جيش العدو يعترف بمقتل ثمانية جنود إسرائيليين في غزة خلال الأسبوع الأخير    متضامنون مع فلسطين يقتحمون استديو هيئة الإذاعة النمساوية    أبناء مديرية جبل الشرق بمحافظة ذمار يسيّرون قافلة عيدية للمرابطين في الجبهات    "فتنة إخوان اليمن" تخيم على مأرب أول أيام العيد    أنتم أمة تنام ولكن لا تموت!!    تشيزني يحسم مستقبله مع برشلونة    وزير العدل يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بعيد الأضحى المبارك    محصلة ضحايا المدنيين المجوعين في غزة:110 شهداء و 583 مصابا و9 مفقودين    خلافات الجناح العسكري لإخوان اليمن تطفو إلى السطح.. الجبولي يقتحم منزل أمجد خالد، والأخير يهدد بنشر ملفات حساسة    جاسوس الاقصي اليهودي.. الشيخ اليمني عبدالله فاضل    من عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!    وقفات شعبية حاشدة في أمانة العاصمة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    كم تبلغ عمولة وزير النفط الشماسي من 100 مليون دولار تنازل عنها لشركة OMV    صيف "الغضب الروسي".. كيف سيرد بوتين على "شبكة العنكبوت"    دراسة تحذر: العمل لساعات طويلة يغير بنية الدماغ    في ليلة تألق ألفاريز وعودة ميسي.. الأرجنتين تعزز صدارتها لتصفيات المونديال    بن حبتور يهنئ حزب الله وحماس بعيد الأضحى    النفط يتجه لمكاسب أسبوعية..والدولار الأمريكي يتراجع أمام العملات العالمية    مقتل شاب في اشتباكات مسلحة في مصلى العيد بشبوة    ضيوف الرحمن يتوافدون على مشعر منى لرمي جمرة العقبة    تزامنا مع العيد.. أزمة غاز منزلي تخنق المواطنين في عدن    حملة نظافة لرفع البسطات والمظاهرة العشوائية بالتزامن مع عيد الأضحى    الأردن يبلغ كاس العالم 2026 على حساب العراق    مهرجان الأهداف.. إسبانيا تهزم فرنسا وتبلغ نهائي دوري الأمم    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويدين استمرار احتجاز موظفي الأمم المتحدة    لأول مرة في تاريخ اليمن صلاة العيد تتحول الى مظاهرة    الإسعافات الأولية في حالات الإغماء    مفاجأة علمية.. مادة في البول تكشف أسرارا مخبأة في أنسجة أدمغة عمرها 200 عام    الوطن في وجدان الشرفاء فقط!!    عقلية الاشتراكيين البلشفية جهلتهم أن 5 سلاطين من آل فضل نفتهم بريطانيا إلى الهند وتنزانيا    مقتل القيادي في تنظيم القاعدة القيفي في أبين    مؤامرة مهزومة لكسر فرحة عدن بالعيد    التحديات والاستراتيجيات في ترجمة الشعر العربي إلى الإنجليزية: دراسة تحليلية لترجمة قصيدة الشاعر أحمد مطر، "الرئيس المؤتمن"    سريع يعلن عن عملية في يافا بصاروخ باليستي فرط صوتي    الفريق السامعي يهنئ أدباء اليمن وكتابها وصحفييها وفنانيها بعيد الاضحى    ميسي يتوج بجائزة الافضل في الدوري الاميركي لشهر ايار    أمريكا تفاجئ العالم بتشديد القيود على دخول اليمنيين إلى أراضي خشية عمليات انتقامية    خواطر مسافر.. بنوك الطعام في كندا    نادي وحدة صنعاء ينعى لاعبه السابق أحمد البيضاني    يوم عرفة والقيم الانسانية    رونالدو يحطم العقدة الألمانية ويقود البرتغال إلى نهائي دوري الأمم    عيد الأضحى تضحية وعطاء    عدن تتنفس السموم.. تقرير استقصائي يكشف كارثة صحية وراء حملات "الرش الضبابي"    إني أفتقدك يا وطني..؟!    لجنة نقابية: نقل النفط من العقلة إلى عدن مخالف عبث ومخالف للتوجيهات    نص الدرس السادس لقائد الثورة من سلسلة دروس القصص القرآني    أزمة خانقة في الغاز والبترول في عدن عشية عيد الأضحى المبارك    الهلال السعودي يعلن عن تعاقده مع المدرب الايطالي إنزاغي    عدن تستقبل عيد الأضحى بأزمة غاز    39 منظمة في عدن تناشد مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة للتدخل لوقف تدهور الأوضاع    تربية تعز تقر حرمان طالبة عامين دراسيين بسبب اعتدائها ووالدتها على إحدى المعلمات    مرصد إعلامي: مايو الأكثر قمعاً على الصحفيين اليمنيين خلال العام 2025    هلال الإمارات يبدأ توزيع كسوة العيد على الأيتام في شبوة    شركة طبية سعودية تتنصل من التزاماتها للحجاج اليمنيين    العثور على سوار ذهبي للفايكنغ في إحدى الجزر التاريخية بالبحر الإيرلندي    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يواصل جهوده التوعوية بأضرار التدخين في حضرموت    العثور على جمجمة ستيجوصور عمرها 150 مليون عام    الأوقاف تعلن اكتمال تفويج الحجاج اليمنيين إلى الأراضي المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم عرفة والقيم الانسانية
نشر في الصحوة نت يوم 05 - 06 - 2025

يجتمع الحجاج على صعيد عرفات لإنجاز ركن الوقوف بقلوبٍ واجفةٍ وأكفٍ مرفوعة، تسبقهم دموع الخشوع وترتجف أفئدتهم شوقاً إلى المغفرة ، وترتفع الأرواح إلى مقامات العفو والغفران والقبول ، وفي اجتماعهم في هذا المشعر وبتلك الكيفية معاني عميقة مرتبطة بجوهر العبادة ولبها ، ومن يعتقد أن ما يحدث هو محض شعائر محصورة في إطار العبادة الفردية فهو لا يعطي الحدث حقه ولا مستحقه .
يوم عرفة هو يوم تجسيد القيم الإنسانية بامتياز ، ومناسبة تحمل في طياتها رسائل حضارية وأخلاقية تتجاوز الحدود إلى العالمية ، ففيها يقف الملايين في صعيد عرفات بلباس واحد موحد بلا زخرف ولا تمايز ، فلا عمائم العلماء تُعرف ، ولا تيجان الملوك تُميز ، ولا أزياء الأغنياء تُلمح ، والكل في رداء الإحرام الأبيض يعيدون تعريف ذواتهم على أساس ما هم عليه في الأصل ، بشرٌ من تراب عبيدٌ لرب واحد ، تتجسد فيهم أعظم صور المساواة لا مجرد شعار بل واقعاً حيّاً يعيشه الناس من كل القارات واللغات والأعراق والأنساب ، وكأن يوم عرفة تقول : إن أردتم بناء عالمٍ عادلٍ فابدؤوا من هنا حيث المساواة التي لا فرق فيها ولا تفرقة .
الحرية قيمة إنسانية عظيمة تحضر يوم عرفة بشكل لامع مشرق ، وهي ليست حرية سياسية بالمعنى الشائع المستهلك ، بل حرية روحية داخلية يخلع فيها الإنسان عن نفسه أوزار الذنوب وأغلال العادات السيئة وأوهام التملك والسيطرة ، ثم يتجرد من كل تبعية لغير الله ، ومن كل قيد يصنعه الهوى ، ويقول في أعماقه قبل لسانه : "لبيك اللهم لبيك ،لبيك لا شريك لك" وهذا النداء هو إعلان تحرر من كل ما سوى الله ، تحرر من الجشع والكراهية والتمييز وعبودية النفس والهوى ، وفي كل ذلك استعادة لمعنى الحرية الحقيقية التي تحرر القلب والروح قبل أن تحرر الجسد .
وفي عرفات تتجلى العدالة في أبهى صورها حين تتنزل الرحمة السماوية بلا حساب ، وتُوزع المغفرة بلا محاباة ولا تمييز ، فمن وقف على عرفات مستغفراً صادق النية نال حظه من العتق والصفح ، لا ينظر الله إلى شكله ولا تاريخه ولا ألقابه ولا حسبه ونسبه ، بل إلى صدقه وعمق توبته وإقبال قلبه على خالقه ، وهذا هو لب العدالة الإلهية والتي يحصل الانسان فيها على الإنصاف في أجمل صوره ، وإن كان مقصراً يعطى الفرصة للبدء من جديد ، ويفتح له باب الرجاء لا باب اليأس ، تلك عدالة يوم عرفة ، عدالة فائقة لا تعرف التفرقة ، بل تمنح كل طالبٍ للعفو فرصة عادلة للعودة إلى الطريق ، والتصالح مع ذاته وخالقه ومجتمعه .
يوم عرفة هو يوم التسامح ، حيث لا يُطلب من الإنسان أن يتصالح مع خالقه فقط ، بل أن يُعيد النظر في علاقته بالناس ، فمن يطلب الصفح من خالقه لا بد أن يكون مستعداً لأن يغفر للآخرين ويتجاوز الأحقاد والضغائن ، ولأجل ذلك تسري روح التسامح الجماعي بين الحجيج ، وحين تتأمل سيرهم وسكونهم في عرفات تلمح مشاعر الصفاء تتسلل إلى القلوب ، وكأن الرحمة تسري من السماء إلى الأرض لتعيد ترتيب العلاقات على أساس الحب لا البغضاء ، والتسامح والعفو لا الانتقام .
تلك بعض القيم الانسانية التي ترسيها يوم عرفة لتبدو موقفاً عالمياً إنسانياً لا محطة زمنية عابرة ، ولتظهر حقيقتها ليس كشعيرة فقط ، بل كيوم مشهود يُعيد تذكير البشرية بالقيم التي تجعل حياتها متوازنة ، وتضعهم أمام مرآة المنظومة القيمية الكبرى التي لا تزول بتغيّر الأزمان ولا تتلاشى مع تبدل الحضارات ، إنه يوم يحمل في مضمونه رسالة لكل إنسان مفادها إن أردت إنسانية كاملة فعِش يوم عرفة كل يوم .
دمتم سالمين ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.