عبدربه منصور هادي الذي ظل مفضلاً خيار الصمت ومبدأ السمع والطاعة طيلة ستة عشر عاماً , يبدوا اليوم عصي على الترويض, ومتمرد على العائلة الحاكمة, وهو مالم يرق لصالح وصقور حزبه, الذين يتلكئون في اختياره مرشحاً توافق حتى اليوم وانسحابهم من جلسة البرلمان 9 يناير بعد طلب تقدم به المشترك لاختيار هادي مرشحاً توافقياً, إضافة إلى فقدان آداب التخاطب مع الفريق هادي من قبل صقور الحزب الحاكم. يرأس هادي اللجنة العسكرية التي انبثقت عن آلية المبادرة الخليجية, فأراد صالح أن يستفز هادي, ليعقد اجتماع مع اللجنة الأمنية العليا التي انتهت مهمتها مع بداية تشكيل اللجنة العسكرية وهو ما اعتبره هادي تدخلاً في صلاحياته الممنوحة له بموجب المبادرة, فيما اعتبره الجيش المؤيد للثورة خرق يأتي في مسلسل الخروقات المستمرة للمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014, إضافة إلى كونه محاولة عبثية محاولة عبثية للالتفاف على المبادرة واليتها التنفيذية, وقفز على الواقع الجديد الذي بدء يتشكل بعد 23 نوفمبر. استطاع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني خلال اليومين الماضين ومعه بعض سفراء الاتحاد الأوربي إقناع هادي بان عليه التحلي بالصبر حتى يتم سهولة اقتلاع صالح من دار الرئاسة وهو ما وافق عليه هادي في اتصاله بالزياني. ويذكرني موقف الزياني بموقف سفراء الاتحاد الاوربي في 26 اكتوبر من العام الماضي الذين التقوا بهادي وقالوا له بالحرف الواحد " بأن «24 مليون يمني لا يمكن أن ينتظروا إلى ما لا نهاية للخروج من الأزمة الراهنة بتوافق وطني شامل». سيناريو 94 لازال حاضراً لازال سيناريو حرب صيف 94 قائماً وينظر اليه الكثير من المحللين والمتابعين للشأن اليمني بحذر, فالعوامل ذاته التي فجرت الحرب قد تكون متشابهة إلى حدٍ ما, إلا أن عوامل النصر التي كانت حليفة صالح قد ربما تلاشت ولم يعد في يده منها إلا القليل. ففي 94 كانت هناك وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في عمان بين الأطراف اليمنية المتنازعة, سرعان ما انقلب عليها صالح ومعه بعض القوى السياسية, وغادر حينها السيد علي سالم البيض - نائب الرئيس - الى عدن لتتفجر الحرب وتنتهي بخروجه من البلد. واليوم توجد مبادرة من دول الإقليم برعاية أممية تعطي هادي الصفة الرئاسية بعد شهر ونصف تقريباً, وبرغم أن هادي ليس طرفاً في التوقيع إلا انه عامل مهم من عوامل الاستقرار وعدم انجرار الثوار وعائلة صالح إلى حرب أهليه, وتهديداته بمغادرة صنعاء قد تفجر حرباً أهليه, مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطرف الأضعف فيها هو النظام العائلي, نظراً لما تحظى به المبادرة من دعم دولي بالإجماع والتفاف شعبي حول مطالب التغيير. لقد ارتكزت حنكة صالح في الماضي على شراء الذمم وتوزيع الأموال الطائلة على مشائخ القبائل والعاملين في بعض الأجهزة الخدمة في الدولة, وهو مالم يفلح صالح في استخدامه اليوم, حيث تخلت عنه كثير من القبائل وتساقطت تحالفاته كأوراق التوت وبالتالي فقد صالح ميزة رئيسية أكسبته نصراً في 94, كما أن الجيش القوي الذي ظل صالح يحكم سيطرته عليه قد اصبح مستقلاً بذاته وايد جزء كبير منه ثورة الشباب المطالبة برحيل صالح, وحتى قوات الحرس الجمهوري والامن المركزي التي يراسها نجله احمد وابن اخيه يحيى, أصبحت اليوم تشهد انقسامات متعددة لصالح ثورة الشباب الشعبيه السلمية. لقد كان يحظى " صالح " في الماضي بدعم محلي واقليمي ودولي, وكانت الهبات والمساعدات تتدفق عليه من كل دولة تحت يافطة محاربة الارهاب, اما اليوم فانه اصبح منزوع الصلاحيات ورفعت المباردة الخليجية الغطاء الاقليمي والدولي عنه بعد ان رُفع الغطاء المحلي عنه. خيارات صالح تبدوا ضئيلة وضئيلة جداً, والمراهنة على عوامل تفجير الحرب مجرد انتحار مبكر, قد يفضي إلى نتيجة لاتقل مأساوية عن الخاتمة السيئة للديكتاتور البائد معمر القذافي. فرصة " صالح " الذهبية أمام صالح فرصة ذهبية قد لاتعوض بأي حال من الأحوال إذا ما استمر في محاولة استفزاز الداخل والخارج, والحصانة القضائية التي قد يوافق عليها البرلمان تعتبر الحل الأفضل والأنسب لخروج صالح الخروج المشرف من الحكم, وهي نقطة الخلاف التي قد تأجج الساحات ضد شركاء الفعل الثوري في أحزاب المعارضة. لكن في حال تعنت صالح بعد اقرار الحصانة فان ثمة عصا تمتد نحوه من الخارج, حيث قال المستشار الامريكي جون ماكين عضو مجلس الشيوخ الامريكي ان على صالح التنحي, وفي حال اصر صالح على التمسك بالسلطة فان الدول الاخرى وخاصة المجاورة قد ترسل قوات لحفظ السلام في اليمن كون الوضع فيها اصعب من اسوء من الوضع في سوريا. الكره في ملعب صالح والمستفيد الوحيد فيها هو صالح والخاسر الوحيد سيكون بدون شك هو صالح