ستة أشهر من فضائع الحرب القذرة داخل تعز، هي أقذر الحروب لأنها حرب شوارع يتضرر المسالمون من كل قذيفة أو رصاصة تطلق فيها، و كل مشارك في القتال هو شريك في الاتساخ الإجرامي و والغ في دماء الأبرياء. لكن أن يقوم طرف ما بفرض حصار شامل على المدينة المنكوبة، فتلك هي القاصمة النافية لآدمية المحاصِر ، إذ لا شرف في تجويع خصمك و لا بطولة في محاربة جائع، هذا إن كنت تحاصر خصمك المحارب، فكيف و أنت تحاصر مدينة كاملة! محاصرة مدينة و منع الماء و الغذاء عن أهلها هو فعل شنيع لا يمكن تفهمه مهما كانت الأسباب و النتائج المتوخاة منه. تعز يسكنها مناصرون للحوثي و لصالح كما يسكنها الرافضون لهما. و محاصرتها تكشف أيضا عن استهتار بمن يحارب معك كما يفضح لا انسانيتك مع خصومك. منع الغذاء و الماء عن تعز يعني أن الصراع لم يعد صراعا بين طرفين، إذ هو الآن صراع بين الإنسانية و التوحش.