الفريق السامعي يعزي البيض    الهيئة الاقتصادية والخدمية تناقش مع كبير المستشارين الاقتصاديين للأمم المتحدة تداعيات الانهيار الاقتصادي    سريع يعلن عن عملية عسكرية نوعية في فلسطين المحتلة    العليمي يطالب بموقف أوروبي حازم تجاه مليشيا الحوثي وتصنيفها كيانًا إرهابيًا    التشيك تعلن عدم انضمامها إلى مبادرة ترامب لتقديم الأسلحة إلى أوكرانيا    البنك المركزي بعدن يحدد موقفه من طباعة مركزي صنعاء عملات ورقية ومعدنية    إيران: استمرار تقاعس مجلس الأمن تجاه تصرفات الكيان خطير للغاية    البنك المركزي بصنعاء يكشف عن مواصفات الإصدار الجديد من الفئة الورقية فئة 200 ريال    أكاديمي يعلق على الحكم الذاتي لحلف "بن حبريش"؟    المهرة في بؤرة الاستهداف.. وعي شعبي يجهض مؤامرات صناعة الفوضى    عند تصنيف أمريكا للإخوان كإرهابيين.. كيف ستتعامل دول التحالف مع حزب الاصلاح    انتقالي لحج يناقش تعزيز العمل المشترك ويستعرض التطورات المحلية    مجلس المستشارين يبدأ تقييمًا شاملًا للتحديات التعليمية بعدن ويضع خارطة إصلاحية    ميناء سمهرم أو خور روري أحد أهم موانئ مملكة حضرموت القديمة    اسباب ارتفاع الضغط وعلاجه بلاعشاب    اقرا تفاصيلها    كأس العالم للأندية حتى الفشل له ثمن باهظ في سيرك "فيفا" الذهبي    السعودية في المرتبة الثانية بين الدول الناشئة في تمويل رأس المال الجريء    حزب الله اللبناني يدين المجزرة الصهيونية في وادي فعرا بالبقاع الشمالي    المحمدي يلتقي المناضل أديب العيسي ويشيد بدوره في تعزيز الشراكة الجنوبية    غدًا سكان وموظفو الدولة بمناطق صنعاء سيصلون لله في الميادين والحدائق اقرأ الاسماء    محافظ الحديدة يدشّن موسم حصاد التمور ومشروع التجفيف بمديرية التحيتا    بن حبتور يطلّع على نشاط مركز تقنية المعلومات بوزارة التربية    إب .. رحيل مؤلم لمعلم افنى حياته في تعليم الاجيال    مودريتش يبدأ المغامرة الرابعة    ريال مدريد يعلن تعاقده مع الاسباني الفارو كاريراس    النصر السعودي يعيّن جيسوس مدربا للفريق    صرخة عطش من قلب تعز المحاصرة    وزارة الأوقاف تعلن تدشين أعمال موسم الحج القادم    المجتمع ميدان لمعركة الوعي    تدشين فعاليات موسم نجم البلدة السياحي لعام 2025م بالمكلا    مصر تسدد مليار دولار    الأرصاد يتوقع هطول امطار رعدية ورياح شديدة في عدة محافظات ويحذر من اضطراب البحر خلال الساعات المقبلة    برشلونة يعلن رحيل لاعب وسطه بابلو توري إلى صفوف فريق ريال مايوركا    دعوة للمشاركة في أداء صلاة الاستسقاء غدا الأربعاء 10 صباحا    بنك في صنعاء يعلن نقل مقره الرئيسي إلى عدن    نجاح اختتام الاختبارات التحريرية للشهادة التكميلية بمدارس تعليم القرآن الكريم    المدير العام لفرع الهيئة العامة لحماية البيئة بساحل حضرموت تؤكد الأهمية البيئية لظاهرة موسم البلدة    كنز دفين منذ 5500 عام.. اكتشاف مقبرتين داخل "أهرامات" في بولندا!    بلاتر يفتح النار على السعودية    تعرف على رحلات طيران اليمنية اليوم الثلاثاء    مناقشة دعم الصليب الأحمر لمشاريع تنموية وإنسانية في البيضاء    زفاف جماعي رابع عشر ل 38 عريساً وعروس بالبيضاء    أخطاء شائعة في تناول الأدوية قد تعرض حياتك للخطر!    الوزير البكري يوجه بمتابعة أرضية ملعب نادي الجلاء بعدن    مستشار ألمانيا.. "إسرائيل تقوم بالعمل القذر من أجل الغرب"    عبدالفتاح إسماعيل ابتهج بمقتل سالمين وأرتعب وخاف عندما رشح للرئاسة    "نيويورك تايمز" تعترف بتعمّد أمريكا قصف مركز إيواء المهاجرين بصعدة    طارق صالح يرفض الحضور إلى عدن ويصف العليمي بالفاشل    حلم تلاشى تحت وطأة صفعات قوية    بيان للرأي العام    نصائح عملية للحد من التعرق المفرط في الصيف    حنان مطاوع تعود إلى المسرح بعد غياب 10 سنوات ب"حتشبسوت.. العرش والحب"    الامم المتحدة: تفشي شلل الأطفال في 19 محافظة يمنية    تدمير مستوطنة أثرية جنوب صنعاء وسط صمت رسمي    مرض الفشل الكلوي (12)    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الى مدللي الثقافة..
نشر في يمنات يوم 02 - 08 - 2021


ماجد زايد
هناك مجموعة من مثقفي السيدة السطحية توكل كرمان، يعايرونني دائمًا بأنني لا أقرأ، ربما لأنني لا أتباهى بطريقة فجة كما يفعلون، وربما لأنني لا أتظاهر بالعمق الفكري المتكرر والسرد المتقمص للتناص كما يفعل حسين الوادعي، حسنًا سأخبرهم أمورًا عن حياتي، ولو بلغة فيها نوع من الغرور والإستعراض، وهي الطريقة الوحيدة التي يفهمونها..!!
في عمر المراهقة أتممت القرآن الكريم حفظًا وتفسيرًا، وحصلت على شهادة تكميلية من وزارة التربية والتعليم تعادل الثانوية العامة، ما يمكنني من دخول الجامعة في عمري الصغير، لكنني رفضت الأمر ولم أهتم لذلك..
هل تعلمون ما تعنيه مفردات الكتاب الكريم المحفور في عقل مراهق؟ ربما ستغنيه عن كل مفردات الدنيا ليكتب بعدها كيفما شاء؟!
بعده درست في مساجد صنعاء، الفقه والأصول والحديث وحفظت متونها ودواوينها وملخصاتها وفزت بعشرات الكتب القيمة والكبيرة، وخلال دراستي الثانوية بنيت في غرفتي الصغيرة، بمرتباتي القليلة من عملي المبكر، مكتبة لا يملكها رؤوس الثقافة والمثقفين اليمنيين، وقرأتها عن بكرة أبيها، كان الأمر أشبه بالإدمان والشعور بالشغف، والإلتهام اليومي للكتب تلو الأخرى..
ما زلت أتذكر كتب القرضاوي وسيد قطب والغزالي والأصفهاني والعقاد وشعراء المهجر وسير الشعراء والنبلاء والقدماء والمستشرقين، وخلال دراستي الجامعية حصلت بطريق المصادفة على مكتبة عمي بعد توفيه، كانت مكتبة مليئة بالثقافة الماركسية وما يرتبط بها، كانوا يريدون رميها بعد وفاته، لكنني حصلت عليها وقرأتها بمجملها، كانت ضفة مختلفة جدًا عن سابقاتها مما قرأته قبلها، بعدها دخلت في عالم الروايات والعلوم الإجتماعية والفلسفية والسياسية والتاريخية، وقرأت ما لم يقرأه أو يعرفه أفلاطون وأرسطو ومثقفي نوبل النائمين، مازلت أتذكر جيدًا مالك حداد، وأشعاره التي حفظتها عنه وتباهيت بها في مقايل المتباهين بكلماتهم، في ذلك العمر كنت أدرك تمامًا سر ما تكتبه وترويه أحلام مستغانمي، الروائية المقلدة لمالك حداد والمفتونة بشبابها المغري لنزار قباني، ولأجل ذاك أشتريت كل رواياتها ودواوينها، وقرأتها كاملة، لتقع يدي على كارولين كامل بروايتها الشهيرة "سميرة" وكيف أن منظر ذبح دجاجه أدخلها في دوامه التخيلات عن قبح هذه البشريه اللا إنسانيه، متسائلةً عن حالها لو أنها كانت دجاجة، لترد عليها التونسية أنغام كجة جي في مقال مطول بعنوان "جاري شهيد من تونس" تحدثت فيه عن فكرة، وأساسية النضال، مستوحية نضال فرحات شحاد صاحب عبارة -أحبك يا شعبي- وكيف أن تأمر الجميع عليه لم يثنيه عن تحقيق ما يعيش لأجله، وهو القائد الشعبوي الذي أسس الأتحاد العام للعمال جاعلًا منه بذرة أولى لنشر الحريه والثقافة ومعاني البطوله في ثنايا المجتمع التونسي، وهذا بالفعل ما حدد فكرتي الخاصة للنضال والغاية العامة لفكرة القراءة والكتب المتراصة بجانب بعضها، مازلت أتخيل سرداب أحمد فؤاد نجم، وأغانيه وديوانه عن أهل البلد، وفيروز وسيرة حسن نصر الله وحيدر حب الله وعدنان أبراهيم والمالكي، ورواية الصمت ل أني سالاجيه، والكثير الكثير من الأسماء المحفورة برأسي عن عالم أدمنت عليه وحافظت على مداومته..
بعدها إلتحقت بالجامعة، ولم أكتف بجامعة واحدة، كانت نفسي متمسكة بفكرة الإنسان بينما يعيش لمرة واحدة فقط، ما قيمة حياة واحدة وبضعة أفكار متشابهة؟! وشهادة واحدة لا تكفي في حياة هي في الأصل واحدة لاغير، بل وتخصص محدود للحياة أمر غير منطقي، لقد مارست معظم التخصصات، وعملت في شتى المجالات، وأشتغلت في بعض الفترات ثلاث وظائف مقسمة على أجزاء اليوم، ربما لن تصدقوا لكنها الحقيقة، بعدها التحقت بأكبر المنظمات الدولية، ومن منظمة كبرى الى أخرى، لكنها لم تغريني، ولم تكن نجاحًا أسعى إليه، ولطالما تصادمت مع مدراء أجانب في مواقع مرموقه، لم تكن طبيعتي تحب التملق بقدر تعاملي الندي مع الجميع، وهانذا اليوم، متهم من بضعة مدللين وسطحيين بتهمة اللآ قراءة، ماذا لو سمعهم أشرف الخمايسي، الكاتب المصري الذي كتب قرآنًا جديدًا، ولم يتنازل يومًا لقرءة روايات المقلدين وشخبطاتهم الرديئة، ورفض بالمقابل إلتقاط صورة مع نجيب محفوظ، بمبرر أن الجبال العالية لا تلتقي ببعضها، وهذه حقيقة، فكل الأقزام لا يطولون أبدًا قمة الجبل المرتفع عنهم وعن إتهاماتهم..
كل هذه التجارب والقراءات، أنتجت لي فكرة خاصة عن المثقف البسيط، وبالطبع هو بعيد عن الغرور والأنا، لكنه صدا يبعث على الأمل والتفاؤل وربما المزيد من الرغبة الجامحة للإستمرار أكثر، بغض النظر عن معرفتهم لك من عدمه يكفي وصول الأثر وصداه، هذا في كل مرة، وهذا أيضًا يحدث بفضل سهولة الوصول، أما معرفيًا وبشكل عام "المثقف البسيط" المقصود هنا هو المواطن المثقف بشتى مستوياته المعرفية، المثقف المسؤول أخلاقيًا ووطنيًا وإنسانيًا، وهنا تذكرت المفكر الايطالي الماركسي انطونيو غرامشي بينما يقول: جميع الناس مثقفون بطريقة معرفية أو بأخرى ولكنهم لا يملكون الصفة الاجتماعية الرمزية للمثقفين وهم بهذا الأساس أي (المعلمون، الفلاحون، العمال، الحرفيون ...) مثقفون تقليديون يملكون ثقافة مهنية بحسب طبيعة عملهم وينقلون ثقافة متواترة من جيل إلى أخر. إلى جانب هذا يوجد "المثقف العضوي القادم والمنتمي للبساطة" الذي يملك القدرة المعرفية وملكة التفكير والرؤية الاستشرافية ويحمل هموم المجتمع والأمة وينطلق في كل مرة منهم وإليهم -وبتعبير يساري هموم الطبقات الكادحة العمال والفلاحين ويسمع صوت المضطهدين- ويدافع عن القيم ويؤسس بذلك الأرضية الصلبة لتماسك القواعد الإجتماعية ويمارس الفعل الإجتماعي المنبثق عن الواقع، هو هنا بلا شك ضمير الأمة والناس والعوام والصوت المعبر عن طموحاتها وقيمها الاجتماعية..
وهنا يذهب المفكر المغربي "عبد الله العروي" الى أن مسؤولية الإنسداد السياسي والإجتماعي في العالم العربي لا تقع على السياسي لخضوعه للإكراهات السياسية والضغوط الداخلية والخارجية، كما لا تقع على المواطن البسيط الذي يخضع للاكراهات الإجتماعية ومتطلبات المعيشة وهمومها، لكنها -أي المسؤولية- تقع على عاتق المثقف بوصفه مستقلًا عن جميع الإكراهات ومنتجًا المعرفة والرمزية المرتبطة دائمًا بذهن العامة كون المثقف يملك جزءًا لابد منه من الحقيقة.
ومن ناحية أخرى، المهمة الحاسمة للمثقف والكاتب وفق "رومان رولان" الحاصل على نوبل للآداب، تهدف للمصالحة العامة، وأنسنة الحرب، وإحترام العدو، والتحضير لسلام مستدام، وإذابة جميع أشكال الكراهية، عوضًا عن الإنسياق الأعمى وراء النزاعات الشوفينية المجنونة. أما التحدي الفكري فيتمثل في بقاء المثقف المسؤول ملتزمًا بالمثل العليا، وب قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، وبتعابير الناس والعوام وتطلعاتهم، وفهم الآخرين، ورفض تعميم الحقائق أو تشويهها، والسعي لمنع الانهيار التام والإنتحار الشامل أو ما يصفه رولان: "لأكثر من أربعين قرنا كان جهد العقول العظيمة التي حققت الحرية يتمثل في توصيل هذه النعمة للآخرين، وتحرير الإنسانية، وتعليم الناس كيفية رؤية الواقع دون خوف أو خطأ. والنظر لأنفسهم في المرآة بنظرة خالية من الافتخار الكاذب أو التواضع الزائف، والاعتراف بضعفهم وبقوتهم، ليكون بمقدورهم معرفة وضعيتهم الحقيقية في الكون.
لهذا..
تنازل المثقف وتنحيه عن مهمته الفكرية والتاريخية والوطنية في هذه الفترات وفق "رولان" يعني الإستسلام والتخلي عن المسؤولية العقلانية والأخلاقية في لحظة مفصلية يسيطر عليها جنون الحرب والإنتقام، وهي بالضرورة كارثة لا تنتهي حتى يأتي المثقف المفكر رافضًا الانحياز لأي طرف من جانبي المعركة، فقط لأنه يؤمن بالإنسانية وسمو الحضارة..!
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة "المستقلة موبايل"، لمشتركي "يمن موبايل" ارسل رقم (1) إلى 2520.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.