كان يوما لا ينسى .. ولن يمحى من ذاكرة الأجيال اليمنية المتعاقبة .. فقد كان الشرارة الأولى لثورة شبابية حركت الركود السياسي الذي كان يعتري الساحة السياسية اليمنية .. وعلى نفس منوال التاريخ خرج خمسة عشر طالبا حرا من طلبة كلية الإعلام .. ليعلنوا يومها صرخة في وجه الظلم .. والكبت .. ويطالبوا بثورة عارمة ضد الفساد والتدني اللا معقول في إحترام الحريات .... . ولأنهم طالما اعتقدوا جازمين بأن لهم الحق في ثورة الشعب .. وبأنهم من ظلوا يدافعون عن مصالحه .. فقد ركبت المعارضة موجة الفرصة .. موجة الثورة التي ظلوا يحلمون بها لتخرجهم من عجزهم .. وتحررهم من خوفهم .. وصار الوقود كافيا لإشعال المحرقة .. ورغم ماعاناه المشترك من شعبية متدنية بأفكاره المرفوضة وتحالفاته الغير مقبولة .. إلا أنه أستطاع أن يوقظ ذلك المارد النائم في الصدور .. التي كانت تحمل البغض للحزب الحاكم وقيادته .. بسبب تباطؤه في تحقيق ماتصبو إليه .. من عيش رغيد .. وأمن وإستقرار ...وكان الأغلب الأعم من العامة .. قد بلغ بهم اليأس مبلغه .. وصاروا يلعنون اليوم الذي ولدوا فيه يمنيين ...وخنوعهم في كل مرة يتم فيها سحق رغباتهم .. وكان لابد من ثورة .. يقودها الجياع .. حتى أن البعض منهم لجأ إلى ذلك الشعار الذي كان يتغنى به المؤتمريون أيام الإنتخابات " والله لو يطلع طرطور .. أفضل من فلان من المشترك " والآن هم يقولونها على صالح ..!! ولكن ماحدث كان عكس ماتوقعه الجميع .. فهناك من لايرى بدا لوجود المشترك وتحالفاته في الوطن .. وأن مايجمع تحالفات المشترك .. مجرد مصالح .. تخدمهم .. ولكنها تضع مصالح الشعب تحت الطاولة..!! . وتعاقبت الأحداث وانضم كل خصوم الأمس .. ليصبحوا إخوان الثورة .. وقويت شوكة الثورة .. وبدأ صالح يجدف عكس التيار .. حتى إنتبه لنفسه .. وعاد من جديد ليدير دفة الصراع .. ورمى بالكرة في ملعب المشترك .. عندما أرسل من يهدد بأنه سيقتحم منازل أعضاء المشترك " بيتا بيتا .. دارا دارا " .. ليفقد الناطق بإسم المشترك صبره ... ويدلي بتصريحه السياسي الخطير .. والذي هدد فيه صالح بجمعة الزحف .. وإقتحام قصره وغرفة نومه ... ليخسر بذلك نقاطا كثيرة في مواجهة صالح ونظامه .. فقد ثارت روح القبلية .. والعرف الذي يحظر الحديث عن غرف النوم والتعدي على الحرمات بسفور .. لتنتفض الحشود في جمعة أسموها " جمعة التسامح – رغم كل ماقيل عن دفع رسوم تلك الحشود – وأستعاد صالح ثقته بشعبيته وبقاءه في وطنه .. في الوقت الذي رفض فيه قيادات الثورة الشبابية ذلك التصريح السياسي ل" قحطان " وأعتبروه تصريحا شخصيا ليس له علاقة بالثورة ولا بمبادئها ..!! . وفي تسارع عجيب .. أفقد الثورة ماتبقى لها من نقاط فوز أمام صالح ونظامه .. فرقع حميد الأحمر قنبلته في وجوه القبيلة متمثلة في قبائل البيضاء الذين وصفهم بضعاف النفوس والمرتزقة .. لتثور ثائرة تلك القبائل المعروف عنها منذ القدم بالثورية والقوة .. لتأتي جمعة الإخاء .. وتزداد ثقة صالح بحنكته .. ولم يتبقى أمام صالح سوى كرت علي محسن الأحمر .. وقد احرقه عندما جعل علي محسن الأحمر يعتقد أن وفد الوساطة الذي به بقية أهله .. قد جآء إليه ليكون غطاء لعملية دبرت بليل للنيل منه وإغتياله .. فخسر بذلك علي محسن شعبيته بين أوساط قبيلته .. بل وكسب ثأرا قبليا لن ينساه من أصيب له قريب أوقتل من وفد الوساطة ..!! . الثورة التي يضم السواد الأعظم منها المفكرين والمثقفين والأدباء والصحفيين والسياسيين ونخبة المجتمع .. تخللها بعض المنغصات .. كخلافات شخصية بين من أشعل الثورة ومن ركب على موجتها .. وبين من له الحق في منصة التغيير عند نصب الثورة " الإيمان يمان والحكمة يمانية " .. ومن له الحق في قيادة الثورة .. الشباب أم المشترك ... وحدثت مشاحنات وخلافات داخلية .. جعلت الكثير يغادر ساحة التغيير .. وينزل من على ظهر سفينة الثورة .. وتخلو ساحة التغيير شيئا فشيئا .. لكن الثورة تعود فتنتفض بقوة هناك في تعز .. وهم من هم .. المعروفون بإتقاد الفكر الثوري .. وتتقد الثورة وتتأجج نارها من جديد .. ونرى المشهد يتضح تارة وأخرى تعتريه الضبابية .. فتصبح ساعة لصالح الثورة وساعة اخرى لصالح النظام .. وتقف الولاياتالمتحدةالأمريكية حينا مع صالح ونظامه وحينا آخر مع الثورة ومطالبها ...!! ويكاد لايجزم أحد بماستكون عليه النهاية إلا في شيء واحد فقط .. وهو أن صالح ونظامه سيرحل .. سيرحل .. ولكنها مسألة وقت لاغير ...!! . 3 إبريل 2011 م ... القس الأمريكي تيري جونز .. رأى أن الفرصة سانحة في مثل هذه الظروف التي يمر بها الوطن العربي .. وإنشغاله بشأنه الخاص وثوراته .. ليشرف على إحراق نسخة من المصحف الشريف على يد القس واين ساب وذلك بعد نقع نسخة من القرآن الكريم في الوقود لمدة ساعة .. وكأنه على ثقة بأن تلك الإنتفاضة العارمة التي أحدثها قبل فترة خبر إعتزامه إحراق القرآن .. لن يكون بذات المستوى في الوضع الحالي وقال تيري جونز بفخر وهو يشرف على إحراق القرآن الكريم " أردت أن أعطي العالم الإسلامي فرصة للدفاع عن كتابهم " .. وفعلا لم يحرك اياكان ساكنا فيما عدى إنتفاضة أفغانية .. وأحرق القرآن وأسقط في أيدينا ...!! . واخيرا وليس آخر .. الهم الذي لايبارح ضمائر المسلمين .. والرغبة التي ينتشي بتحقيقها اليهود والصهاينة .. فلسطين .. الجرح النازف .. الثورات العربية التي حققت للعرب أضخم أحلامهم .. ساهمت في سحق الحلم الوحيد .. وهو تحرير فلسطين .. وهاهي إسرائيل .. تدوس بقدم وسخة على زهرة غزة .. وتنهي أحلام العرب في سلام كاذب .. والعرب يغطون في نشوة إنتصاراتهم على زعمائهم .. إنتصاراتهم على بعضهم البعض .. تاركين لليهود الساحة بأكملها .. يلعبون فيها لعبتهم القذرة دونما وازع ولا رادع .. دونما شجب ولا تنديد كالمعتاد .. دونما مؤتمرات ولا قمم .. فمن منهم " فاضي للحاجات دي " .. !! . وجآءنا البيان التالي .. كبر مخك .. وعيش .. وطنش .. وسيب اليهود يعملوا اللهم عايزين .. وبلاش تتعب راسك في حاجات تافهه ومش مستهله .. ووسائل إعلام إسرائيلية تقوم قبل أيام بنشر صور فاضحة لفتيات خلف المسجد الأقصى في دعاية حقيرة تهدف للإساءة لثالث الحرمين وأولى القبلتين .. وقبل ذلك للإسلام والمسلمين .. وسط جمود إعلامي عربي لم يحرك طواحينه الإعلامية للرد على هكذا إهانات .. !! . إستيقظوا .. إستيقظوا .. قبل أن يفوت الأوان .. ونجد أنفسنا بين مطرقة أمريكا وسندان إسرائيل !!