بات في حكم المؤكد أن النجاحات التي حققها مؤتمر الحوار الوطني في الوصول إلى حلول ومعالجات توافقية تشاركيه موضوعية لكل قضايا ومشاكل الوطن المزمنة المتراكمة بصفة عامة والقضية الجنوبية بصفة خاصة، باعتبارها رئيسية ومحورية في مسار طريق بناء اليمن الجديد على أسسٍ جديدة.. قاطعة مانعة لأية إمكانية للعودة إلى الماضي واستمرارية اجترار مآسيه وويلاته ومفاسده وأخطائه في الحاضر والمستقبل..وهنا نقول بثقة أن بلوغ انجاز وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية يكتسب أهمية كبرى في رسم وتحديد الصورة التي سيكون عليها يمن الغد الموحد الآمن المستقر المتسع لكل أبنائه، الذين سوف تفتح أمامهم آفاقاً رحبة لتحقيق آمالهم وتطلعاتهم التي طالما حلموا بها وناضلوا من أجلها، مقدمين التضحيات طوال تاريخهم المعاصر.. ذلك ان النجاحات التي حققها مؤتمر الحوار الوطني وفرت لهم الفرصة التاريخية لتحويلها -آمالهم وتطلعاتهم- إلى واقع حياتي سياسي اقتصادي يمكنهم معاً من تحقيق النماء والتطور والرقي والازدهار الذي يليق بشعبٍ حضاري عريق, وهي المعاني والمضامين التي ستجعلهم -ليس فقط- اكثر تمسكاً بكل مخرجات الحوار الوطني.. بل والعمل على تنفيذها والوقوف صفاً واحداً في وجه من يسعى إلى عرقلة تنفيذها بعزيمة وإصرار بحيث لا يستطيع أيَّ كان أن ينال منها أو يحاول إفراغها من محتواها أو الانحراف بها عن المسارات التي ينبغي المضي فيها لتحقيق الأهداف المنشودة لأبناء شعبنا اليمني، الذين هم اليوم يقفون أمام لحظة فارقة فاصلة بين زمنين- زمن ولى وانقضى ويجب أن يكون في ذمة التاريخ, وزمنٍ يتشكل الآن في هذه اللحظة لتنبثق منه انتقالة نوعية تحلق بهم في فضاءات الفعل الحضاري المبدع والخلاق، موحدين وديمقراطيين, في وطنٍ لم يعد فيه مكان للظلم والفساد والإقصاء والتهميش, تتجسد على أرضه العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية المعبرة عن المبادئ التي يقوم عليها الحكم الرشيد.. في هذا المنحى الشعب كله يوجه الدعوة للمتمترسين خلف إدعاء الخوف على الوحدة في حين هم - ومن خلال سلوكياتهم وممارساتهم -من أساؤوا إلى الوحدة وسعوا الى تشويهها وزرع ثقافة الكراهية بين أبناء الوطن والشعب الواحد-، مما يحتم على هؤلاء مغادرة مربع تفكيرهم الشرير والعدول عن توزيع صكوك الوطنية مناكفة ومزايدة, فشعبنا يعي مراميهم ومآربهم، ويعرف أن الطريق الصحيح الذي عليه السير فيه هو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، انطلاقاً من صياغة عقد اجتماعي جديد يستوعب فيه مصالح أبناء اليمن بكافة فئاتهم ومكوناتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية, والذي به ومن خلاله تتأسس دولة النظام والقانون التي يكون الجميع أمامها مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات على قاعدة الشراكة في السلطة والثروة.. إن ما يبعث على التفاؤل هو أن يشارف مؤتمر الحوار الوطني على الاختتام تزامناً مع توديعنا لعام انقضى بكل ما له وما عليه استطعنا خلاله في يمن الحكمة والإيمان رغم الصعوبات والتحديات إحراز نجاحات كبرى ومهمة وجوهرية على صعيد التسوية السياسية والوصول بها إلى نهايتها بالتوقيع على وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية، لنستقبل العام الجديد بروح مفعمة بالأمل بأن هذا العام سيكون عام التفاف شعبنا حول قيادته السياسية والوقوف معها في كل خطوة تخطوها للعمل على تنفيذ مخرجات الحوار ومواجهة كافة أعمال التخريب، وبما يكبح جماح من يقومون بتفجير أنابيب النفط والغاز وخطوط الكهرباء الذين آن الأوان أن يفهموا أن ما يقومون به لن يهُز لليمنيين شعرة ولن يثنيهم عن مواصلة سيرهم موحَّدين في الاتجاه الذي اختاروه لنهوض وطنهم وصنع غدهم المشرق ليمنٍ جديد قوي وعزيز ومتقدم.