حماس تتهم إسرائيل بترويج أكاذيب مكشوفة    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    إصلاح إب يحتفي بالذكرى ال35 للتأسيس ويجدد العهد بالحفاظ على المكتسبات الوطنية    قمة الدوحة.. شجب واستنكار لا غير!!    وزارة الشباب والرياضة تكرّم منتخب الشباب وصيف بطولة الخليج الأولى لكرة القدم    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    المفوضية الأوروبية تقترح فرض عقوبات على إسرائيل بسبب غزة    محافظ شبوة يتابع مستوى انتظام العملية التعليمية في المدارس    الانتقالي يثمن مؤتمر الأمن البحري ويؤكد: ندعم تنفيذ مخرجاته    النائب المحرمي: التفرد بالقرار في مجلس القيادة خلال السنوات الماضية كانت سبباً أساسياً في حالة الانقسام اليوم    فريق التوجيه الرئاسي يطّلع على أداء الإدارة الاقتصادية والخدمية بانتقالي المهرة    فريق التوجيه والرقابة الرئاسية يطلع على أداء الادارتين القانونية وحقوق الإنسان والفكر والإرشاد بانتقالي حضرموت    محاكمة سفاح الفليحي    الأحد إجازة رسمية    مسيرة لطلاب الجامعات والمعاهد المهنية بالحديدة نصرة لغزة    مفاجآت مدوية في ابطال اوروبا وتعادل مثير في قمة يوفنتوس ودورتموند    مكون الحراك الجنوبي يدين العدوان الصهيوني على محافظة الحديدة    مونديال طوكيو.. فيث تحصد ذهبية 1500 متر    ببديلين ورقم قياسي.. أرسنال يخطف نقاط بلباو    لماذا نخاف من تاريخنا.. الاعتراف بالأخطاء يفتح أبواب المصالحة    بسلاح مبابي.. ريال مدريد يفسد مغامرة مارسيليا في ليلة درامية    كين: مواجهة تشيلسي تحفزني    مصدر أمني: انتحار 12 فتاة في البيضاء خلال 2024    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    تقرير أمريكي: اتفاق صهيوني - سوري مرتقب يمنح "الكيان" مناطق واسعة داخل سوريا    عبدالعظيم العَمري..الأب .. الطبيب..القائد    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    كأنما سلخ الالهة جلدي !    المناخ التكفيري الناشئ في محيط المهمشين… الى اين ؟!    منتخب الناشئين يغادر لودر إلى قطر .. اسماء اللاعبين    سريع يعلن عن عمليتين عسكريتين والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن هبوط اضطراري للطائرة الرئاسة    الأرصاد يرفع التحذير إلى "إنذار" وخبير في الطقس يتوقع استمرار الأمطار لأيام قادمة    شرطة العاصمة تضبط متهماً بالاعتداء على صاحب محل مجوهرات ونهب كمية من الذهب    صنعاء : تدشين اول مصنع لتدوير المخلفات البلاستيك ب (آلات محلية)    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    السفير المتوكل يلتقي مبعوث برنامج الأغذية وممثل اليونيسف    ناس" و"ناس"    الوحدة التنفيذية في مأرب تطلق نداء عاجلا لإنقاذ النازحين من تأثيرات المنخفض الجوي    برشلونة يؤجل عودته إلى ملعب كامب نو    الصين تجدد موقفها الداعم لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته    محافظ شبوة يتلقى تقريرا حول نشاط السلطة المحلية في عتق    رئيس هيئة الأراضي يدشن من العاصمة عدن مرحلة جديدة لحماية التخطيط العمراني ومكافحة الفساد    لملس يدعو الصين لإعداد خارطة طريق للتعاون الاقتصادي    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    المعلا: مديرية بلا مأمور أم مأمور بلا مديرية؟    بايرن ميونيخ يخسر جهود غيريرو قبل مواجهة تشيلسي وهوفنهايم    حالتها مستقرة.. جلطة ثانية تصيب حياة الفهد    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم عرفة والقيم الانسانية
نشر في الصحوة نت يوم 05 - 06 - 2025

يجتمع الحجاج على صعيد عرفات لإنجاز ركن الوقوف بقلوبٍ واجفةٍ وأكفٍ مرفوعة، تسبقهم دموع الخشوع وترتجف أفئدتهم شوقاً إلى المغفرة ، وترتفع الأرواح إلى مقامات العفو والغفران والقبول ، وفي اجتماعهم في هذا المشعر وبتلك الكيفية معاني عميقة مرتبطة بجوهر العبادة ولبها ، ومن يعتقد أن ما يحدث هو محض شعائر محصورة في إطار العبادة الفردية فهو لا يعطي الحدث حقه ولا مستحقه .

يوم عرفة هو يوم تجسيد القيم الإنسانية بامتياز ، ومناسبة تحمل في طياتها رسائل حضارية وأخلاقية تتجاوز الحدود إلى العالمية ، ففيها يقف الملايين في صعيد عرفات بلباس واحد موحد بلا زخرف ولا تمايز ، فلا عمائم العلماء تُعرف ، ولا تيجان الملوك تُميز ، ولا أزياء الأغنياء تُلمح ، والكل في رداء الإحرام الأبيض يعيدون تعريف ذواتهم على أساس ما هم عليه في الأصل ، بشرٌ من تراب عبيدٌ لرب واحد ، تتجسد فيهم أعظم صور المساواة لا مجرد شعار بل واقعاً حيّاً يعيشه الناس من كل القارات واللغات والأعراق والأنساب ، وكأن يوم عرفة تقول : إن أردتم بناء عالمٍ عادلٍ فابدؤوا من هنا حيث المساواة التي لا فرق فيها ولا تفرقة .

الحرية قيمة إنسانية عظيمة تحضر يوم عرفة بشكل لامع مشرق ، وهي ليست حرية سياسية بالمعنى الشائع المستهلك ، بل حرية روحية داخلية يخلع فيها الإنسان عن نفسه أوزار الذنوب وأغلال العادات السيئة وأوهام التملك والسيطرة ، ثم يتجرد من كل تبعية لغير الله ، ومن كل قيد يصنعه الهوى ، ويقول في أعماقه قبل لسانه : "لبيك اللهم لبيك ،لبيك لا شريك لك" وهذا النداء هو إعلان تحرر من كل ما سوى الله ، تحرر من الجشع والكراهية والتمييز وعبودية النفس والهوى ، وفي كل ذلك استعادة لمعنى الحرية الحقيقية التي تحرر القلب والروح قبل أن تحرر الجسد .

وفي عرفات تتجلى العدالة في أبهى صورها حين تتنزل الرحمة السماوية بلا حساب ، وتُوزع المغفرة بلا محاباة ولا تمييز ، فمن وقف على عرفات مستغفراً صادق النية نال حظه من العتق والصفح ، لا ينظر الله إلى شكله ولا تاريخه ولا ألقابه ولا حسبه ونسبه ، بل إلى صدقه وعمق توبته وإقبال قلبه على خالقه ، وهذا هو لب العدالة الإلهية والتي يحصل الانسان فيها على الإنصاف في أجمل صوره ، وإن كان مقصراً يعطى الفرصة للبدء من جديد ، ويفتح له باب الرجاء لا باب اليأس ، تلك عدالة يوم عرفة ، عدالة فائقة لا تعرف التفرقة ، بل تمنح كل طالبٍ للعفو فرصة عادلة للعودة إلى الطريق ، والتصالح مع ذاته وخالقه ومجتمعه .

يوم عرفة هو يوم التسامح ، حيث لا يُطلب من الإنسان أن يتصالح مع خالقه فقط ، بل أن يُعيد النظر في علاقته بالناس ، فمن يطلب الصفح من خالقه لا بد أن يكون مستعداً لأن يغفر للآخرين ويتجاوز الأحقاد والضغائن ، ولأجل ذلك تسري روح التسامح الجماعي بين الحجيج ، وحين تتأمل سيرهم وسكونهم في عرفات تلمح مشاعر الصفاء تتسلل إلى القلوب ، وكأن الرحمة تسري من السماء إلى الأرض لتعيد ترتيب العلاقات على أساس الحب لا البغضاء ، والتسامح والعفو لا الانتقام .

تلك بعض القيم الانسانية التي ترسيها يوم عرفة لتبدو موقفاً عالمياً إنسانياً لا محطة زمنية عابرة ، ولتظهر حقيقتها ليس كشعيرة فقط ، بل كيوم مشهود يُعيد تذكير البشرية بالقيم التي تجعل حياتها متوازنة ، وتضعهم أمام مرآة المنظومة القيمية الكبرى التي لا تزول بتغيّر الأزمان ولا تتلاشى مع تبدل الحضارات ، إنه يوم يحمل في مضمونه رسالة لكل إنسان مفادها إن أردت إنسانية كاملة فعِش يوم عرفة كل يوم .

دمتم سالمين ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.