يجب أن لا نخدع ونأخذ على غفلة إلى الجدل حول الإسلام ومدارس الفقه وأصول الشريعة واختلافات الفقهاء. ليست الغاية من التنصيص الدستوري على الشريعة واسلمة الدولة الإشارة إلى هوية المجتمع أو التكريم للإرث التشريعي لدى المسلمين كما أن الغاية من نقد ذلك ليس التقليل من أهميته وقيمته فالغاية من الأسلمة تتجاوز كل ذلك إلى مستويين بنيوين يراد تضمينهما في جوهر الدولة والسلطة وينحرف بها عن دورها ووظيفتها واستقلاليتها ومسئوليتها الضامنة لحقوق المواطنة ومنظومة الحريات والحقوق الديمقراطية من خلال استبقاء دور لسلطة خارجه عن منظومة الدولة وفوقها سلطة لا تتشكل وفق معايير العملية الديمقراطية ولا تأخذ مشروعيتها من البعد الانتخابي، لصالح مرجعية رجال الدين وهيئاتهم وجماعاتهم باعتبارها السلطة التي من حقها تقرير الشريعة و فيما إذ يجوزون تلك القوانين أو لا وفق حساباتهم ومقتضيات مصالحهم و هو استبقاء لسلطة الفتوى فاعلة وسيده فوق سلطة الدولة وبناها ومرجعيتها الديمقراطية. وبلا شك يمكن تفهم هذا التطابق السياسي في التأكيد على اسلمة الدولة والشريعة الاسلامية بين مختلف الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب اليسار. هذا ناتج من إدراك لفهم متقدم ل هيمنة سلطة الفتوى ورجالها الفعلية على نسبه واسعة من وعي الشارع البسيط واستجابات أفراده، وإدراك عميق ل لا جدوى إشعال صراع سياسي في مستوى من الجدل الثقافي خاسر، وأنا أتفهم هذا النزوع، لكن على تلك القوى السياسية، بما أنها سياسية وبما فيها الأحزاب الاسلامية، أن تمتلك موقف واضح من محورية أن تكون الدولة وحدها وفي بناها والياتها هي المالكة الحصرية لكل السلطات، وان الشعب هو المالك الفعلي من خلال المنظومة الديمقراطية كمرجعية حقيقية غير منتقصة، تنجز عبر الانتخاب وحده و حق كل مواطن في انتخاب أعضاء تلك الهيئات، و حقه أيضا في إقرار أو لا إقرار التشريعات محل الاختلاف وفق آلية الاستفتاء الشعبي، و عليها العمل على وتمكين صيغة جديدة للحكم الاتحادي تكفل لكل إقليم أن يعيد التصويت حول القوانين المكبلة للحقوق والحريات الديمقراطية بغاية توسيعه مع عدم جواز الانتقاص من سقفها العام، كما أن هناك دور أساسي على الأحزاب السياسية الاسلامية أيضا. ويرتكز عليها قبل سواها محوره الإسهام في إخراج سلطة الفتوى من بعدها الارتجالي ووضعها غير المقنن وهيئاتها غير الدستورية وتنظيمها ضمن بنى الدولة بما لا يخل بمنظومة الحقوق والحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان. من حائط الكاتب على الفيسبوك