يطرح تأجيل التحالف الأمريكي الفرنسي لتوقيت هجومه على سوريا العديد من القراءات السياسية والعسكرية وإن يختلف المراقبون حول أسباب تأجيل موعد الهجوم على دمشق إلى ما بعد التاسع من الشهر الجاري بين المراوغة السياسية في ظل انسحاب لندن والمناورة العسكرية بتغيير خطة الهجوم في ربع الساعة الأخير بظهور معطيات ميدانية جديدة، إلا أن الجميع يتفق على أن الحرب ضد سوريا مؤجلة وليست ملغاة.. فهل يتحرك السوريون معارضة ونظاما في الوقت بدل الضائع لتفويت الفرصة على الغرب..؟ تحرك حاملة الطائرات الأمريكية "نيميتز" باتجاه غرب البحر الأحمر يعطي تفسيرات إضافية لتأجيل التحالف الأمريكي الفرنسي لموعد الهجوم على دمشق المحدد آنفا حسب العديد من التقارير العسكرية الأمريكية والصهيونية ليلة السبت إلى الأحد المنقضي، إلا أن هذا التحرك المفاجئ لحاملة المقاتلات الأمريكية المحّركة بالطاقة النووية والمرابطة منذ أشهر في المحيط الهندي لدعم العمليات الأمريكية في أفغانستان، يؤكد أن التدخل العسكري في سوريا لم يلغ نهائيا ولم يكن مناورة سياسية ومجرد تصريحات موجهة للاستهلاك للمجتمع الدولي لحفظ ماء وجه الغرب بعد أن أربكه خرق الحظر الدولي للأسلحة الكيماوية في مجزرة "غوطة" دمشق، وإنما هجوم التحالف الأمريكي الفرنسي على دمشق مؤجل لاعتبارات سياسية ومعطيات عسكرية .
" نيميتز" تغير مسارها والغرب يُعدل خطته .. تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر تغيير حاملة الطائرات الأمريكية "نيميتز" وسفنا أخرى في مجموعتها القتالية لمسارها المحدد مسبقا، حيث كان من المقرر أن تبحر من المحيط الهندي بعد إتمام مهمتها بدعم العمليات الأمريكية في أفغانستان لتعود إلى مينائها في ايفريت بواشنطن بعد أن حلت محلها في الأيام الأخيرة حاملة الطائرات "هاري أسترومان"، إلا أن تحركها غربا فجر أمس باتجاه البحر الأحمر لدخول بحر العرب وإن لم يعلن القادة العسكريين الأمريكيين عن وجود أوامر محددة لمجموعة "نيميتز" القتالية التي تضم أربع مدمرات بالإبحار إلى شرق البحر المتوسط في المرحلة الحالية، إلا أنه بإمكانها القيام بذلك في أي لحظة لتنفيذ خطة الهجوم على سوريا .
سيناريوهات الحرب المؤجلة .. ويرجح العديد من العسكريين والاستراتيجيين أن تأجيل موعد ضرب الغرب لسوريا مرده معطيات عسكرية ميدانية جديدة للاستخبارات الأمريكية ما استدعى تعديل خطة الهجوم والتريث لأسبوع آخر بتحريك مقاتلات وحاملات طائرات أخرى في تعديل استراتيجي في سيناريوهات الحرب المرتقبة خلال الأيام القادمة، حيث سيقتصر الهجوم على عملية قصف جوي للمدمرات الأمريكية الأربع المشكلة للمجموعة القتالية "نيميتز" بقصف محدد للأهداف يستهدف مراكز القيادة والسيطرة لنظام الأسد من جانب مع استهداف سواحل سوريا التي تسيطر على بعضها كتائب مسلحة تابعة لجبهة النصرة المصنفة من قبل مجلس الأمن الدولي كتنظيمات إرهابية ما يؤكد أن الهدف من الهجوم على سوريا هو توجيه ضربة تأديبية استعراضية نحو نظام الأسد وليس إسقاطه مع استهداف بعض الجماعات الإسلامية المسلحة المقاتلة بالأراضي السورية .
تحرك سياسي في الوقت بدل الضائع .. وصعّد الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" من تعبئته السياسية لافتكاك تأشيرة موافقة الكونغرس ودعمه له للهجوم على سوريا بعد انسحاب لندن وتردد باريس وتهديد طهران وتحذير موسكو وتخوف العديد من العواصم الأوربية من النتائج العكسية لحرب إقليمية بأبعاد عالمية تنفجر بالمنطقة بمجرد الهجوم على سوريا، حيث باشر أوباما حملة من الاتصالات واللقاءات الفردية مع نواب من الكونغرس لإقناعهم بعدم تكرار سيناريو العراق وأفغانستان في سوريا ومحدودية الضربة المستهدفة ترويض الأسد وتأديبه لعدم تكرار خرق الحظر الدولي للأسلحة الكيماوية وليس إسقاطه . وبالمقابل، تحرك طرفا الصراع السوري سياسيا في الوقت بدل الضائع في ظل المهلة الإضافية قبل الهجوم على سوريا، إلا أن الإخوة الفرقاء في بلاد الشام تحركوا عكس مصالح شعبهم في الفرصة الأخيرة، ففي حين شدّد النظام السوري من لهجة خطابه سياسيا وصعّد من وتيرة قصفه ميدانيا، عبّر الائتلاف الوطني السوري المعارض عن خيبة أمله في تأجيل الغرب لموعد تدخل الغرب عسكريا في سوريا ما يطرح تساؤلات عن حقيقة ومصالح والدوائر المحّركة لطرفي النزاع في سوريا .