التحول الذي أفرزته العملية السياسية الديمقراطية في اليمن طيلة 25 عاما لن تتصوروا مقدار خيبتها، اذ انتجت لليمنيين خيارين مريرين قاتلين يعملان الآن على يمننة اليمن وتشطيره وتفتيته، وخلافا لأي تجربة عالمية ﻻ يبدوا ان اليمنيين كانوا فاعلون داخل الأحزاب التي بفعل تسلط وإقصاء قيادات احزابهم أنتجت انسداد كامل وتام للأفق السياسي و فاعليته في تحقيق انجلاء للأزمة المليشاوية ، بل كانت النتيجة فاجعة هكذا : * مليشيا شمالا بقيادة المؤتمر والحوثيين ، مليشيا جنوبا بقيادة المشترك و زعمائه من الاصلاح والاشتراكي والناصري . * شيعه شمالا بقيادة المؤتمر وحلفائه، وسنة جنوبا بقيادة المشترك . ثم استقر المشهد على ايقاع أكثر فاعلية في استدعاء ضارب الجذور وبعث طائفي ومناطقي أكثر ضراوة وصرامة لينتهي المشهد اليمني السياسي بهذه الحبكة المدهشة والباعثة بقدر كبير و بدرجة من التحسر بالغة الألم والخيبة لتتلخص الحكاية لدى هؤﻻء المعتوهين الذين افرطوا في التطرف من اجل السيطرة على السلطة فتغدوا القصة مؤسفة هكذا : * المؤتمر الممثل الخاص للشمال ، المشترك الممثل الخاص للجنوب . * يحتضن المؤتمر الحوثيين الشيعي ويحتظن المشترك السنة وعناصر القاعدة وداعش والسلفيين . هذه خلاصة 25 عام من التجربة الديمقراطية والعمل السياسي للأحزاب اليمنية وﻻ يغدوا هذا تهكما اذ ان الشواهد على الميدان ابلغ الدلائل لدرجة أن التناغم مر من مؤتمر الحوار الوطني الشامل عندما وقف المشترك ضد بعض الاقتراحات التي تقدم بها حلف الحوثيين والمؤتمر وكان منها مثالا باعث للسخرية عندما اصطفوا ضد رؤية بدت ذات اهمية " الدين دين الشعب وليس دين الدولة" ويا للمفارقة عندما يرفضها أهم حزبين يساريين يمنيين نصرة لرؤية الزنداني وموقفه المتصلب ضد علمنة الدولة ، ونحن لا نقول ان الطرف الأول لديه مشروع مدني علماني بقدر اننا استخدمنا الموقف خدمة لتحقيق غرض هذه المادة توضيحا لأصالة هذه التحالفات الإستراتيجية الداعمة لتفتيت وانهيار البلد . ﻻ شيء يوازي هذا الخسارة المؤسفة ... اذ نغدوا أمام سيكولوجية سياسية طائفية مناطقية مريضة ومنحطة تقصف آخر خيار في رصيد الأمل تستخدم من قبل النخب السياسية لتوظيفها في صراعاتهم على السلطة وحماية مصالحهم الخاصة ، ثم يطلبون منا أن نوافقهم ونقف جنبا الى جنب معهم ، وباسم الدفاع عن الوطن ! و بهذا القدر من السقوط تضيع اليمن واليمنيين ليبقى قرارهم ومصيرهم بين يدي فساد ساسته !