البلْدة بسكون اللام لايقصد منها في المصطلح المكان الجغرافي بل هي عبارة عن ( نجم موسمي) أو بالأحرى تيارات ودوامات بحرية عالية جداً وباردة وليس كما توحي وتغمز به اليافطات الإعلانية العابرة للحدود – و- ( القوارض ) القادمين معها من المغارات و الغيران و الكهوف ومن خلف أسوار التاريخ – بقايا و مخلفات جند ( الهاروتية ، و الارياطية ، و الباذانية ، والتركيانية ) , تهب هذه التيارات على ساحل مدينة المكلا والمديريات الساحلية لحضرموت قادمة من أعماق المحيط الهندي، والبحر العربي تؤدي إلى تلطيف برودة البحر للهواء السطحي واشتداد حركة الهواء بالسواحل مصحوبة ببخار الماء الكثيف المنبعث والذي تنعدم فيه الرؤيه رأسياً وأفقياً ، لا يقوى الغوص في هذه التيارات الباردة إلا ذوي ( العضلات المفتولة والمناخير المجلفة) وهي علاج لكثير من الأمراض وخصوصاًَ الأمراض الجلدية ، والبلدة هي كذلك مناسبة وموسم سياحي وترفيهي يحتفى به كل عام إعتباراً من 15/ يوليو ولمدة إسبوعين تتخلله الكرنفالات الرياضية ،والمهرجات الخطابية والفلكورية رقصة العدة ، والشبواني وعلى قرع الطبول وموال المزامير تنتهي البلدة وتستمر العروض حتى منتصف أغسطس وهي مسك الختام أما( السلَتهْ) فهي وجبة شعبية مكونة من عدة عناصر غذائية من مكوناتها الرز، البيض ، الفلافل ، البهارات ، اللحم المفروم وعدد لا يحصى من أنواع الخضار ، كل هذه الأصناف تمزج مع بعضها لتكوّن مادة غذائية متكاملة وتطبخ على نار عالية الحرارة داخل وعاء يسمى ( الحرضة).. وأمام المطاعم التي تجيد هذه الصنعة يقف طابور طويل من الرجال كلاً بانتظار دورة في الحصول على السلته ومن مكملات ومتبلات هذه الوجبة . الخبز الملوح ، الكدم ، الفحسة ، الحلبة ، السحاوق، هذه الوجبة غزت كثير من المناطق بأشكال وصور متعددة .. تقدم بأرحي أوطري ، طازج أو مجمد لا يهم الأهم ملىء البطون .. فهي للمتعجب المتأمل فرجه ما يزيد عن عشرون نفر يفترشون الأرض في حلقة مستديرة حول كل ( قصعة حرضة) أيادي تتقاذف وتهوي من كل حد وصوب تجاه قصاع الحرض .. وترى الآخرين في طابور بانتظار دورهم في الحصول على السلته . ترتفع الأصوات ، تحدث ضوضاء وجلبة .. يتطاير الهباء ، يثور القتام تعلو الأصوات باشر يرحم والديك : باشر يا( خبير الأفندم) لم يلبى الطلب بسرعة ( يا ملعون والديك ياحمار باشر الفندم ) يختلط الحابل بالنابل قذع، ولعن، سب وشتم نشر غسيل ليس عليهم في(الكذب و النصب والسلب و النهب واللطش والبطش ) من حرج ملة أبيهم ( ….!! )هو سماهم ( الحرافيش)..!!هيلمانه وجلبه على الرصيف المقابل رجال يتمنطقون بالجنابي فهي ( زينة الرجال)، باعة متجولون بضاعتهم خردة وثياب رثة بالية ممزقة ، ومترعبلة ضوضأ تلعلع إلى عنان السماء( يا حراجاه يا رواجاه ).. وبين البائع و الشاري يفتح الله ثياب كهذه تعد مصدراً لأمراض الحساسية ، الجرب ، البهاق و لامن رقيب ولا حسيب وبالعودة إلى تقصي ومعرفة المصدر أو المعنى لكلمة (سلته) فلا أثر لها في قواميس اللغة – ومعاجم التراجم .. ففي كتاب الأغاني لأبي ( فرج الأصفهاني) توجد لفظة موازية وبما يقارب هذا المعنى ( سَلتَهُ ) بالفتح وضم الهاء أي تناول ما فيه – وأول من نطق هذا اللفظ ( يكرب الزبيدي ) .. معاتباً أبنه ( معد ) حينها تم إحضار طعام لهما فقام معد بالتهام كل الغذاء ولم يبقى لوالده يكرب شيئاً فقال له: لقد سلتته أي( التهمته كله) فقد يكون الاشتقاق لكلمة سلته من هذا اللفظ والله أعلم ،وفي أيرلندا وعند قبائل ( الساكسون ) قديماً توجد لغة تسمى ( السلتيه ) وهنا أجزم قطعاً أنه لا يوجد رابط بين اللفظتين – الكلمتين إنما تشابه لغوي و المعنى المراد مختلف والله يخلق من الشبه أربعين. كل عام والمكلا بلدة للجميع … وصنعاء فحسه سلته للجميع . ورمضان مبارك ومناسبة مباركة وكل عام والجميع بألف خير ..