الهتافات المعادية لأمريكا، وإحراق أعلامها مع أعلام إسرائيل، وتوزيع قوائم مقاطعة السلع الأمريكية كانت طقساً ثابتاً فى المظاهرات الإخوانية الداعمة لغزة عبر السنوات، لكن دخول الإخوان معترك السياسة أدى لاختفاء تام لهذه اللهجة. وعلى العكس منذ ما قبل ترشح مرسى ظهر بوضوح التركيز الشديد من الإخوان منذ ما قبل ترشح مرسى على مخاطبة الدول الغربية والمنظمات الدولية، مركزين على النواحى الاقتصادية والسياسية التى تهم هذه الجهات. و«الشروق» تقدم كشف حساب للاتصالات والتطمينات المتبادلة بين الإخوان والغرب، كما ترصد مناشدات الإخوان للأطراف الدولية لمساعدتها فى تخطى الأزمة الحالية. «إلى كل حر فى العالم.. إلى المؤسسات الدولية.. إلى القوى الدولية جميعا.. إلى حكومات وأنظمة كل الدنيا»، هكذا يبدأ بيان مرسل من مكتب إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين، تمكنت «الشروق» من الحصول على نسخة منه، حيث يطالب مؤيدو الجماعة بترجمة البيان ونشره، لتصل للعالم الصورة التى يرونها للأحداث فى مصر. يخاطب البيان المؤسسات والحكومات الدولية طالباً منهم عدم الاعتراف بما أسماها «شرعية الانقلاب العسكرى»، وداعياً لعدم التعامل مع «نظام العسكر الجديد فى مصر»، كما يطلب الإدانة لمذبحة الحرس الجمهورى. وفى نهاية البيان يحدد المطلوب من مؤيدى الإخوان الذين تصلهم هذه الرسالة وهو «الاحتجاج لدى المؤسسات المصرية التمثيلية فى بلدك» أى التظاهر أمام السفارات المصرية، وأيضاً «الاحتجاج لدى كافة منظمات حقوق الإنسان على كل صعيد» و«إصدار بيانات إدانة قوية». نص البيان يقول «إلى كل هؤلاء ومن خلال النيران التى تُطلق من بنادق وأسلحة الجيش المصرى وقوى الأمن فيه لتحصد أرواح الذين يدافعون عن شرعية الاختيار الحر للشعب المصرى بعد ثورته التاريخية فى 25/1/2011م .. وتحاول قوى الثورة المضادة برعاية أطراف خارجية إعادة نظام القهر والظلم والفساد إلى مصر، فإن قوى الخير والسلام فى الشعب المصرى تدعوكم إلى التحرك الفعّال لإطفاء هذه النار المشتعلة التى إن لم تتوقف فورا ويعود الانقلابيون الجدد فى مصر إلى رشدهم فإن هذه النار لن تقتصر فقط على مصر وشعبها. ندعوكم إلى رفع الصوت بأن الانقلاب العسكرى على شرعية الاختيار الحر لأى شعب انقلاب باطل. ندعوكم برفع الصوت بأن التعامل مع نظام العسكر الجديد الباطل فى مصر هو باطل. ندعوكم إلى إيصال صوتكم لهذا النظام بأن عليه أن يرضخ لشرعية اختيار الشعب وأن يعود إلى مهمته الأصلية بالدفاع عن وطنه لا تخريبه. ندعوكم إلى العمل الجاد ليصل صوتكم إلى شعب مصر المحاصر إعلاميا عن طريق النظام الباطل مع بعض القوى الدولية بأنه ليس وحده فى الميدان وأن كل قوى الحق والإنصاف تقف معه فى معركته. ندعوكم إلى إدانة المجزرة الوحشية التى ارتكبها الحرس الجمهورى ضد المصلين العزل الشرفاء أمام دار الحرس الجمهورى فجر اليوم الاثنين 8 يوليو. بيان الحداد الأخير بيان التنظيم الدولى يعيد إلى الأذهان البيان الأخير الذى كتبه عصام الحداد، مستشار الرئيس للشئون الخارجية، ونشره باللغة الإنجليزية على صفحته بموقع فيس بوك يوم 3 يونيو، طالباً من العالم وصف ما يحدث فى مصر باسمه الطبيعى، وهو الانقلاب العسكرى. وأشار الحداد الى أن تفريق المتظاهرين المؤيدين للرئيس لن ينجح إلا بالعنف لأنهم لن يتركوا حقهم فى الديمقراطية بسهولة، مما سيؤدى لترويج رسالة أن الديمقراطية ليست للمسلمين، كما ذكر بانتقاد حكومات أجنبية ووسائل إعلام خارجية وجمعيات حقوقية العام الماضى للنظام الحاكم، مضيفا أن الصمت على الانقلاب العسكرى الوشيك يمثل نوعًا من النفاق. كل الخيارات مفتوحة لم تكن البيانات والرسائل هى المحاولة الوحيدة لخطاب الغرب، فقد تعددت مظاهر ذلك ومنها اللافتات المكتوبة باللغة الانجليزية والتى تظهر بوضوح فى ميدان رابعة، وأيضاً الاهتمام الكبير فى رابعة بوسائل الإعلام الاجنبية على حساب المصرية، وكذلك تجهيز نسخة انجليزية من أى بيان يصدر عن الاعتصام، حتى أن الإخوان قاموا بعمل مؤتمر صحفى باللغة الإنجليزية أمام وسائل الإعلام الأجنبية بعد أحداث الحرس الجمهورى بساعات. الضغط عبر مواقع التواصل الاجتماعى وسيلة أخرى، يقوم بها مؤيدو الجماعة على الصفحات الرسمية للحكومة الأمريكية. فاضل سليمان، الداعية الإخوانى المعروف، كتب على حسابه بموقع تويتر رسالة باللغة الإنجليزية موجهة إلى الصفحة الرسمية للرئيس الامريكى بالموقع، يقول له فيها «تخيل يا سيد أوباما أنك بعد عام من ولايتك قامت ضدك مظاهرات فى واشنطنونيويورك وشيكاجو ولاس فيجاس، فقام الجيش الأمريكى بانقلاب واحتجزك فى مكان منعزل، وجمد الدستور، ووضع قاضياً مكانك، واعتقل قادة الحزب الديموقراطى . هل يمكنك تخيل مشاعر 51% من الشعب الذين انتخبوك؟ ألن يسمى هذا انقلاباً». سقف المطالب يتغير بينما لا يحمل خطاب الإخوان كباراً وصغاراً فى مصر أى خيار إلا عودة مرسى ليكمل فترته الشرعية 3 سنوات أخرى، فإن تصريحات قادة الإخوان للصحافة الغربية حملت لهجة مختلفة. فى حديثه مع شبكة بلومبرج الأمريكية، قال القيادى بجماعة الإخوان محمد البلتاجى، إن رسالة الجماعة هى أنه فى حال عودة الرئيس المعزول محمد مرسى إلى منصبه، وإعادة مجلس الشورى، والدستور، فإن جماعة الإخوان ستوافق على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ويمكن أن تمنح العفو لجميع من قاموا بالانقلاب. وفى إشارة ذات مغزى قال البلتاجى «قارنوا بين كلامنا وطريقة الجيش فى التعامل مع الأزمة الراهنة، حيث قتل الناس، وأدخل خصومه السجون». وفى المقابل وجه البلتاجى اللوم للرئيس الأمريكى أوباما والسفيرة الأمريكية آن باترسون، حيث اعتبره أنهما لعبا دوراً قيادياً فى الإطاحة بمرسى قائلاً إن «الإدارة الأمريكية وسفيرتها فى القاهرة جزء لا يتجزأ من بداية الانقلاب لنهايته». وتابع: «لقد أمضينا سنوات نكافح من أجل إقناع شعبنا لتبنى مسار ديمقراطى، غير عنيف، ولكن رسالة الولاياتالمتحدة الآن هى أنه ليس هناك أى وسيلة سلمية لنقل السلطة فى هذه المنطقة». وفى مقابلة أخرى، مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يوم السبت الماضى، كرر البلتاجى نفس المعنى حيث قال إن الجماعة تقبل بانتخابات رئاسية مبكرة، فقط فى حالة إعادة مرسى للسلطة، مضيفاً «ليس لدينا مشكلة مع الانتخابات المبكرة، ولكن فى ظل مؤسسات منتخبة، وليس تحت الدبابات». وهو نفس ما أكد عليه الدكتور محمد على بشر، وزير التنمية المحلية السابق، حيث صرح للجارديان البريطانية، بأن الجماعة قد توافق على رحيل مرسى، لكن فقط إذا أعيد إلى منصبه أولا، وتم إعطاؤه الفرصة لترك منصبه بطريقة يختارها هو، كما اشترط أيضاً إعادة الدستور الذى تم تعليقه قائلا «خلافنا ليس حول بقاء الرئيس فى منصبه أم لا، بل حول تحويل عملية دستورية إلى انقلاب». وأزاء عاصفة الهجوم من أنصار الإخوان على كلام البلتاجى عن الانتخابات المبكرة فى الصحافة الغربية وعلى صفحته الرسمية، قام البلتاجى بنشر ما اعتبره توضيحاً لموقفه واعتبره معارضون تراجعاً منه، حيث نفى موافقته على الانتخابات المبكرة بمجرد عودة الرئيس، وقال إنه يقدم نفس المسار الدستورى الذى يبدأ بانتخابات برلمانية تتيح للأغلبية أن تشكل الحكومة، وتعدل الدستور، وتعزل الرئيس بآليات دستورية دون حاجة لانقلاب. السياسيون المصريون يلتقون فى أمريكا اختلاف لهجة الخطاب أمر معهود فى السياسة المصرية بوجه عام، سبق أن ظهر جلياً فى مواقف عدة آخرها فى أبريل الماضى، حين اجتمع سياسيون مصريون من مختلف التيارات فى مؤتمر «مصر الجديدة: تحديات ما بعد الثورة» الذى عقده معهد «العلاقات الدولية والاستراتيجية» بواشنطن، وفى قمة الأزمة السياسية بمصر حيث لا يقابل أحد أفراد المعسكرين منافسيه مطلقاً كان يجلس بالمؤتمر الدكتور عمرو دراج، مسئول لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، والذى تولى بعدها منصب وزير التخطيط والتعاون الدولى، بجوار عمرو حمزاوى مؤسس حزب مصر الحرية، والخبير الاستراتيجى سامح سيف اليزل، كما جلس رجل الأعمال الإخوانى مصطفى الحسن، بجوار رجل الأعمال الليبرالى المعارض نجيب ساويرس، ومعهم د.منار الشوربجى عضو اللجنة التأسيسية للدستور. رغم أن الخلافات السياسية بينهم كانت واضحة فى حديثهم، إلا أنهم جميعاً اتفقوا على أنه لا حل لأزمة مصر إلا بالحوار الهادئ بين جميع القوى السياسية، وأكدوا جميعاً احترامهم لقيم الديمقراطية والحريات الشخصية والاعلامية. كان من اللافت أن عمرو دراج، استبق حضوره المؤتمر بنشره لورقة عمل تحمل عنوان «نحو رؤية جديدة للعلاقات المصرية الخارجية بعد الثورة»، على موقع إخوان ويب الموقع الرسمى للجماعة باللغة الانجليزية، يوم 27 مارس، ومازالت الورقة متاحة على الموقع حتى الآن. الورقة تحمل المواقف المعهودة رسميا بالتعهد بالالتزام بالحرية والديمقراطية، وحقوق الأقليات والمرأة، لكن الجديد هو وصف دراج المجتمع الذى تسعى الجماعة لتحقيقه فى مصر بأنه «مجتمع يعيش فيه المسلمون والأقباط واليهود والملحدون جنبا إلى جنب فى سلام ويحظون بحقوق مواطنة متساوية»، وهو خطاب لا يمكن أن يقوله قيادى إخوانى بالعربية أمام أنصاره. الاقتصاد أولوية أمريكية «إن السياسات الاقتصادية التى كانت متبعة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك كانت تسير فى الطريق الصحيح لكن شابها تفشى الفساد والمحسوبية، يمكن أن نستفيد من القرارات الاقتصادية السابقة، عرف رشيد محمد رشيد جيدًا كيف يجتذب الاستثمارات الأجنبية وكانت قراراته صائبة فى هذا الصدد». ليست هذه كلمات أحد الفلول بل هى كلمات حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى البارز لوكالة رويترز فى 27 أكتوبر 2011، أى بعد أشهر من الثورة وقبل أى انتخابات، مما يشير لاهتمام الإخوان منذ وقت مبكر للغاية بطمأنة الغرب على الملف الاقتصادى أحد أهم ركائز السياسة العالمية. عبارات حسن مالك صريحة للغاية فى كشفها للرؤية الاخوانية الاقتصادية التى تطمئن الغرب على عدم وجود اختلاف مع السياسات الماضية سوى خلاف اجرائى فقط (الفساد والمحسوبية)، بينما لا ترى بأساً فى استمرار نفس الانحياز الاقتصادى للسياسات الرأسمالية الجديدة التى تؤكد على أولوية القطاع الخاص ورجال الأعمال خاصة الأجانب منهم، والانصياع لشروط صندوق النقد والبنك الدولى بما تتضمنه من خصخصة وتقليص دور الدولة الاقتصادى والخدمى والاجتماعى. وفى المقابل لم يكن الأمريكيون بأقل صراحة من الإخوان، فكل التصريحات القادمة من هناك منذ ما قبل رئاسة مرسى كررت نفس الترحيب، وتؤكد ذلك الوقائع. قبل جولة الإعادة وفى 8 يونيو 2012 قال أحد باحثى مركز مايو إرنست التابع لجامعة هارفرد فى مقال بالنيوزويك أن «إدارة مرسى قد لا تكون نتيجة سيئة، بل قد تكون الخيار الأفضل من وجهة نظر أسواق المال» ممتدحاً جماعة الإخوان بأنها «حساسة لاحتياجات رجال الأعمال»، وأشار إلى أن رفض نواب الإخوان لقرض صندوق النقد الدولى كان مجرد رد فعل لرفض المجلس العسكرى السماح لهم بتشكيل حكومة بدلاً من حكومة الجنزورى على حد تعبيره حرفياً «لعبة دجاج مع المجلس العسكرى»، لكن فى النهاية ستتم الموافقة على القرض، وهو ما حدث بالفعل بعدها فى عهد مرسى. وقبل جولة الإعادة أيضاً فى 9 يونيو 2012 أكد ستيف فارس رئيس الجانب الأمريكى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى على أن العلاقات الاقتصادية مع مصر ستستمر قوية، وأن تدفق الاستثمارات الأمريكية لمصر سيستمر حتى لو وصل الإخوان المسلمون للحكم طالما أن السياسات الاقتصادية تحفز وتشجع على جذب الاستثمارات، «فالمهم هو السياسات وليس من يصل إلى الحكم». وفى نفس السياق فى 24 يناير أبان الذكرى الأولى للثورة أشادت صحيفة نيويورك تايمز بما أبدته جماعة الإخوان المسلمين من انفتاح بقبولها إلقاء صندوق النقد الدولى ب«حبل النجاة اقتصاديا للقاهرة» وذلك خلال لقاء لم ينشر عنه إعلامياً جمع ممثلين عن الجماعة مع ممثلى الصندوق، لافتة النظر إلى مفارقة أن يحدث هذا التحول فى توجهات الجماعة «بعد ثمانية عقود من شجب الاستعمار الغربى والتبعية العربية». وبعدها فى 5 فبراير نشر موقع (صالون) الإخبارى الأمريكى مقالاً بعنوان «الإخوان الجمهوريون فى مصر»، يشير إلى أوجه التشابه بين الإخوان المسلمين والحزب الجمهورى، فكلاهما «يقوده مجموعة من رجال الأعمال شديدى الثراء، يتبنون مفاهيم السوق الحرة والخصخصة، ولا يحبون فكرة إعادة توزيع الثروة، ويفضّلون بدلا منها التصدق على الفقراء من أتباعهم بأعمال البر والإحسان»، ويشير المقال إلى أن خيرت الشاطر يبدو أنه أقوى رجال الإخوان، وهو «داعية متحمس للخصخصة». الالتزام بكامب ديفيد ضرورة غربية منذ ما قبل ترشح مرسى للرئاسة، ولقاءات المسئولين الغربيين بالإخوان تسفر دائماً عن طمأنتهم على استقرار معاهدة كامب ديفيد، تكرر هذا مع آن باترسون السفيرة الأمريكية وهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية، مروراً بجون ماكين مرشح الرئاسة الجمهورى السابق، وكارتر الرئيس السابق، وجون كيرى مرشح الرئاسة الديموقراطى السابق، وفيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية. وكان من أهم محطات الطمأنة على المعاهدة هو زيارة وفد من أربعة نواب إخوان إلى أمريكا فى 5 مايو 2012، قابلوا خلالها مسئولين فى مجلس الأمن القومى الأمريكى. لم يتم تغطية الزيارة إعلامياً فى مصر مطلقاً بينما تصدرت الصفحة الأولى لجريدة واشنطن تايمز التى أبرزت تصريح عبدالموجود الدرديرى أحد هؤلاء النواب رداً على سؤاله بشأن تصريحات سابقة لبعض قادة الإخوان بطرح كامب ديفيد للاستفتاء بأن الحزب «لن يطرح أى نوع من أنواع الالتزامات الدولية للاستفتاء، فالحزب يحترم هذه الالتزامات بما «فيها كامب ديفيد». وتعليقاً على الزيارة قال جاى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض أنهم سيحكمون على السياسيين المصريين عبر أدائهم فقط بغض النظر عن إنتمائهم الدينى. زيارة جون ماكين إلى مصر فى فبراير 2012 كانت زيارة محورية، ليس فقط كونه مرشح الرئاسة المنافس لأوباما ومع ذلك اتفق معه على نفس سياسة التوجه الإيجابى نحو الإخوان، بل من كونه أحد أهم منظرى حرب العراق عبر رئاسته للمعهد الجمهورى الدولى، والمعروف بميوله شديده الصهيونية، لذلك كان لافتاً للغاية أنه اجتمع بخيرت الشاطر فى مكتبه بعد اجتماعه بالمشير طنطاوى مباشرة، وخرج ممتدحاً ما ناله من تطمينات تخص موضوعين أساسيين هما التوجهات الاقتصادية ومعاهدة كامب ديفيد، حتى أن هذه المفارقة استثارت الاستاذ فهمى هويدى ليكتب مقال (فى التوافق المذموم) الذى أعرب فيه عن استيائه من تصريحات ماكين. السياسيون يمارسون التقية وفى تصريحات سابقة ل«الشروق» فى وقت انعقاد مؤتمر مصر الجديدة فى واشنطن فى أبريل الماضى، قال مصطفى حجازى الخبير السياسى، والذى تم تعيينه مؤخراً مستشاراً للرئيس للشئون السياسية «ما شاهدناه فى هذا المؤتمر هو موقف حج سياسى إلى أمريكا، التى يعتبرها كل الحاضرين على اختلاف انتمائاتهم القبلة الأولى والأخيرة لهم». اعتبر حجازى أن ما يحدث هو منافسة من كل طرف على تجميل صورته أمام أمريكا من أجل الحصول على صك البراءة والاعتراف بصواب ما يفعله فى مصر، خاصة مع قوة تأثير أمريكا سياسياً واقتصادياً على مصر. «إذا كان السياسيون المصريون الذين أعلنوا هناك أنه لا حل إلا التفاهم والحوار جادين وصادقين فى طرحهم، وأنا أتفق مع هذا الطرح، فما الذى منعهم من الجلوس معاً هنا لا فى أمريكا؟» يتساءل حجازى مشيراً إلى أن هذا الخطاب فى حقيقته غير موجه من أى منهم إلى الآخر او إلينا، بل موجه فقط إلى أمريكا دون قناعة حقيقية. وعن مخالفة لغة الخطاب المستخدمة فى مصر لخطاب السياسيين المصريين مع الغرب، قال حجازى «بشكل عام دون تخصيص أى اسم او فصيل معين، الأداء العلنى المصرى يعتمد على ما يشبه التقية الشيعية، أى اظهار غير ما يبطن على اعتبار ان البشر ينسون». يشير حجازى إلى أن هذا الموقف لا يقتصر على مخاطبة الغرب باللغة التى يفهمها ، بل لها سابقة فى مصر كما فعل الإخوان أيام الانتخابات حين رفعوا شعار «قوتنا فى وحدتنا»، وركزت دعايتهم على جمع الناس بجميع طوائفهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية . «كان هذا فى عهد الاضطهاد والحاجة لهذا الخطاب، لكن بعدها عندما زالت الحاجة اختفى هذا الخطاب». الشروق المصرية