على مدى الثلاثة العقود الماضية تعرضت الأراضي في اليمن (اراضي الوقف وأراضي الدولة واراضي المواطنين) لحملات نهب منظمة من قبل متنفذين عسكريين من افراد الاسرة الحاكمة، ففي صنعاء وحدها سيطرت عصابات النهب على نحو نصف ممتلكات الوقف والدولة وبات يعرف عنهم بحيتان الأراضي. وفي المقابل تحتل قضية النزاع على الاراضي المرتبة الثانية في اليمن بعد الحوادث المرورية من حيث عدد القتلى والجرحى فيما وتزخر أروقة المحاكم ودواوين المشايخ بملفاتها ومشاكلها التي طالت نحو 200 الف اسرة وكبدت البلد خسائر سنوية تقدر ب 25 مليار ريال ، فيما تعمد اركان النظام السابق الحيلولة دون انشاء سجلات ملكية عقارية للأراضي، ربما لجعلها قنبلة مؤقتة يمكن استخدامها في تهديد امن استقرار المجتمع. تقرير اقتصادي نشرته مجلة الإعلام الاقتصادي (ابتلاع وطن) في عددها الأخير اوضح بأن نحو 18,886 لبنة تم السطو عليها من قبل متنفذين ومازالت الى اليوم . و531 كم مربع المساحة المنهوبة من جبال وتباب العاصمة وضواحيها . و 60% من اراضي الدولة تم السطو عليها بالعاصمة صنعاء و 50% من اراضي الاوقاف في امانة العاصمة مغتصبة. واكد التقرير بأن صنعاء ايضا تبدو ككعكة مبعثرة تداعت ايادي العابثين لاقتطاعها تباعا . اينما تتجول في صنعاء تجد مناطق منكوبة " بيت بوس, بيت زيطان . اللهيدة ,العشاش, قرية مذبح , دار الحيد ,ارتل , عطان , فج عطان , قاع القيضي, ريد وقائمة لا تنتهي لتلك المستعمرات الخاضعة لأولئك العتاولة. فالجنرال على محسن منذ حرب 94 يغدق على كل الطامحين لبناء منازل سكنية بتوجيهات لا تتوقف . وليس اللواء محسن وحده اصدر مثل تلك الأوامر, فقائد الحرس الجمهوري السابق احمد علي كان ايضا يمارس ذلك الشيء وإن قل ,رغم ان الجبال التي تقع رهن تصرفه ضعف الجبال الخاضعة لسيطرة على محسن. ويعلل التقرير ذلك الى حرص احمد علي، على صرف الأراضي لكسب ولاءات قوى النفوذ في البلاد اكثر بكثير من صرفها على ذوي الدخل المحدود , ويوضح التقرير بأن الجنرال محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية السابق اقل صرفا منهما وعطاء, حيث حرص على الاستحواذ والتملك فقط حاله كحال عبد الملك الطيب القائد السابق للأمن المركزي. ويروي عصام زهرة نجل الضابط على قناف زهرة الذي تمت تصفيته مع الشهيد ابراهيم عن اراضهم المغتصبة من قبل محمد عبد الله صالح (حاليا مقر الأمن المركزي بالعاصمة صنعاء) وفي المقابل يشكو اهالي بيت زبطان الرئيس السابق والذي شيد على اراضيهم دار الرئاسة وجامع الصالح والنصب التذكاري للجندي المجهول. كما كشف التقرير عن تعرض عقارات الدولة للنهب والاستيلاء عليها بطرق مختلفة في جنوب اليمن من قبل متنفذين منذ انتهاء حرب 94م حيث اشار، الى استيلاء الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر على منزل علي سالم البيض فيما تقول الوثائق ان الرئيس السابق امر خطيا بتمليك اسرة اخيه محمد عبد الله صالح مبنى السفارة الصينية بخور مكسر ، كما تولوا ايضا الاستيلاء على مباني اخرى منها احد المباني الحكومية في جزيرة سقطرى. والذي غدا الأن فندق سمرلاند ويتبع مجموعة الماز المملوكة ليحيى محمد عبد الله صالح وشركاه . كما آلت ملكية منبى جمعية الصداقة اليمنية السوفيتية سابقا ونادي ضباط الشرطة الى املاك غالب القمش رئيس جهاز الامن السياسي , ومبنى السفارة السعودية غدا مملوكا للواء محمد على محسن قائد المنطقة الشرقية سابقا. وتطرقت المجلة إلى اللعبة التي مارسها يحيى دويد رئيس مصلحة الاراضي سابقا خلال 13 عاما من توليه رئاسة المصلحة لتسخير الأراضي لشراء الولاءات وتشييد المعسكرات تنفيذا لتوجيهات عليا اصبحت المصلحة التي انشئت عقب حرب صيف 94م وسيلة لصناعة الازمات لتصبح المسألة أشبه بنزاع حدودي بين المحافظات.