عند بداية ثورة الشمال وفي طور عنفوانها وزخمها رسمت لها الكثير من الاهداف والشعارات والاحلام , وكانت كالرجل العاجز الذي تستهويه احلام اليقظة تعبيرا عن عجزه خصوصا بعد سيطرة العسكر عليها . ومن بين هذه الاهداف والشعارات التي رفعت وسميت جمع باسمها " قضية الجنوب " وضرورة نصرتها وفيها اطلقوا العنان للجنوبيين بأن يحلموا وقالوا لهم ستًسترد حقوقكم وتعود ثروتكم ويقرر مصيركم وزيادة في الأماني خيرونا بين الفدرالية أو الانفصال وكم شهدنا من الثوار والنشطاء من امثال "خالد الآنسي" و" توكل كرمان " وهم يعشمونا بكل الخير وأن كل هذا سيأتي بعد نجاح ثورتهم , وكم سمعنا مشائخهم فوق المنابر وفي الساحات وهم يشيدون بالجنوب وشعبه ويحلفون اليمين بحب هذا الشعب . ودون سابق أنذرا انقلب الشمال على الجنوب وبدلا من أن تعاد الحقوق بعد أعلان نجاح الثورة برزت فتاوى التكفير من جديد وبإشكال مختلفة وتحول الجنوبي الى عميل انتقل من الشيوعي الى التشيع , وانقلبت تلك الوسائل الاعلامية التي كالت للجنوب المديح الى ماكينة تزييف وتضليل لترسي مصطلح جديد وهو الحراك المسلح وزادت سياسة الاعتقال والقتل والتهديد بقوة وأنزلت الالوية ونقل الآف الجنود والمليشيات الى أزقة الجنوب وشوارعه . وبدلا من أن تحترم صنعاء تلك الحشود المليونية في شوارع عدن وحضرموت كيلت التهم ومورس التبرير الساذج للتغافل عن لصوص النهب والقتل,من المعروف في علم النفس أن القاتل أو المجرم يبرر لضميره فعلت الاجرام ويعودها الى اسباب ومبررات لا توجد إلا في مخيلته فقط حتى يتجاوز تأنيب الضمير. والحال في الشمال يبدو مشابها في تصوير الجنوب بالعميل والمسلح والمخرب لتبرير هذا التأنيب وكما أن القاتل المتسلسل يختلق الاحداث لكي يبقى على استمرارية فعله دون وازع ضميري يستمر الشمال بكيل التهم لمواصلة بقائة. أذن سبب خداع وكذب الشمال ومغالطة الجنوب بالجمع والشعارات هيا رهان مرحلي لعبور ازمة فقط وخصوصا أذا عرفنا أن صنعاء لعبت نفس الدور المخادع قبل توقيع الوحدة بالموافقة عليها والرضاء وكان لهدف أخر وهو غزو عدن. فشلت ثورة الشمال لأنها لم تكن صادقة مع نفسها وغيرها ولكن الملاحظ أن سحر الشعارات والخدع انقلب على الساحر ولم ينطلي هذا على شعب الجنوب وما أصدقك أيها الشاعر الاعمى في وصفك صنعاء.