يحيى محمد شوعي كديش ناشط حقوقي في العقد الثالث من عمره، له العديد من البصمات في مناصرة قضايا حقوق في منطقة لا تعترف بغير التهريب والمتاجرة بالأفارقة. يعيش كديش في منطقة العسيلة بمديرية حرض محافظة حجة، التي تشتهر بالتهريب. يحيى كديش الذي تعود أصوله لمديرية عبس، عرف نفسه منذ نعومة أضفاره في أحدى القرى البعيدة عن مسارح الأنظار والمترامية على الأطراف على مشارف الحدود مع السعودية وتسمى بقرية العسيلة، المشهورة باحواش تعذيب الأفارقة. هذه القرية المتعلم فيها حاصل على شهادة الصف السادس أساسي، وبالكاد يقرأ ويكتب. لا يؤمن أكثرهم الا بلغة التهريب أياً كان نوعه . ( تهريب الأطفال – المخدرات – القات – تهريب الأثيوبيين). في الثلاثة الأعوام المنصرمة ظهرت ولا زالت التجارة في تهريب البشر (الأثيوبيين)، حيث يقوم المهربين باستقطابهم من الطرق العامة وغيرها ويجترونهم الى أحواش بل إلى معتقلات تعذيب تحتوي على وحوش بشرية نصبوا المشانق واستلوا الهراوات لإكرام ضيوفهم. يعذب هؤلاء الأفارقة القادمون من أرض الحبشة من أجل الحصول على أرقام ذويهم في أي بلد للاتصال بهم من أجل تحويل مبلغ باهظ مقابل اطلاق سراح الشخص أو التهديد بقتلهن وليس تهريبه إلى السعودية. يحيى قبل أن ينام كان يسمع أصوات ترتفع .. منهم من يقول يالله .. ومنهم من يقول والله ليس لي قريب ولا رقم والأخر يتخافت صوته حتى يتلاشى مع ظلمة الليل الموحشة هناك. يوما بعد يوم وطرق التعذيب تتجدد فهذا يذيب علبة بلاستيكية في النار ثم يضعها على جسد أحدهم والأخر يستمتع بشراء أنواع الكابلات لجلد المساكين الذين تقطعت بهم السبل. الأيام تمضي والجثث تتكاثر فتلك الجثة وجدت على مشارف الوادي والأخرى وجدها والد يحيى مرمية أمام باب الجامع الذي يصلي فيه بالناس.. وأخر يمشي في الطريق لكن عينه فقئت.. . وشاب أخذوا زوجته وطردوه .. وما خفي كان أعظم .. ومع ذلك تتكاثر الحراسات على الأحواش على الأحواش يوما بعد يوم . يحيى كديش ليس له سلاح سوى عدسة الكاميرا التي يرصد بها القليل من أنواع التعذيب وقلمه الذي يوثق به الأحداث ثم يرسلها الى بعض الصحف والمواقع الإلكترونية بتوصية أن لا يظهر أسمه تحت الخبر كي لا يتعرض لما لا يحمد عقباه من هؤلاء القتلة. لم يقف يحيى مكتوف الأيدي حيث يقوم بإسعاف من يجده مرمياً على الأرض لا تزال أنفاسه تنبض بالحياة يضل يرافقه حتى يوصله الى منظمة الهجرة الدولية لترحيله. يحاول يحيى دائماً مسح دمعة هذا ويرسم ابتسامة على شفتي الأخر يعيش لحظات فرحهم ويشاركهم تشييع جثمان موتاهم ويذكرهم بأن الله اذا أحب أحداً ابتلاه . أصبحت الأنظار وأصابع الاتهام تتجه الى يحيى كونه الشخص الوحيد الذي يسعف المصابين يناصرهم ويقف الى جانبهم.. كيف لا وهو المحرك الوحيد للقضية.. تعرض للتهديد برسائل إس ام اس، ومنها (اذا ما تخليش اللباع حقك رايح تخسر نفسك).. ورقة ملصقة بمقبض باب السيارة تحمل عبارة (وراك والزمن طويل) .. أخذ تلفونه بالقوة من قبل عصابة تهريب وفيه عشرات الصور للمعذبين والجثث التي وجدت على الطريق، والتي قام يحيى بالواجب الإنساني تجاهها.. الاتصال على أم يحيى وتهديدها بقتل ولدها ان لم يتوقف عن ابلاغ السلطات عن الحوادث التي يتعرض لها الاثيوبيين في المنطقة.. قطع الطريق المؤدي الى منزله و كسر زجاج سيارته أمام بيته.. في احدى الليالي من العام 2011م وتحديدا في الساعة 8:30 مساء كان يحيى في أحد المطاعم لطلب وجبة عشاء سفري للبيت ورد اليه اتصال هاتفي من رقم .. المتصل : اخي يحيى كديش ، رد يحيى : نعم .. المتصل: معك فاعل خير وجدت امراة اثيوبية تلفظ انفاسها الأخيرة واسعفتها الى المستشفى ولكن ادارة المستشفى لم تدخلها.. أرجو المساعدة.. يحيى : الأن ان شاء الله سأقوم بالواجب.. هرع يحيى مسرعا الى المستشفى وبالفعل وجد المرأة الأثيوبية اجرى اتصالا بالأخوة راصدي الانتهاكات لدى منظمة الهجرة الدولية ولكن للأسف لم يجب أي أحد منهم.. دخل يحيى الى ادارة المستشفى وطلب منهم قبول الحالة بشكل طاري وانساني، فقبلت إدارة المستشفى.. وفي اليوم الثاني تفاجأ يحيى بالقبض الجبري عليه من رجال الأمن من داخل مقر عمله.. فوجئ يحيى وقتها بالخبر: البنت الأثيوبية التي عذبتها قد توفت والاتهامات موجهة اليك أنت.. سجن يحيى تعسفياً لمدة أسبوع تحت التحريات والتحقيق والابتزاز تبين أن المتصل الذي اتصل بيحيى كان هو أحد المهربين.. واتفق مع أدارة المستشفى على تلفيق التهمة على يحيى ودفع من أجل ذلك مبالغ باهظة.. خرج يحيى من السجن بالبرأة .. ومع خروجه من السجن وصلت أول رسالة الى جواله ( وراك وراك لا تفكرنا نسيناك). وقتها عرضها على أحد أفراد الأمن فقال له ( خليك بعيد يا يحيى هذه عصابات مافيا قد تموت دون معرفة من قاتلك) . لم يقف يحيى مكتوف الأيدي لأنه يومن ان الخير منتصر مهما تجبر الظالمون.. توالت الاتصالات على ادارة مركز النازحين الذي كان يعمل فيه يحيى من أرقام مجهولة ببلاغات بأن العامل لديكم يحيى كديش أحد عصابات التهريب وأنه قاتل.. وقتها طلبت الادارة من كديش افادة رسمية عن الحادثة وبالفعل تم ذلك.. وبعد الحادثة السابقة بشهر ونصف تقريبا تفاجأ يحيى بأحد الأثيوبيين أمام باب مكتبه يبكي ويقول له أين أختي .. أختي عندك من البارحة في الليل عندما ضربتني وأخذتها مني بالقوة .. وكان يبكي ويتوسل الى ادارة المركز والموظفين حيث واجه يحيى الحرج الشديد أمام زملاءه وزميلاته بالعمل.. ادارة المركز حسمت الموضوع حيث تم احالة يحيى والاثيوبي الى الشئون القانونية وبد التحقيق في الموضوع ودراسة خلفية القضية.. اعتراف الاثيوبي في اليوم التالي أن أحد المهربين أستأجر الأثيوبي ليقوم بالدور الدرامي الذي حصل بالأمس. قبل شهر من الأن قام يحيى بعمل خطبة جمعة تحتوي على تذكير الناس بعقاب الظلم وقطع الطريق وأكل أموال الناس بالباطل وأعطاها لوالده وبالفعل شرع والده يخطب بالناس ويذكرهم .. وما إن مر مر نصف الوقت من الخطبة الا ووقف أحدهم وقطع كلام والد يحيى، قائلا له: ( والله لأقتلك على المنبر ).. اوقف المصلين هذا الشخص واستمر والد يحيى حتى انتهى من الخطبة حيث لم يخرج من المسجد الا بعد الساعة الثالثة مساءً بسبب حصار فرض على المسجد من قبل عصابة.. تعرض والد يحيى للتهديد بالقتل ان خرج حتى تدخل العقلاء في الموضوع.. وحتى الآن لايزال والد يحيى يتلقى التهديد..