التنسيق الأمني المشترك، وتبادل المعلومات والبيانات، فإن الدول الغنية ستلتزم تجاه الدول الفقيرة، بتمويلها بما تحتاج من معداتٍ وآلياتٍ لإنجاح هذا البروتوكول، وضمان استمراره، ليؤتي أكله المطلوبة، ويؤدي الغرض المتوقع منه، إذ ستزود مطاراتها ومعابرها البرية والبحرية، بأجهزة كمبيوتر ضخمة، تكون قادرة على ملاحقة ومتابعة كل المطلوبين، وحصر بياناتهم، وتمييز شخصياتهم عبر قزحية العين، وبصمة اليد، وغير ذلك من الوسائل الحديثة التي تحدد وتميز، وتحول دون التهريب والدخول غير الشرعي، بواسطة جوازات سفر مزورة، التي أصبح كشفها سهلاً بواسطة الأجهزة الحديثة المختصة بها.
أما الحوافز المقدمة للدول الموقعة فهي كثيرة جداً، ومنها مضاعفة عمالتها في المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وتسهيل توظيفهم وإجراءات إقامتهم وتحويلهم للأموال، فضلاً عن زيادة حصص هذه الدول من النفط والغاز بالمجان أو بأسعارٍ تفضيلية، والمساهمة في إنعاش إقتصاديات بلادهم، وحقن موازناتهم، وإمدادها بمليارات الدولارات، التي من شأنها الحفاظ على عملاتهم الوطنية، واستقرار حالتهم الإقتصادية، فضلاً عن تقدم منحٍ ماليةٍ لمشاريع إنمائية مختلفة، ومساعداتٍ عسكرية، وضماناتٍ دولية، شرط أن تصدق كل ما يقال عن الإخوان، وتلتزم به.
فهل ستخضع الدول العربية بأكملها لهذا الميثاق الجديد، وستوقع على البروتوكول المقترح وتلتزم به، أم أن بعضها ستصمد أمام الإغراءات، وستقف في وجه التهديدات، وسترفض هذا البروتوكول، ولن تكون شريكاً في هذه الجريمة الأخلاقية والوطنية، التي من شأنها تجريم قطاعٍ كبيرٍ من الأمة، وتوصيفه بما ليس فيه، واتهامه بهتاناً بما هو منه برئ.
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected] بيروت في 2/4/2014
د. مصطفى يوسف اللداوي
أشجان الأرض وأهلها في يومها
يوم الأرض، ذكرى كل الأرض، التي نحب ونعشق، وبها نهيم ونتعلق...
تعيش فينا ما بقينا، ونرويها بالروح والدم القاني دوماً ولا نبالي...
تكبر مع ثغاء الطفل، يرضعها حليباً من صدر أمه، تهدهده بأسماء الأرض ومعالمها...
ويحفظ من صغره بلسانها أغاني البلدة، وقصائد الوطن...
وحناناً من لدن والده، أصيلاً يرثه، وطاهراً يستمده، ينشأ معه ويكبر...
وتبقى مع الرجال، تقسو مع عودهم، وتشتد مع عزمهم، ويتنافس في فدائها أجيالهم...
لكن ما بال غيرهم أضاعوها قديماً، وفرطوا فيها سنيناً...
غفلوا عنها العمر الذي مضى، وتأخروا عن نصرتها العمر الذي بقى...
تركوها للعابثين، وأطلقوا فيها يد الفاسدين، وهم القتلة المعتدين...
الضالين المضلين، الغرباء الوافدين، المستوطنين الكاذبين...
طردوا بلابلها، وحمائم الخير فيها، وأسكنوا في الأرض غربانهم، واستوطنوا بلادنا وهم العقارب والأفاعي...
ما عادت عصافيرها القديمة تشدو نغماً عربياً، ولا تقف على دوحها، ولا على فنن أشجارها...
حلت بوديانها بومٌ لها نعيق، وغربان سودٌ تؤذي العيون ولا تسر نُظارَها...
باتوا بأسمالهم قذىً في العيون، حركاتهم مستفزة، ونظراتهم غريبة منفرة، وأشكالهم تعيسة تعافها النفوس...
دنسوها وهي القدس المطهرة، وعاثوا فيها فساداً وهي الحرم المقدس، ومنعوا السجود فيها وهي أول مسجد...
تركها حماتها وهي الأثيرة، وأذلوها وهي العزيزة، وأهانوها وهي عند الله الأكرم...
باعوها أو تخلوا عنها، أو تآمروا عليها، فالنتجية واحدة...
جبنوا عن حمايتها، أو تأخروا في الدفاع عنها فقد ضاعت...
لم تعد لنا، وما باتت أقدامنا تطؤها، حتى عيوننا ما عادت تقوى على أن ترنوا إليها...
إنها فلسطين الوطن والأرض والمقدسات، والأقصى والمسرى والبراق...
كلها فلسطين، لنا وطن، بحواريها القديمة قبل مدنها العريقة...
فهي الطيبة وقلنسوة وشفا عمرو وكفر قاسم والناصرة...
كما هي القدس والخليل وغزة ...
وهي يافا وحيفا وكل مدن الجليل والضفة ...
دعاتها وحماتها، المتحدثون باسمها، والناهبون خيرها، والمدعون نصرتها، وقادة الجيوش لاستعادتها ...
بغاثٌ وإن استنسروا ... وحملانٌ وإن استنوقوا ... نعاجٌ هم وإن ادعوا ...
فليسوا أسوداً وما كانوا ... وليسوا ديوكاً وإن صاحوا ... وليسوا رجالاً وإن صرخوا ...
تزينهم شواربٌ كزينة النساء ... لحاهم مزيفة كوصل رموش البنات ...
ثيابهم ناعمة في أبهى موضة ... ملونةٌ لافتة، براقةٌ لامعة ...
مظاهرٌ لا مخابر، وأشكالٌ وصور، وظلالٌ وأشباهٌ، وأثواب رجالٍ يلبسها غيرهم...
كخيالات المآتة تهوي مع الريح، وتسقط إن وقف على رأسها طيرٌ، أو اقترب منها شبح...
ليس فيهم من نمرٍ أو أسد إلا إن كان من ورق...
أصواتهم ناعمة فلا تظنوها أدباً ...
وحركتهم هادئة فلا تخالوا رزانة ...
وأراءهم بطيئة فلا تعتقدوها حكمة ...
فإن احمرت أوداجهم وعلت أصواتهم فلا تخافوا ...
وإن ارتعدت فرائصهم غضباً فلا تخشوا ...
وإن هم هددوا وأزبدوا فلا تراعوا ...
عبيدٌ هم وإن حملوا العصا ...
أتباعٌ هم وإن تقدموا الصفَ ...
فلا تخافوا من جعجعتهم ...
ولا ترتبكوا من غضبتهم ...
أتدرون من هم الذين عنيتهم ...
ومن قصدت بسابق حديثي عنهم ...
إنهم قادتنا وحكامنا ...
أنظمتنا وسادة بلادنا...
قصدتٌ عبيدنا الذين اشتريناهم...
لكننا نسينا العصا فلم نحضرها وإياهم ...
فلنحتمل بؤسهم ... ولنقبل بشرهم ... ولنرضى بشؤمهم ...
إنهم قدرنا أو نثور ...
إنهم ابتلاؤنا أو نغضب ...
إنهم قبورنا ... أجداثنا ... أقصد رفاتنا أو نرفض ...
يا ويلنا إن طال بقاؤهم ...
ويا خيبتنا إن قبلنا بهم ...
ويا هزؤنا إن تقدموا صفوفنا، وبقوا يحملون راياتنا...
ويا بؤسنا إن انتسبنا إليهم، وكنا تبعاً لهم ...
يا شؤم من كان هؤلاء رؤساؤهم وقادة بلادهم ...
ويا عار من حمل اسمهم أو رفع صورهم ...
إنهم بؤس ... بل رجسٌ وركسُ ...
تطهروا منهم وكونوا خيراً منهم ...
تخلصوا منهم ولا تبكوا عليهم ...
اشطبوهم من ذاكرتكم ومن صفحة تاريخكم ...
لا تبقوهم بينكم، فهم عارٌ عليكم ...
صدقوني لا خير فيهم يرتجى، إلا ما تمناه منهم عدوهم ...
ولا أمل يسكننا فيهم إلا لجاهلٍ لا يعرفهم ...
إنه يوم الأرض يحزننا ويبكينا، ويؤلمنا ويشجينا...
أما من غدٍ يكون يومُ الأرض فيه احتفالاً ومهرجاناً، وذكرى وعبرة، ودرساً وموعظة...
فقد والله سئمنا تعداد السنين، ومرِّ الليالي والأيام، وعفنا المرَ من الطعام، وتقنا إلى الشهي من المطعم...
وباتت أرضنا تشتاق إلى لونٍ أخضرٍ يانع غير الدم القاني...
وتتوق إلى يومٍ تتكلم فيها العربية، وتلبس أزياءها الوطنية...
وتزف فيها بأثوابٍ فلسطينية، عروسٌ من حيفا أو يافا أو الجليل والرملة...
ينتظرها بالدبكة والزغاريد الشعبية عريسٌ من غزة أو الضفة...
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected] بيروت في 31/3/2014
د. مصطفى يوسف اللداوي
حرصٌ إسرائيلي وتفريطٌ فلسطيني
إنها مفارقةٌ عجيبةٌ غريبة، معكوسةٌ متناقضة، تخالف المنطق، وتتعارض مع الواقع، فأصحاب الحق يفرطون، والمدعون يتمسكون، والمالكون يساومون، واللصوص يرفضون، والسكان الأصليون يهاجرون، والمستوطنون يفدون، والممتلكات الشرعية تصادر، والسرقة والاغتصاب والاستيطان يشرع، والبيوت والمساكن الأصلية تهدم وتخرب، والمستوطنات والمغتصبات تبنى وتعمر، والمضطهدون المعذبون يحاصرون ويعاقبون، والمحتلون الغاصبون ينعمون ويساعدون، والأبرياء يقتلون، والقتلة المجرمون يبرؤون، والمقاومون يطاردون ويعتقلون، والمحتلون الغاصبون يكرمون ويكافئون، والأخوة والأشقاء يبتعدون وينؤون، والمعتدون الغاصبون يتقاربون ويتحالفون، وأهدافنا تتعقد ويصعب تحقيقها، بينما أهدافهم تكثر ويسهل تحقيقها.
الفلسطينيون الذين هم أصحاب الحق الشرعي الحصري، والقانوني الدولي في فلسطين، يظهرون مرونةً في سياستهم، ووسطيةً في مواقفهم، واعتدالاً في تصوراتهم، ويبدون استعداداً للتنازل عن الجزء الأكبر من فلسطين، ولا يرفضون مبادلةً للسكان، وإزاحةً للأراضي، وتعديلاً للحدود، وشطباً للحقوق، وغير ذلك مما ينفي عنهم صفة التشدد والتطرف، بينما ينعتهم بالعقلانية والاعتدال، ويجعل منهم طرفاً مسؤولاً ومقبولاً، فيمكن مفاوضتهم والجلوس معهم، ويجوز دعوتهم والتعاون معهم، ويجعل من التفريط بهم كارثة، والتخلي عنهم مصيبة، لاعتقاد الآخرين أن الزمان لن يجود بمثلهم، ولن يتكرر في الشعب الفلسطيني وجودهم، ولن يكون هناك من هو أجرأ منهم، أو مثلهم، فضياعهم مصيبة، وفقدانهم خسارة لا تعوض، ونكبة لا يقوون على تحملها، أو استيعاب نتائجها.
أما الإسرائيليون الغاصبون المحتلون، الوافدون الغرباء، المعتدون القتلة، المنبتون عن الأرض، والمطرودون من العالم، فإنهم يظهرون تشدداً في مواقفهم، وتطرفاً في سياستهم، ويستخدمون لغةً خشنة في مفاوضاتهم، ويضعون على طاولة المفاوضات عصا غليظة، ويسيرون في بلداتنا بأقدامٍ ثقيلة، يهددون ويتوعدون، ويقتلون ويغتالون، ويسجنون ويعتقلون، ويحاصرون ويضيقون، ويصادرون ويحرمون، ولا يخجلون من تطرفهم، ولا يترددون في إبداء مواقفهم، ولا يستحون من طلب تأييدهم، وسؤال مساعدتهم، ويريدون من العالم كله أن يقف معهم، وأن يساند ظلمهم، وأن يؤازر بطشهم، وأن يكون عوناً في اعتداءاتهم، وأن يصدق روايتهم، وأن يؤمن بمظلوميتهم، وأن يكون إلى جانبهم، وأن يرى الحق في موقفهم، وأن يسعى في مصالحهم، وأن يحقق مطالبهم، وأن يلبي احتياجاتهم، فهي التي تحقق أمنهم، وتؤمن سلامتهم، وتجعلهم الأكثر قدرةً وتفوقاً، وإلا فإن من يتردد ويقصر، أو يجبن ويمتنع، فإنه يتهم بأنه عدو السامية، وشريكٌ في الجرائم التاريخية، وراضٍ عن المحرقة اليهودية.
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يخاف من سقوط حكومته، وتفكك تحالفه، وانهيار ائتلافه السياسي، إن هو أفرج عن أسرى فلسطينيين، وأطلق سراح معتقلين مضى على اعتقالهم عشرات السنين، إذ سيكون في نظر مواطنيه وحلفائه مغامر، وسيظهر بأنه يفرط في أرواح الإسرائيليين، وأنه يعفو عن قتلة مواطنين يهود، وسيكون بقراره مشجعاً لآخرين، يقتلون ويعتدون، ويقدمون ولا يترددون، لقناعتهم أنه سيفرج عنهم، ولن يطول في السجن بقاؤهم.
ويخشى نتنياهو أن يتهمه مواطنوه بالخيانة والتفريط، إن هو تنازل لمفاوضيه عن جزءٍ من الأرض، أو أبدى استعداده لمقاسمتهم بعض المناطق، أو تخلى لهم عن حقوق اليهود التاريخية والدينية في ممالك يهودا والسامرة، التي سماها لهم الرب، وارتضاها لهم وطناً، وسكن فيها أنبياؤهم، وأقام فيها ملوكهم، وعمرها شعبهم.
لذا فهو يتمسك بالقدس عاصمةً واحدةً موحدةً، لا تقبل القسمة ولا المشاركة، فشعبه لا يقبل معهم بها شريكاً، ولا يرضى باقتسامها، ولا بالتخلي عن حزءٍ منها، مهما صغُرَ أو بعُد، وهو يريد أن يقتحم الحرم، ويستولي على المسجد الأقصى، ليعيد بناء الهيكل، فهو علامة يهوديتهم، وعنوان مملكتهم، ودليل بقائهم، وعنوان وجودهم، والأساس الذي يجتمع عليه شملهم.
فهو إن فرط وتنازل، فلن يكون رئيساً للحكومة، كما لن يبقَ على رأس حزبه، ولا زعيماً لإئتلافه، بل قد يعتزل السياسة، ويغادر منصة الحكم ومنبر البرلمان، وينتقل إلى قاعات المحاضرات، ومدرجات الجامعات، يحاضر ويدرس، ويتقاضى أجراً على ما يقدم، إذ لا وجود في نظره لزعيمٍ يهودي يفرط، ولا مكان لرئيس حكومةٍ إسرائيليٍ يتنازل، وهو الذي يطمح لأن يكون ملك بني إسرائيل، وصلاً للسابقين، وامتداداً للاحقين، والملك الإسرائيلي في رأيه هو أكثر اليهود محافظةً على الحق، وحرصاً على الإرث، ووفاءً للوصية، وتمسكاً بالأرض، وسعياً لخلاص الشعب، واستعادة الملك والهيكل.
في المقابل فإن رئيس السلطة الفلسطينية لا يخشى السقوط، ولا يبالي بالشركاء، ولا يسأل عن الآخرين، ولا يهمه من شعبه أحد، ولا يخيفه من تنظيماته حزبٌ أو حركة، ولا يشعر بأنه يخاف شعبه، أو يعبأ بمواطنيه، أو أنه يفرط في حقوقهم، وأنه يقامر بوطنهم، ويتخلى عن أرضهم، ويخون تضحياتهم، وتهون عليه دماء شهدائهم، فلا يضيره إن أبدى ليونةً مع العدو، أو قبل باعتراضاته، أو وافق على لاءاته، أو سكت عن رفضه، أو قبل بتأخيره ومماطلته.
ولا يعنيه إن كان وحيداً، أو بدا أمام الآخرين ضعيفاً، لا أحد معه، ولا يوجد من يؤيده، أو يقف معه ويسانده، فقد اعتاد ألا يتسلح بإخوانه، وألا يقوي عضده بشركائه، إذ لا قيمة عنده للوحدة، ولا ضرورة في سياسته للتوافق، ولا يقلقه أن يخاصمه شركاؤه، أو أن يعترض عليه إخوانه، فوجودهم بزعمه لا يقويه، وغيابهم عنه لا يعزله ولا يقصيه.
ولا يعيبه إن فرط بالقدس، أو قبل بجزءٍ منها، أو بحيٍّ بعيدٍ عنها، ليكون عاصمةً لكيانه، وقلباً لسلطته، فلا عبرة للمكان، ولا تقدير للمقدسات، فالأرض واحدة، والأماكن متشابهة، والفلسطينيون لا يفرقون بين أرضهم، ولا يميزون في ديارهم، فكل شبرٍ من أرضهم عزيز، وكل مكانٍ من بلادهم يصلح أن يكون مصلى ومسجداً، فالأرض كلها مسجدٌ وطهور، هكذا قال النبي الرسول.
أليست هذه مفارقة عجيبة، ومعادلة غريبة ومقلوبة، الأدعياء يتمسكون ويتشددون، ويحرصون ويخافون، والأصلاء يفرطون ويتنازلون، ويبيعون ولا يتمسكون، أم أن هذه المفارقة تنطبق فقط على من يدعون القيادة، بينما يرفضها الشعب، ومن حمل راية المقاومة.
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected] بيروت في 29/3/2014
التجمع من اجل الديمقراطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.