الارصاد يتوقع امطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على اجزاء من المحافظات الجبلية والساحلية    إدارة مكافحة المخدرات تضبط مروج للمخدرات وبحوزته 60 شريطا من حبوب البريجبالين    تخفيض رسوم المدارس الأهلية في العاصمة عدن 30%    من الذي خرج منتصرا من لقاء ألاسكا    السيول تقطع حركة النقل بين ساحل ووادي حضرموت    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    قائد اللواء الثاني حزم يتفقد الخطوط الأمامية لجبهة كرش الحدودية    أبو بارعة: مسؤولون في حجة يحوّلون الأجهزة الطبية إلى غنيمة    الرئيس الزُبيدي يعزي العميد عادل الحالمي في وفاة والدته    وقفة وإضراب جزئي لصيادلة تعز لمطالبة شركات الأدوية بخفض الأسعار    رايو فاليكانو يصدم جيرونا بثلاثية    اختتام الدوري التنشيطي لكرة القدم في نادي شمسان    جواريولا يجهز رودري.. ويتمسك بسافينيو    تقرير أممي: الالاف يواجهون خطر المجاعة في حجة    موقع صهيوني: اليمنيون مستمرون في إطلاق الصواريخ    صحيفة عبرية تكشف استعداد حكومة الخونة للقتال مع الكيان الصهيوني    أضرار في تعز وتحذيرات من السيول بالمرتفعات    توترات غير مسبوقة في حضرموت    وفاة 23 شخصا بتعاطي خمور مغشوشة في الكويت    تريم على العهد: وقفة للمطالبة بالعدالة لدم الشهيد #يادين (بيان)    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    كسر طوق الخدمات.. الرئيس الزُبيدي يقود معركة فرض الاستقرار    هل يُحسم أمر التشكيلات العسكرية الخارجة عن إطار الدولة في حضرموت؟    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    "الريدز يتألق".. ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقبه بفوز مثير على بورنموث    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    العثور على جثمان لاعب شعب إب خالد الجبري قرب الحدود اليمنية–السعودية    مارسيليا يسقط بالوقت القاتل ضد رين    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    ذمار.. محاولة جديدة لاختطاف طفلة والسلطات تتلقى بلاغات عن فقدان أطفال    المدينة التي لن تركع(3) مأرب.. دروس في الدولة والتاريخ    وصول طائرة "مملكة أوسان" إلى مطار عدن لتعزيز أسطول اليمنية وتخفيف ضغط الرحلات    منذ قرابة 20 ساعة.. مئات المسافرين عالقون بين إب وصنعاء بسبب انقلاب شاحنة    تعز.. سيول جارفة في قدس تلحق اضرارا فادحة بالممتلكات وتهدد قرى بالجرف والاهالي يوجهون نداء استغاثة    أمطار رعدية متوقعة على المرتفعات والسواحل وتحذيرات من السيول والعواصف    مدير أمن ساحل حضرموت : تعاون كبير بين الحوثي والقاعدة    الحكومة تلزم شركة الغاز بتخفيض الأسعار بما يتوافق مع تحسن صرف العملة    مدقق مالي: شركات الادوية الكبرى تسعر الدواء في صنعاء بسعر يتجاوز السعر الرسمي للدولار باكثر من 40٪    إشهار مؤسسة "آفاق التآلف للتنمية الاجتماعية" بصنعاء    حاشد .. صوت المقهورين وقلم المنفيين    المحويت.. كتل صخرية ضخمة تهدد عدد من القرى ومخاوف الانهيار تجبر عشرات الأسر على النزوح    وفاة لاعب يمني في رحلة تهريب إلى السعودية    الإمارات تدعم شبوة بالكهرباء ومشاريع صحية وتنموية تخفف معاناة آلاف المواطنين    مدير أثار ذمار يفند مزاعم كشف أثري في وصاب    ندوة ثقافية بذكرى المولد النبوي في كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار    البيتكوين يواصل تحطيم الأرقام القياسية    الحكومة: مشاهد الحوثيين بكربلاء تكشف انسلاخهم عن اليمن وانغماسهم بالمشروع الإيراني    تظاهرة شعبية غاضبة في الضالع    العثور على مدينة قبطية عمرها 1500 عام في موقع عين العرب    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    وزير الكهرباء وأمين العاصمة يدشنان الإنارة الضوئية في ميدان السبعين    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزةُ… ألا مِن حُرٍ يسمعُ صراخَها ويلبي نداءهَا
نشر في شهارة نت يوم 08 - 09 - 2020

كأنها تعيش وحدها، معزولة عن عالمها، مفصولة عن أمتها، بعيدة عن حاضنتها، غريبة عن محيطها، ولا علاقة لها بوسطها الذي تنتمي إليه وتربط به عقيدةً وقوميةً، وديناً ولغةً، وتاريخاً وحضارةً، وبيئةً وجغرافيا، فغدت بمعاناتها غريبةً وشعرت بنفسها وحيدة، فلا أحد يقف معها أو يساندها، ولا من يسمع أنينها ويشعر بألمها، ولا من يستجيب لندائها ويلبي صرختها، ولا من يهب لإغاثتها أو يثور لأجلها، ولا من يغضب لها أو يهدد لرفع الظلم عنها، وإنهاء الحصار المفروض عليها، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة عليها، وكف أيدي الاحتلال عن خنقها والتضييق عليها، فقد تحشرجت روحها، وضاقت بالمعاناة نفوس سكانها، وبلغت أرواح أهلها من عِظَمِ الكربِ الحناجرَ، وتكاد تزهق لولا أن تتداركها رحمة الله عز وجل.
غزة أيها العرب وحدها متروكة، ولا من يسمع عما يجري فيها ويقع لها، وكأن جَرَباً قد أصابها فهربوا منها وابتعدوا عنها، أو أن وباء قد حل بها فخافوا منها وعزلوا أنفسهم عنها، أو أنها ارتكبت عملاً مشيناً أو آخر فاضحاً فانفضوا عنها وتبرأوا منها، رغم أنها أتت شيئاً عظيماً، وقامت بأعمالٍ تتيه بها الأمة وتفخر، وترفع بها رأسها وتشمخ.
فهي رغم الجوع صامدة، ورغم الحرمان باقية، ورغم الحصار مقاومة، وهي تتحدى بضعفها جبروت الاحتلال، وتتصدى بإرادتها سياساته العدوانية، وتقف بصدور أبنائها العارية وقبضاتهم القوية في مواجهة العدو والحد من عدوانه، فأسقط شبابها ونساؤها بطائراتهم الورقية طائراته العسكرية، وتحدوا ببالوناتهم الحارقة صواريخه الفتاكة المدمرة، ومرغوا بمبتكراتهم المحلية البسيطة منظوماته الحديثة، وأفسدوا قبته الفولاذية، وعطلوا صافرات الانذار المتقدمة، وأربكوا حياة مستوطنيه وجعلوا حياتهم كوابيس لا تطاق.
غزة لا تعاني من قصف العدو وغاراته فقط، وهو قصفٌ مدمرٌ وغاراتٌ قاتلةٌ، بل باتت تعاني اليوم من عدواه الوبائية، ومن أخطاره الصحية، ومن أمراضه الكارثية، فبعد أن خلت لشهورٍ طويلةٍ من الجائحة، ونجت من الوباء الذي أصاب العالم كله، وسلمت من الكارثة التي حلت بالمنطقة وجيرانها، سهل العدو دخول فيروس كورونا إليها عبر معابره الأمنية، التي يضيق فيها على المواطنين الفلسطينيين، المرضى والطلاب والتجار وغيرهم، ويعرضهم لمخاطر الإصابة دون أن يوفر لهم سبل الحماية والوقاية، ثم يمتنع عن تزويد السلطات الصحية في غزة بما يلزم لمواجهة الوباء، وبما يحتاج إليه المواطنون لإجراء الفحوصات الطبية لهم، ويشدد الحصار عليهم ويمنع إدخال الأدوية والمعدات الطبية، ويتعاون مع غيره لمنع وصول المساعدات إلى القطاع.
الغريب في الأمر أن العديد من الأنظمة العربية باتت تكذبنا وتصدقهم، وتبتعد عنا وتقترب منهم، وتجافينا وتصادقهم، وتقاطعنا وتصالحهم، وتعاقبنا وتنفتح عليهم، وتطردنا وتستقبلهم، وتضيق علينا وتتعاون معهم، وتشطب اسم بلادنا وتثبت إسرائيل مكانها، وتنزل علمنا وترفع علمهم، وتزعجهم كوفيتنا وتسعدهم قلنسوتهم.
هذا ما بات يحزننا حقاً ويؤلمنا، ويشعرنا بالوحدة والغربة، والجفوة والخذلان، ويجعلنا نتساءل بحرقةٍ وألم ما الذي أصابنا وحل بنا، ولماذا كل هذا الكره والغضب، أهو عيبٌ فينا وخطأٌ عندنا، أم أنهم هم الذين ضلوا وتاهوا، وانحرفوا وانقلبوا، وبدلوا وغيروا، وكفروا وارتدوا، أم أن ما هم فيه الآن هو الأصل والحقيقة، وهو ما كانوا عليه في سرهم قبل أن تجهر به ألسنتهم.
رغم الصورة العظيمة التي يرسمها الفلسطينيون عموماً وأهل غزة على وجه الخصوص، والمعاناة التي يقاسونها، والصعاب التي يتكبدونها، والتحديات التي يواجهونها، والانتصارات التي يحققونها، إلا أنهم أكثر من يعاني من جفاء الأنظمة العربية وحيف حكامها، وأكثر من يقاسي من سياساتهم التي أصبحت تتحالف مع العدو ضدهم، وتتفق وإياه عليهم، وتتآمر معه ضدهم، وتتخلى عنهم لصالحه ليفرض وجوده ويشطبهم، وينزع هويتهم وينفي روايتهم، وينتزع أرضهم ويشتتهم، ويزيد في معاناتهم ويكذبهم، ويضيق عليهم ويخنقهم، ويحاصرهم ويقتلهم، وكأنه وحده من يستحق الحياة ويستأهل العيش الكريم، وهو الغاصب لأرضنا المحتل لبلادنا، الوافد إلى وطننا والمستوطن في ديارنا، ولكنه يريد فرض روايته علينا، والإيمان بحقه في بلادنا ومقدساتنا، بحجة أنها كانت يوماً لهم.
غزة تشعر أيها الأحرارُ بالوحدة وترى نفسها بين مخالب عدوها وأنيابه، يستفرد ويستقوي عليها، يبطش بها ويصب جام غضبه عليها، ويشعر وكأن العالم قد سمح له وأذن، وقبل بمهمته ورضي، ووافق على سياسته وسكت، فمضى قدماً يقصف ويدمر، ويهدم ويخرب، ويحاصر ويعاقب، ويضيق ويخنق، ويحرم ويمنع، ويقتل ويعتقل، في الوقت الذي تستمر فيه حياة دول العالم بصورة طبيعية، وكأنه لا يوجد شعبٌ يقتل، ولا يوجد أناسٌ يسحقون وتحت سنابك الجوع والحصار يطحنون.
وزاده جرماً وشجعه على اقتراف ما هو أكثر، جيرانه العرب الذين سكتوا وصمتوا، أو ربما صموا وعموا، أو أذنوا وسمحوا، فوافقوه على عدوانه، ورضوا على سياسته، وصفحوا عن جرائمه، ثم هبوا للتطبيع معه والاعتراف به، والتعاون معه والاشتراك وإياه، ظانين أنه حملٌ وديعٌ سيساكنهم، وجارٌ صادقٌ سيؤمنهم، وما علموا أنه ذئبٌ سيفترسهم، وثعلبٌ سيمكر بهم، وأفعى خبيثة ستخدعهم وتلدغهم، وأنه عما قريب سينقلب عليهم وسيتفرغ لهم، وسيفترسهم حتماً وحينها لن يجدوا من يقف معهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.