نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة تشريعية لدى"مجلس النواب"القاضي/ أحمد بامطرف:قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن مخالفٌ للدستور

بعث فضيلة القاضي الدكتور/أحمد عمر بامطرف,رسالة عاجلة جداً اليوم إلى مجلس النواب,تحت عنوان إصدار قانون (الحماية القانونية لمنتسبي الأمن) مخالفٌ للدستور,كشف فيها حجم الكارثة المترتبة حالَ اصدار هذا القانون على الجرائم الصادرة عن منتسبي الأجهزة المدنية بحق المواطنين,في سابقة تشريعية خطيرة جداً,تضاهي فضيحة قانون"الحصانة المطلقة"الممنوحة للرئيس المخلوع"ومن عمل معه في الأجهزة الأمنية والعسكرية طيلة فترة حكمه"التي أقرها مجلس النواب ظلماً وعدواناً وطاعة عمياء لمبادرة آل سعود الخليجية.
غير أن فضيحة القانون المعتزم اقراره الآن أمام"نواب الشعب"بقيادة المتخلف يحيى الراعي وستمررها أغلبية المؤتمر الشعبي العام المنفردة بمجلس النواب مالم يتم تداركها ستكون كارثة تشريعية بكل المقاييس.
وللأهمية القصوى ينفرد موقع سيئون برس بنشر رسالة القاضي/أحمد عمر بامطرف الموجهة إلى مجلس النواب,فيما يلي نصها:
رسالة عاجلة إلى مجلس النواب
إصدار قانون (الحماية القانونية لمنتسبي الأمن) مخالفٌ للدستور :
وافق مجلس الوزراء في اجتماعه المنعقد بتاريخ 29 / 1 / 2013 م على مشروع قانون ( الحماية القانونية لمنتسبي الأمن ) المقدم من اللجنه المشكله برئاسة وزير الشئون القانونية وعضوية وزيري الداخلية والدفاع . وكلف المجلس في قراره رقم ( 33 ) لسنة 2013 م الوزراء المذكورين ووزير شئون مجلسي النواب والشورى باستكمال الإجراءات الدستورية لإصدار القانون . وبناء على ذلك تم تقديم مشروع القانون إلى مجلس النواب . فأحاله المجلس على لجانه المختصة لدراسته تمهيداَ لمناقشته واقراره من قبل المجلس .
وبعد إطلاعنا على مشروع القانون وتمحيص نصوصه نصاً نصاً واستنباط الغاية منه تبين لنا بأن هذا القانون إذا أقره مجلس النواب وصدر سيكون مخالفاً للدستور نظراً لما يشوبه من عيوب دستورية تتعلق بالأوجه الموضوعية لعدم دستورية القوانين والمعروفة في الفقه والقضاء الدستوري بعيبن رئيسيين وهما :-
العيب الأول/ الإنحراف التشريعي، بسبب الغايه من إصدار القانون : حيث أنه من المعلوم قانوناً إن الغاية من إصدار أي قانون – بشكلٍ عام – يجب أن تستهدف تحقيق الصالح العام ، فإذا انحرف المشرع عن هذه الغاية وأبتغى من القانون غايات أخرى منحرفة عن المصلحة العامة فإن القانون يكون مُعيباً بعيب الإنحراف التشريعي ، مما يعني مخالفة القانون للدستور وهي مخالفة لأحكام الدستور في روحها وفحواها أكثر من ظاهر نصوصها . ويترتب على هذه المخالفة بطلان القانون لعدم دستوريته ، وهوماسينطبق على قانون (الحماية القانونية لمنتسبي الأمن).
العيب الثاني/ يتعلق بمخالفة نصوص القانون لأحكام الدستور: ويتمثل هذا العيب في مجال المخالفات الدستورية بشكلٍ عام في انتهاك القانون لأحكام الدستور الموضوعية في مجال تنظيمه للحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور، لأنه يشترط في أي قانون لتقرير دستوريته ألا تكون نصوصه مخالفةَ للدستور .
ولذلك يجب أن تلتزم سلطة التشريع بالقيود والضوابط التي يفرضها عليها الدستور وهي بصدد ممارسة إختصاصاتها التشريعية ولاتهدرها وإلا كان عملها باطلاً لمخالفته الصريحه لهذه الضوابط والنصوص الدستورية .
وفي إطار هذين العيبين فإن المخالفات الدستورية في قانون (الحمايه القانونية لمنتسبي الأمن ) في حالة صدوره فهي تتمثل على وجه التحديد في الأوجه الأتي بيانها وبالأدلة التي تؤكدها :-
أولاَ : تعارض الغايه من هذا القانون مع أحكام الدستور:
إن الغايه من وراء إصدار هذا القانون لاتستهدف الصالح العام وإنما تستهدف تحقيق مصلحة خاصة بمنتسبي الأمن وبمن يكلف بمهام أمنية من منتسبي القوات المسلحة ، وهي مصلحه غير مشروعه لأن القصد منها حماية هؤلاء الأفراد من الملاحقه القانونيه الجنائيه والمحاكمة أمام القضاء عما يرتكبوه من جرائم أثناء أدائهم الواجب كالقتل والإيذاء الجسماني الجسيم نتيجة استخدامهم غير المشروع والمفرط للقوة في قمع الإحتجاجات السلمية للمواطنين في المسيرات والمظاهرات والأعتصامات مما يسفر عنها سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى في صفوف المواطنين ، وهذه الجرائم يرتكبها منتسبو الأمن خارج إطار الحدود القانونية لحالات أداء الواجب المناطه بهم قانوناً وأبرز مثال على ذلك أحداث مجزرة جمعة الكرامة في صنعاء التي وقعت في الثامن عشر من مارس 2011 م التي ذهب ضحيتها أكثر من خمسين شهيداً وما يقرب من مائة جريح ، وغير ذلك من مجازر دموية وقعت في أحداث مماثلة في صنعاء وتعز والحديدة وذمار وغيرها من المدن كان آخرها المجزره التي إرتكبها جهاز الأمن القومي يوم الأحد 9/6/2013م أمام مبنى الجهاز ضد المتظاهرين السلميين من جماعة أنصار الله التي ذهب ضحيتها 13 شهيداً واكثر من مائة جريح منهم 10 في حالةٍ حرجه و45 مصاباً بإصابات خطيره بجانب اعتقال العشرات ، والتي أدانها بشدة مؤتمر الحوار الوطني .أما المحافظات الجنوبية التي تشهد حِراكاً سِلمياً متواصلاً تقوده قوى الحراك الجنوبي السلمي الحامل للقضية الجنوبية منذ عام 2007 م فهي تتعرض لقمعٍ أشدُ ضراوةً من قبل قوات الأمن وأبرز مثال على ذلك مجزرة يوم الكرامة التي وقعت في عدن في 21 فبراير 2013 م التي تصدى فيها منتسبو الأمن للتظاهرات الشعبية السلمية باستخدامهم الأسلحة الفتاكة وإطلاقهم النار بصورة غير مشروعه ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، وما سبق ذلك وما تلاه من أحداث أخرى مماثلة أستشهد فيها أطفال ونساء وحوامل ومرضعات وهن آمنات في بيوتهن . وفي حالات كثيرة وقعت جرائم قتل بواسطة الدهس بالأطقم العسكرية والمصفحات ذهب ضحيتها أعدادٌ من المواطنين المشاركين في المظاهرات ومن المارة في الطرقات .
ففي كل تلك الأحداث التي شهدتها مختلف محافظات الجمهورية لم يُقدم أي فرد من منتسبي الأمن ممن إرتكبوا جرائم قتل أو إصابات جسمانيه إلى المحاكمة رغم مطالبات أهالي الضحايا بذلك ، مع أن قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن لم يصدر بعد.
إن الحماية المراد توفيرها لمنتسبي الأمن بهذا القانون هي في الأصل حماية غير قانونية ، فالقانون إذا صدر يكون مخالفاَ للدستور لأن الدستور لا يستثنى من الملاحقة القانونية والمحاكمة أي مواطن مهما كان منصبه السياسي أو وضعه الوظيفي أو مركزه الاجتماعي عن أية جريمه يرتكبها .
ولأجل تأكيد صحة ما ذكرناه من أن الغاية من هذا القانون هي حماية منتسبي الأمن من الملاحقة القانونية والمحاكمة عما يرتكبوه من جرائم أثناء أدائهم الواجب ومخالفتها للدستور ، يتعين علينا معرفة الأسباب التي أدت إلى سن هذا القانون . حيث أنه من المعلوم قانوناً أن أسباب التشريع – بشكلٍ عام – تكشف عن الغاية التي قصد المشرع إلى تحقيقها من إصدار القانون . فمثلاً النص الوارد في قانون الجرائم والعقوبات بتوقيع عقاب مشدد على مرتكب جريمة معينة فإن سببه قد يكون كثرة إرتكاب هذه الجريمة وتأثيرها السلبي على المجتمع ،أما غايته فيجب أن تكون ردع مرتكب هذه الجريمة وغيره كي لا يرتكبها بعد ذلك . ووفقاً لما أجمع عليه فقهاء القانون الدستوري فإن أسباب التشريع التي تكشف عن غايته نجدها في نصوص التشريع بذاته عندما نمحصها نصاً نصاً ، وفي العبارات والأساليب المستخدمة في صياغة نصوصه ، لنتبين من خلال ذلك الغاية من إصدار التشريع . وعلى هذا الأساس ومن خلال الاطلاع على مشروع قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن نجد أنه يتكون من ثلاثة فصول أحتوى الفصل الأول منه على ثلاث مواد ، المادة الأولى تتعلق بتسمية القانون والمادة الثانية تتعلق بالمعاني لبعض الألفاظ والعبارات الواردة في القانون ، والمادة الثالثة نصت على سريان القانون على منتسبي الأمن وكل من يكلف بمهام أمنية من منتسبي القوات المسلحة . وتضمن الفصل الثاني تحت عنوان ( أداء الواجب ) ثمان مواد أولها المادة الرابعه التي حددت الحالات التي لا يعتبر الفعل الواقع فيها جريمة ، وجاء فيها ما نصه الأتي :-
(( مع مراعاة ما ورد في قانون الجرائم والعقوبات لا جريمة إذا وقع الفعل من منتسبي الأمن أو القوات المسلحة في الأحوال التاليه :-
1- إذا كان الفعل إستعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون .
2- إذا كان الفعل أداءً لواجب يفرضه القانون .
3- إذا كان الفعل إستعمالاً لسلطة يخولها القانون .
4- إذا كان الفعل تنفيذاً لأمر مشروع صادر إليه من رئيس تجب عليه طاعته )).
فهذه الفقرات الثلاث الأولى من المادة ( 4) في مشروع قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن منقوله من نص المادة ( 26 ) من قانون الجرائم والعقوبات وهو الشريعة العامة التي تحدد كافة أنواع الجرائم وعقوباتها والذي يسري على جميع المواطنين مدنيين وعسكريين ، حيث وردت المادة ( 26 ) من هذا القانون بعنوان :- (( أسباب الإباحة – استعمال الحق وأداء الواجب )) ونصت على الأتي :-
(( لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون أو قياماً بواجب يفرضه القانون ، أو استعمالاً لسلطة يخولها )) .
من خلال التمعن في هذا النص يتبين لنا أن الفقرة رقم ( 4 ) من المادة ( 4 ) من مشروع قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن التي نصت على سبب رابع من أسباب الإباحة وهو (( تنفيذ أمر مشروع صادر من رئيس تجب طاعته )) لم ترد في النص الأصلي وهو المادة ( 26 ) من قانون الجرائم والعقوبات لأن ما نصت عليه الفقرة رقم ( 4 ) يدخل ضمناَ في نص الفقرة ( 2 ) من نفس المادة التي جاء فيها :- (( إذا كان الفعل أداءً لواجب يفرضه القانون )) لأن تنفيذ منتسب الأمن لأمر مشروع صادرإليه من رئيس تجب عليه طاعته هوأداءٌ لواجب يفرضه عليه القانون. ولدلك فإن هذه الإضافة هي إستحداث لسبب رابع إلى جانب الأسباب الثلاثة للإباحة لم ينص عليه في الأصل قانون الجرائم والعقوبات ، وهذا الأسلوب في صياغة النص يُستشف القصد منه وهو محاولة توسيع نطاق الأسباب التي لا يعتبر الفعل الواقع فيها جريمه بقصد إباحة كل ما يُرتكب من أفعال جنائيه من منتسبي الأمن أثناء قيامهم بواجباتهم ، هذا من جهه . ومن جهةٍ أخرى ، فإن أسباب الإباحه التي نص عليها مشروع قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن في المادة ( 4 ) منه وهي :- استعمال الحق ، وأداء الواجب ، والسلطة التي يخولها القانون ، وتنفيذ أمر مشروع صادر من رئيس تجب طاعته ، هي أسباب تفترض قيام الجريمة بركنيها المادي والمعنوي في الفعل الذي يقع من منتسب الأمن ولكن يقترن قيام الجريمة بوجود أحد هذه الأسباب فيُبطِل مفعول التجريم ، وتوافر سبب من أسباب الإباحة لا يستبعد المسئولية الجنائية فحسب بل أيضاً المسئولية المدنيه والتأديبية. إلا أن الأهم من كل هذا هو أن مجال تطبيق هذا النص هو أن يكون الفعل الصادر من منتسب الأمن قد وقع في إطار الحدود القانونية لاستعمال الحق أو السلطة أو أداء الواجب أو تنفيذ الأمر المشروع . فإذا كان قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن قد حدد أسباب الإباحة للأفعال التي تقع من منتسبي الأمن ولا تعتبر جريمه إلا أن مضمون هذه الأسباب يتوقف على غير هذا القانون . فاستعمال الحق كسبب للإباحة يفترض توافر حق مقرر بمقتضى القانون أياَ كانت طبيعة هذا الحق ، كما أن أداء الواجب الذي يفرضه القانون كسبب للإباحة يفترض تحديد مضمون هذا الواجب وفقاً للقانون ، واستعمال السلطة التي يخولها القانون كسبب للإباحه يفترض تبيان هذه السلطة بمقتضى القانون ، وتنفيذ أمر مشروع صادر لمنتسب الأمن من رئيس تجب عليه طاعته يفترض تحديد مضمون أو ماهية الأمر المشروع وصفة الرئيس مُصدِر الأمر الذي تجب طاعته طبقاً للقانون . وبناء على ذلك فأن الفعل الصادر من منتسب الأمن إذا وقع خارج إطار الحدود القانونية لأي سبب من هذه الأسباب الأربعة ، سواءٌ كان عمداَ أو بطريق الخطأ فأنه في هذه الحاله لا يعد فعلاً مباحاً بل جريمة عمديه أو شبه عمديه حسب الأحوال . أما إذا تجاور منتسبو الأمن بطريق الإهمال حدود أسباب الإباحة أثناء أدائهم الواجب ولم يكن التجاوز بصوره عمديه فأن الأفعال التي تقع منهم في هذه الحالة تعتبر جرائم غير عمديه ، فكان يجب النص على تجريم هذه الأفعال في مشروع قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن . إلا أن مشروع القانون
نص فقط على حالات أو أسباب الإباحة الأربعة التي لا تعتبر الأفعال الواقعة فيها جريمة ولم ينص على تجريم أفعال التجاوز لحدود أسباب الإباحة ، مع أن مشروع القانون قبل الموافقه عليه من مجلس الوزراء كان يتضمن نصاً يجرم هذه الأفعال ويعاقب مرتكبيها وذلك في المادة ( 4 ) منه التي كانت تنص على ما يلي :-
(( إذا تجاوز أفراد الأمن أو القوات المسلحة حدود أداء الواجب فيعاقب على فعلهم بوصفِه جريمة غير عمديه )) . وهذا النص منقول في الأصل من نص المادة ( 30 ) من قانون الجرائم والعقوبات التي وردت بعنوان :- ( تجاوز حدود الإباحة ) ونصت على مايلي :- (( إذا تجاوز الشخص بإهماله حدود الإباحة أو الضرورة أو الدفاع الشرعي يعاقب على هذا التجاوز إذا كان القانون يجرمه بوصفه جريمة غير عمديه )) إلا أن هذا النص حُذف كلياً من مشروع القانون أثناء مناقشته من قبل مجلس الوزراء ، وهو ما يؤكد أن الغاية من هذا القانون تهدف إلى إباحة كل ما يرتكبه منتسبو الأمن من أفعال جنائية أثناء أدائهم الواجب بقصد حمايتهم من الملاحقة القانونية والمحاكمة مما يجعل القانون في حالة صدوره معيباً بعيب الإنحراف التشريعي ويترتب على ذلك مخالفته للدستور وبالتالي بطلانه .
وبالإضافة إلى ذلك فإن مشروع القانون قبل عرضه على مجلس الوزراء كان يتضمن نصاً يُجيز رفع الدعوى الجزائية على منتسبي الأمن أو من يكلف من القوات المسلحة بمهام أمنية عن أية جريمة تقع منهم أثناء تأديتهم الواجب ، إذ نص في المادة ( 5 ) منه على ما يلي :-
(( مع مراعاة ما ورد في المادة ( 4 ) لا يجوز رفع الدعوى الجزائية على منتسبي الأمن أو القوات المسلحة لجريمة وقعت منهم أثناء تأديتهم للواجب أو بسببه إلا بإذن النائب العام )) . وبموجب هذه المادة فإن أي فرد من منتسبي الأمن وقعت منه جريمة أثناء أو بسبب تأديته الواجب ستتخذ ضده الإجراءات القانونية بالقبض عليه والتحقيق معه ورفع الدعوى الجزائية ضده عبر النائب العام ومحاكمته في المحكمة المختصة والحكم عليه بما هو مقرر شرعاً وقانوناً . إلا أن هذه المادة أيضاً حُذِفت من قبل مجلس الوزراء عندما أقر مشروع القانون ، وهذا دليل أخر يؤكد بأن الغاية من إصدار هذا القانون تهدف إلى حماية منتسبي الأمن ومن يكلف بمهام أمنية من أفراد القوات المسلحة من الملاحقة القانونية والمحاكمة عما يرتكبوه من جرائم أثناء أداء الواجب . فإذا لم تكن هذه هي الغاية التي يستهدفها إصدار القانون لما حُذِفت هاتان المادتان من المشروع .
ولأن هذه الغاية التي يتغياها هذا القانون غير مشروعة ولا تستهدف الصالح العام من جهه ، ولأن القانون من جهةٍ أخرى ، تضمن نصوصاً مُعدِله لنصوص قانونية تضمنتها قوانين سابقه عليه فهذا مايعيب القانون في حالة صدوره بالانحراف التشريعي مما يترتب عليه مخالفة القانون للدستور وبالتالي بطلانه .
ثانيا : إستبدال القانون المسئولية المدنية بالمسئولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها منتسبو الأمن أو من يكلف بمهام أمنيه من منتسبي القوات المسلحة أثناء أدائهم الواجب،هذا من جهه . ومن جهةٍ أخرى، إخلال القانون بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات الذي كفله الدستور :
نص مشروع القانون في المادة ( 6 ) منه على أن ( تتحمل الوزارة المختصة الداخلية أو الدفاع التعويض عن الضرر الناتج عن الفعل الذي يقع من منتسبي الأمن القوات المسلحة أثناء تأديتهم الواجب أو بسببه ) .
ونص في المادة ( 7 ) على أن ( تتحمل الوزارة المختصة مسئولية تعويض الضرر الواقع على منتسبي الأمن أو القوات المسلحة من الغير إذا كان الضرر ناتجاً عن فعل وقع لأي منهم أثناء تأديتهم للواجب أو بسبب ) .
ونصت المادة ( 8 ) بأن ( للوزارة المختصة الحق برفع الدعوى المدنية على المتسبب بالضرر الذي تحملته تعويضاً للغير أو لمنتسبي الأمن أو القوات المسلحة ) بينما نصت المادة ( 9 ) بعد تعديلها بقرار مجلس الوزراء على الأتي :
( تتحمل الموازنة العامة للدولة تسليم ما يُحكم به من ديات أو تعويضات على منتسبي الأمن أو القوات المسلحة بسبب أداء الواجب بموجب حكم قضائي بات أو بموجب حكم تصالحي معمد من المحكمة الشرعية شريطة ألا تزيد الديه عن الديه الشرعية المقررة قانوناً ) .
ونصت المادة ( 10 ) على ما يلي : ( يستحق منتسبو الأمن أو القوات المسلحه تعويضاً نقدياً عن أصابتهم أثناء أداء الواجب وفقاً لقانون المعاشات والمكافآت للقوات المسلحة والأمن وتعديلاته ) .
من خلال التمعن في هذه النصوص يتضح أن مشروع القانون جعل المسئولية المدنية بديلاً عن المسئولية الجنائية كأثر مترتب عن الجرائم التي تقع من منتسبي الأمن أو القوات المسبحة أثناء أدائهم الواجب معتبراً أن ما يقع من جرائم مهما كانت نتيجتها قتل أو إيذاء جسماني هي مجرد ضرر يستوجب التعويض المادي فقط كالضرر الناتج عن الاعتداء على المال أو الملكية بشكلٍ عام ، بينما الأفعال الجنائية التي تقع على النفس هي جرائم إعتداء على حياة الإنسان وسلامة جسمه تستوجب اتخاذ التدابير الجزائية ومحاكمة الفاعل ومعاقبته بالعقوبات المقررة في قانون الجرائم والعقوبات وهي :- القصاص أو الحبس والدية والأرش إلى جانب التعويض المادي …. الخ .
وبما أن قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن تضمن نصوصاً مٌعدِله لنصوص قانونية تضمنتها قوانين أخرى سابقه عليه فلذلك يكون القانون معيباً بعيب الانحراف التشريعي في حالة صدوره مما سيترتب على ذلك مخالفته للدستور ، هذا من جهه .
ومن جهةٍ أخرى ، فإن النصوص القانونيه المشار إليها في مشروع القانون إشتملت على تفرقه وتمييز في الحقوق والواجبات بين المواطنين أمام القانون مخالفةً بذلك مبدأ المساواة بينهم الذي كفله الدستور في المادة ( 41 ) منه ، لأنه وفقاً لهذه النصوص فإن أي فرد من منتسبي الأمن أو من يكلف بمهام أمنية إذا أصابه ضرر أثناء أدائه الواجب ( نتيجة فعل وقع عليه ) ففي هذه الحالة فهو يستحق تعويضاً نقدياً بموجب قانون المعاشات والمكافآت للقوات المسلحة والأمن دون الحاجة لحصوله على حكم قضائي ، والوزارة المختصة ( الداخلية أو الدفاع ) هي التي تتولى دفع التعويض له ، وهذا ما نصت عليه المادتان ( 7 و 10 ) من مشروع القانون . بينما المواطن إذا أصابه ضرر نتيجة فعل وقع عليه من منتسبي الأمن أثناء أدائهم الواجب فأن إستحقاقه للتعويض وتسليمه له يتطلب أولاً لجوئهِ للقضاء لإقامة الدعوى وحصوله على حكم قضائي بات أو حكم تصالحي معمد من المحكمة ، وبالأضافة إلى ذلك فإن الموازنة العامة للدولة ( وزارة المالية ) هي التي تتحمل تسليم ما سيُحكم به من تعويض أو ديه للمواطن وليست الوزارة المختصه ( الداخليه أو الدفاع ) وهذا ما نصت عليه المادة ( 9 ) من مشروع القانون المُعدَله من قبل مجلس الوزراء ، وهو ما يتعارض مع النصوص القانونية المتعلقة بالديه والتعويض وكيفية إستحقاقهما والحكم بهما الواردة في قانون الجرائم والعقوبات المواد ( من 70 – 80 ) منه التي بموجبها يُحكم بالديه على القاتل الأصلي ومن في حكمه كعقوبه بديله عن القصاص في أحوال سقوط القصاص على النحو المبين في القانون ، وتعتبر الديه عقوبة أصلية في الأحوال التي ينص عليها القانون . كما تجب الديه في مال الجاني وحده في أحوال سقوط القصاص وإبدالها به . وتكون في الخطأ على الجاني ثلثها ويوزع الباقي على عاقلته ، ويجوز الجمع بين الدية والأرش وبين تعويض المجني عليه أوورثته عما اُنفق في علاج المجني عليه وما فاته من كسب أثناء مدة العلاج ، وغير ذلك من أحكام مبينة بالتفصيل في قانون الجرائم والعقوبات التي تتعارض معها النصوص الواردة في مشروع قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن ، هذا من جهه .
ومن جهةٍ أخرى ، فأنه وفقاً لما نص عليه مشروع القانون فإنه من غير الممكن قانوناً حصول المواطن على حكم من المحكمة باستحقاقه الديه أو التعويض عما وقع له من منتسبي الأمن إلا إذا طلب ذلك في إطار دعوى جزائية تقيمها النيابة العامة ضد الجاني وهو ما لا يمكن تحققه في ظل هذا القانون لأنه يهدف أساساَ إلى حماية منتسبي الأمن ومن يكلف بمهام أمنية من أفراد القوات المسلحة من الملاحقة القانونية والمحاكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء أدائهم الواجب ، فالمواد التي تنص على تجريم أفعال التعدي على المواطنين التي تقع من منتسبي الأمن تجاوزاً منهم لحدود أداء الواجب
والمواد التي تُجيز للنيابة العامة إقامة الدعاوى الجزائية ضدهم قد حُذِفت من مشروع القانون من قبل مجلس الوزراء حسبما أوضحناه آنفاً بينما أفعال التعدي التي تقع على منتسبي الأمن فقد نص مشروع القانون في المواد ( من 12 – 15 ) على تجريمها والمعاقبه عليها ومحاكمة مرتكبيها . ولذلك فإن قانون الحماية القانونية لمنتسبي الأمن سَيُخلُ بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات الذي كفله الدستور في المادة (41) منه ، لأنه خص الفئه التي تعلق بها مجال تطبيقه وهي ( منتسبو الأمن ومن يكلف بمهام أمنيه من أفراد القوات المسلحة ) بمعاملة إستثنائية لا تستند إلى أسس موضوعية جاوز بها ما تقتضيه الحماية المتكافئه بين المراكز القانونية المتماثلة .
إن الحق في المساواه هو من الحقوق الأساسية للمواطنين وهو أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي ، لأن الغايه التي يستهدفها مبدأ المساواة تتمثل أصلاَ في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة كافة صور وأشكال التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها . وهذا المبدأ في جوهره هو وسيله لتقرير الحمايه المتكافئه التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور فحسب ، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التي تكفلها القوانين التي تصدرها السلطه التشريعيه، مما يعيب القانون لإخلاله بمبدأ المساواة بمخالفته للدستور.
ثالثاً : إهدار القانون حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور في المادة (42) وأقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي نص الدستور في المادة (6) على تأكيد العمل بها :-
إحتوى الفصل الثالث من مشروع القانون في المواد ( من 12 – 15 ) على العقوبات المتعلقة بالأفعال الواقعة على منتسبي الأمن ومن يكلف بمهام أمنيه من أفراد القوات المسلحة ، فضت المادة ( 12 ) من المشروع على ما يلي :-
(( يعاقب بغرامه لا تقل عن مائتي ألف ولا تزيد على خمسمائة ألف ريال كل من ينسب لأحد منتسبي الأمن أو القوات المسلحة أفعال غير قانونية أو غير صحيحة تتعلق بمهام وظيفته عبر الصحف أو المجلات أو غيرها من الوسائل بغرض الإساءه أو التشهير ))
من خلال التمعن في سياق هذا النص يتبين لنا أنه سيقع تحت طائلة المحاكمة والعقاب – بذريعة الإساءة أو التشهير – كل من يقوم بالكتابة أو النشر عبر الصحف أو المجلات أو غيرها من وسائل الإعلام سواءٌ على شكل أخبار أو مقالات ومواضيع تتضمن انتقادات أو آراء وتعليقات حول ما يرتكبه منتسبو الأمن من جرائم أثناء أدائهم الواجب نتيجة استخدامهم القوه المفرطه والوسائل غير المشروعه في فض المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات السلمية مما ينتج عن ذلك سقوط قتلى وجرحى في صفوف المواطنين . وهو ما يُشكل إخلالاً بحرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور في المادة (42) منه وأقرتها المواثيق الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة
التي أكد الدستور في المادة ( 6 ) منه على العمل بها . حيث تنص المادة ( 42 ) من الدستور على مايلي :-
( لِكُل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون ) .
فالدستور في هذه المادة بعد أن كفل حرية الرأي ومنح كل مواطن حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير ، قرر أن يتم ذلك في حدود القانون . وبذلك يكون الدستور قد خول السلطة التشريعية أمر تنظيم حرية الرأي بما لا ينتفي معه جوهر هذه الحرية أو ينتقص منها. وسواءٌ كان هذا الانتقاص من الحرية أو الحق أو الإخلال به جسمياً أم كان محدوداً فهو عدوانٌ على الحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق أو لتلك الحرية . وهذه الحماية هي التي يحرص الدستور عليها ليعطي حقوق المواطنين وحرياتهم قيمتها الحقيقية ، لأن حرية الرأي هي من الحريات الأساسية التي تُعد ركيزةً لكل نظام ديمقراطي سليم يقوم في جوهره على مبدأ السيادة الشعبية ومفاده:- (( الشعب مالك السلطة ومصدرها )) وهو ما أكده الدستور بالنص عليه في المادة ( 4 ) منه . ولا شك أن هذا المبدأ يقتضي أن تكون للشعب – ممثلاً في نوابه أعضاء السلطة التشريعية – الكلمة الحرة فيما يُعرض عليه من شئون عامه ، وأن تكون للشعب أيضاَ بأحزابه ونقاباته ومنظماته وأفراده رقابه شعبيه فعاله يمارسها بالرأي الحر والنقد البناء لما تقوم به السلطة الحاكمة من أعمال وتصرفات . وبالأضافه إلى ذلك فإن حرية الرأي تعتبر بمثابة الحرية الأصل التي يتفرع عنها الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها ، وتُعد المدخل الحقيقي لممارستها ممارسة جدية ، كحق النقد ، وحرية الصحافة والطباعة والنشر . كما تُعد حرية الرأي ضمانه لازمه لمباشرة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين . ولذلك فإن إخلال القانون بحرية الرأي أو المساس بها أو الانتقاص منها حسبما أوضحناه هو عدوانٌ على الحمايه التي كفلها الدستور لحرية الرأي ، مما يعيب القانون في هذه الحاله بمخالفته للدستور وبالتالي بطلانه .
الخلاصه : إن أي سبب من الأسباب المبينه آنفاً يكفي في حد ذاته لتقرير عدم دستورية قانون (( الحماية القانونية لمنتسبي الأمن )) في حالة صدوره مما يتعين على السلطة التشريعية ممثلةً بمجلس النواب أن تلتزم بالقيود والضوابط التي يفرضها عليها الدستور وهي بصدد ممارسة اختصاصاتها التشريعية ولا تهدرها ، وأن تتقيد بمبادى وأحكام الدستور .
كما أن جميع النصوص التي تضمنها مشروع القانون هي في الأصل منقوله من قانون الجرائم والعقوبات العام وقانون الجرائم والعقوبات العسكرية ، ولكن تم نقل تلك النصوص مع تعديل أو إضافه لمضمونها الأصلي أو إستبعاد نصوص قانونية أخرى مرتبطه بها وتم تجميعها في إطار مشروع قانون وسٌمّي بقانون (( الحماية القانونية لمنتسبي الأمن )) وذلك بقصد تحقيق الغايه التي يهدف إليها
إصدار هذا القانون المتعارضه مع الدستور وهي حماية منتسبي الأمن من الملاحقه القانونيه والمحاكمه عما يرتكبوه من جرائم أثناء أدائهم الواجب.
إن الحماية القانونية الحقه بمعناها الشرعي والقانوني الصحيح هي مقرره ومتوافره أصلاً في القوانين النافذه كقانون الجرائم والعقوبات العام وقانون الجرائم والعقوبات العسكريه وقانون هيئة الشرطة وغير ذلك من قوانين ، مما يستوجب الالتزام بتطبيق هذه القوانين تطبيقاً صحيحاً ، والتقيد بمبادي وأحكام الدستور بدلاً من مخالفتها .
وفي هذا المضمار فإن للقضاء الدستوري المستقل أهميه كبيره في الرقابه على دستورية القوانين في ضوء مبدأ الفصل بين السلطات . ولذلك سنتناول في مقالات أخرى قادمه – بإذن الله تعالى – الكتابه حول هذا الموضوع ، وفي هذا الإطار حول أهمية إنشاء محكمه دستورية عليا تتولى النظر والفصل في الدعاوى والدفوع المتعلقه بعدم دستورية القوانين والقرارات والأنظمه واللوائح ، وكذلك حول الإصلاح القضائي ومايتطلبه من خطط وبرامج وإجراءات حاسمه لإنهاء كافة الظواهرالسلبيه والإختلالات والولاءات الحزبيه والأمنيه التي يعاني منها القضاء ، والتي هي من أسباب فقدان القضاء لإستقلاله وهَيبتهِ وما يتعرض له القضاه ومقرات المحاكم من إعتداءات وإنتهاكات – الأسباب والحلول – .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.