سنان بيرق كلما اقترب العيد، ازدهرت الأكاذيب… وكلما تكرَّرت عبارة "كل عام وأنتم بخير"، تقيّأت الأرض قهرها وسخرت السماء من نفاقنا الجماعي. صرنا نبارك لبعضنا بما لا نملكه، ونهنئ بأمانٍ مفقود، ونردد كلمات جوفاء فوق ركام وطنٍ تهاوى. فيا للسخرية! حتى الفرح صودر، وحتى التهاني تحوّلت إلى طقوس مريرة نغسل بها خيبتنا. "كل عام وأنتم بخير" أصبحت كذبة معلّبة، جاهزة للتداول في سوق النفاق العام. هل نحن بخير؟ هل نحن حقاً بخير وأبواب العمل موصدة؟ هل نحن بخير ورواتبنا مسروقة؟ هل نحن بخير والطرقات مغلقة، والمستشفيات خاوية، والقانون ميّت؟ هل نحن بخير وآباء يُذلون أمام أطفالهم لأنهم لا يستطيعون شراء كسوة العيد؟ أي خير هذا؟ وأي عامٍ يُحتفل به وسط هذا الخراب؟! إنها ليست عبارة تهنئة، بل طعنة مغلّفة بالسكر، قناع هشّ فوق وجه الحقيقة: أننا نعيش في وطنٍ لا يحتفل إلا بنسف ما تبقّى من كرامتنا. نحن لا نحتاج إلى "كل عام وأنتم بخير"… نحن نحتاج إلى "كل عام وأنتم في وطنٍ عادل"، إلى "كل عام والدولة تحترم مواطنيها"، إلى "كل عام والكرامة لا تُهان"، لا إلى كلمات تنحر الحقيقة على مذبح المجاملة. كفّوا عن تزيين الجحيم بالورود. كفّوا عن إرسال رسائل التهاني فوق صدور الجائعين والمقهورين. لسنا بحاجة لعبارات جوفاء، بل إلى عدالة ترد الحقوق، إلى دولة تعيد هيبة القانون، إلى إنسان لا ينام مكسور الخاطر يوم العيد. فإما أن يكون العيد عيدًا حقيقيًا… وإما ف"كل عام وأنتم بخير" هي الكذبة الكبرى التي آن أوان دفنها. من حائط الكاتب على الفيسبوك