حين دلف المواطن عيسى عبد الله محمد عيادة الدكتور (ع . ن) في الحديدة، لم يكن يعلم أن الموت يتربص به وأنه لن يشاهد نور الحياة بعد تلك الساعة. عيسى كان يشتاق لحياة بدون ألم، ولهذا بحث عن علاج لورم حميد كان قد تكيس في غدته الدرقية، ولأن هذا النوع من العمليات أصبحت بسيطة وسهلة فقد كانت الابتسامة مشرقة في وجه عيسى.. والتقط له أخوه عباس صورة تذكارية قبل العملية ولم يكن يعلم الشقيقان أن هذه الصورة ستكون الأخيرة لعيسى كما لم يكونا يعلمان المكان الذي دخل إليه لم يكن عيادة وإنما سلخانة، وأن (ع) مجرد جزار، وإن أختلفت سكاكينه.. الساعة العاشرة من مساء 15 /12 /2010م كان قلب عيسى ينبض حياة ويتدفق حباً.. وحين سلم جسده وروحه ل (ع) كان واثقاً أنه بأيدي ملك من ملائكة الرحمة وكان مطمئناً أن الدكتور (ع) كان قد استعد لهذه العملية بكل احتياجاتها وخصوصاً بعد أخذ عينة من دم أحد المتبرعين كاحتياط في حال حدث نزيف. عباس شقيق عيسى كان يترقب الدقائق والثواني منتظراً بشارة الدكتور بنجاح العملية.. وبعد ساعة من بدء العملية خرج الدكتور وهو مرتبكاً وعلامة الفزع تكسو ملامح وجهه.. لم يكن هناك خطأ في العملية ولا نزيف وإنما إهمال واستهزاء بأرواح البشر من قبل هذا الدكتور.. حيث أجرى العملية دون أن يكون لديه أكسجين. الطبيب الماهر يطلب من عباس أكسجين.. وعباس مستعد أن يفدي أخاه بروحه ولكن كيف؟ ماذا يفعل؟ كادت الحديدة أن تضيق بعباس بل الكون كله كاد أن لا يسع فزعه من هذه المصيبة غير المتوقعة، فخرج مهرولاً يسابق الريح لكن ليل الحديدة كان قد ناطح منتصفه، والمحلات مغلقة فهرع برفقة ابن الدكتور إلى مستشفى العلفي وهناك لم يجدوا لا الضابط المناوب فاتصل بمدير المستشفى الذي رفض تسليم دبة الأكسجين إلا بعد إلحاح شديد وبعد أن طرح عباس حلاً بأن يرهن نفسه عند المستشفى مقابل دبة الأكسجين. وفي حين كان عباس يرفع يديه المرتجفتين إلى السماء وهو في حجز الضابط المناوب داعياً لأخيه بالشفاء كان الموت يلتقط آخر أنفاس أخيه عيسى في تلك السلخانة بسبب عدم وجود دبة الأكسجين. ورغم تقديم عباس ببلاغ ضد الطبيب (ع) إلا أن الأجهزة المسئولة لم تلقي القبض على الجاني، وما يزيد من حزن عباس أن الدكتور مازال يمارس عمله في داخل تلك السلخانة بكل حرية. ويمارس الضغوط على عباس كي يتنازل عن القضية مقابل مبلغ من المال وبناء مسجد باسم المتوفي، لكن عباس يرى أن عيسى لن يكون آخر الضحايا إذا بقي هذا الطبيب في هذه المهنة، وقد قال للصحيفة أنه لن يتخلى عن قضية أخيه حتى ينال الجاني جزاءه العادل والرادع.