كثفت المعارضة اليمنية جهودها للاطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح يوم الخميس رافضة عرضه بالتنحي بعد انتخابات رئاسية في نهاية العام. وتصاعدت حدة التوتر قبل يوم من مسيرة مقررة اطلق عليها المحتجون "جمعة الرحيل" فيما اشتبك أفراد من الحرس الرئاسي الموالي لصالح مع وحدات من الجيش تدعم جماعات المعارضة التي تطالب برحيله. لكن لواء كبيرا في الجيش ساند المحتجين قال انه لا يرغب في تولي السلطة أو مناصب سياسية. ورفض ياسين نعمان زعيم تحالف المعارضة في اليمن عرض صالح ووصفه بانه كلمات فارغة وقال متحدث ان تحالف المعارضة لن يرد على ذلك العرض. وأضاف المتحدث محمد الصبري انه لا حوار ولا مبادرات لهذا النظام الذي وصفه بالميت. وقال اللواء علي محسن الذي أرسل قوات لحماية المحتجين المؤيدين للديمقراطية في صنعاء ان الخيارات أمام الرئيس اليمني باتت قليلة وانتقد ما وصفه بتعنت الرئيس لكنه قال ان القوات المسلحة ملتزمة بحماية المحتجين. وقال ان الحكم العسكري في البلدان العربية عفا عليه الزمن وان الناس سيقررون من سيحكمهم في اطار دولة مدنية حديثة. وأضاف لرويترز "أنا واحد من أبناء هذا الشعب خدمته لمدة 55 عاما ولم يعد لدي رغبة في اي سلطة أو منصب." وتابع "أنا في السبعين من العمر ولم يبق لي من طموح سوى أن أقضي ما تبقى من عمري في سكينة واطمئنان وبعيدا عن مشاكل السياسة ومتطلبات الوظيفة." ومحسن قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وينتمي الى قبيلة الاحمر التي ينحدر منها الرئيس اليمني وهو أكبر ضابط في الجيش يؤيد الاحتجاجات. وشجع انشقاقه يوم الاثنين سلسلة من الانشقاقات داخل الحكومة والجيش. وقال محسن وهو اسلامي ينظر اليه على أنه قريب من المعارضة الاسلامية ان الجيش سيعمل مع المجتمع الدولي في مواجهة الارهاب. ويقع اليمن على طرق شحن بحري رئيسية وله حدود مع المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. واستخدم تنظيم القاعدة اليمن كقاعدة للتخطيط لشن هجمات في كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وراهنت الدولتان على الرئيس اليمني لاحتواء التنظيم. وتنظر واشنطن والرياض الداعم المالي الرئيسي لليمن منذ فترة طويلة الى صالح على انه حصن ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي رسخ نفسه في تلك الدولة ذات الطبيعة الجبلية. وقال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان واشنطن لم تخطط لما بعد صالح. وتشعر الدول الغربية والسعودية بالقلق من ان يؤدي اي فراغ في السلطة في حالة رحيل صالح الى تشجيع تنظيم القاعدة. ومع عدم وجود خليفة واضح وفي ظل الصراعات التي يشهدها شمال وجنوب اليمن تواجه الدولة البالغ تعدادها 23 مليون نسمة مخاوف من التعرض للانقسام فضلا عن الفقر ونقص المياه وتراجع احتياطيات النفط وانعدام سيطرة الحكومة المركزية. ويحمل الشيعة في الشمال السلاح ضد صالح فيما يحلم الجنوب باقامة دولة منفصلة. وقالت بريطانيا يوم الخميس انها وضعت خططا لعملية اجلاء عسكري محتملة لمواطنيها الذين ما زالوا في اليمن. وقال وزير خارجية بريطانيا وليام هيج "هناك خطط طارئة مفصلة للغاية تتيح بدء العمل في وقت قصير لاجلاء أولئك البريطانيين الذين ما زالوا باقين." وقال "لكن في حالة اللجوء الى ذلك ستكون عملية اجلاء عسكرية فقط وربما تكون في ظروف بالغة الصعوبة لذا سيكون من الصعب التأكد من انه سيكون بمقدورنا اجلاء الجميع من أماكن نائية في اليمن." وأضاف هيج ان لديه تقارير تفيد بأن شركات النفط تسحب موظفيها من هناك. وقالت بريطانيا يوم الاربعاء انها ستسحب مؤقتا عددا من دبلوماسييها في سفارتها بصنعاء قبل احتجاجات مزمعة يوم الجمعة. وقدم كل من صالح وجماعات المعارضة اقتراحات للاصلاح. وعرض صالح يوم الاربعاء اجراء انتخابات رئاسية جديدة بحلول يناير كانون الثاني 2012 بدلا من موعد انتهاء ولايته في سبتمبر أيلول عام 2013 . ودعت مجموعة تنضوي تحتها منظمات للمجتمع المدني الى تشكيل مجلس انتقالي من تسع شخصيات تكون غير متورطة في فساد "النظام القديم" لصياغة دستور جديد خلال فترة ستة أشهر قبل الانتخابات. لكن الاقتراح الذي قدمته المجموعة التي يطلق عليها الكتلة المدنية لم يتطرق الى مصير صالح بعد ذلك. وقالت أحزاب معارضة اليوم انها ملت من التنازلات التي تأتي بشكل متقطع. وقال محمد الصبري وهو متحدث باسم المعارضة ان هذا الحديث يهدف الى تعطيل الاعلان عن موت النظام. وأضاف أن المعارضة لا تحتاج لتقديم رد. وقدم صالح الذي يتولى السلطة منذ عام 1978 عرضه في خطاب أرسل للمعارضة وكذلك الى اللواء علي محسن. وكان محسن قد أعلن هذا الاسبوع تأييده للمحتجين في ضربة لصالح ساعدت على تحويل الموقف ضده. وقام محسن ومنشقون اخرون بخطوتهم بعد مقتل 52 محتجا بالرصاص في صنعاء الاسبوع الماضي. وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات في تقرير "انقلبت موجة المد السياسي في اليمن بشكل حاسم ضد الرئيس علي عبد الله صالح... خياراته محدودة.. يمكنه اما أن يحارب جيشه أو أن يتفاوض على نقل سريع وكريم للسلطة." وكان رد صالح ازاء انشقاق حليفه محسن الذي كان ينظر له على أنه ثاني أقوى شخصية في اليمن بعقد سلسلة من الاجتماعات مع قادة الجيش وزعماء القبائل حذر خلالها من "انقلاب" يمكن أن يؤدي الى حرب أهلية. كما أن أجهزة المخابرات تقف الى جوار صالح وتقول مصادرأمنية انه كثف من حراسته الشخصية خشية التعرض لمحاولة اغتيال. وزادت مواقف المحتجين الذين يعتصمون بالالاف خارج جامعة صنعاء منذ نحو ستة أسابيع حدة تجاه صالح ورفضوا فكرة بقائه. ويأملون ان يجذب يوم الرحيل بعد صلاة الجمعة غدا مئات الالاف. وتجمع نحو عشرة الاف شخص صباح يوم الخميس ورددوا هتافات مثل "ارحل يا جبان.. يا عميل الامريكان". وينقسم المحتجون حول موقفهم من محسن وهو ذو توجه اسلامي من قبيلة حاشد التي ينتمي اليها صالح والذي كان ينظر له الشعب على أنه ثاني أقوى رجل في البلاد قبل أن يتخلي عن صاحبه السابق. وقال تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "هناك خطر أن يحل محل النظام الحالي نظام اخر يشترك معه في العديد من العوامل فتهيمن عليه النخبة القبلية من حاشد واسلاميين ذوي نفوذ." من سينثيا جونستون ومحمد الغباري