المتحذلق الذي رأى وهمه حقيقة    9 سنوات على مجزرتي الصالة الكبرى وعرس سنبان.. جرائمُ محفورةٌ في الذاكرة!    فعالية ووقفة نسائية بمديرية همدان بالذكرى الثانية لعملية "طوفان الأقصى    فريق كتائب القسام يحرز كأس ذكرى عملية "طوفان الأقصى"    منتخبنا الوطني الأول أمام بروناي غدًا في الدور النهائي للتصفيات الآسيوية    إطلاق خارطة طريق علمية لمواجهة التحديات المناخية والبيئية في عدن    مكتب التجارة يواصل حملته الرقابية لضبط الأسعار في المنصورة    محافظ حضرموت ومؤسسة الكهرباء يبحثان احتياجات قطاع التوليد    الجمعية الوطنية: ثورة 14 أكتوبر مصدر إلهام للاستقلال الثاني    بن بريك: استئناف المشاورات مع صندوق النقد خطوة لإعادة الثقة بالمؤسسات الاقتصادية اليمنية    الذهب يتجاوز 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ    الرئيس المشاط يعزّي وكيل محافظة البيضاء ناصر الوهبي في استشهاد شقيقه    تنفيذي جحاف يبحث الاستعدادات للاحتفال بذكرى 14 أكتوبر    منسقية كلية الحاسبات بجامعة حضرموت تختتم برنامج الطريق إلى سوق العمل التقني    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشيخ كمال الجبني    عدن.. مقتل شاب برصاص مسلح في كريتر عقب خلاف بينهما    لو سمحتوا أعيدوا العصا الى يد المعلم؟ المجتمع في خطر    الأرصاد الجوية: تراجع الحالة المدارية في بحر العرب إلى منخفض جوي    المهندس الظبي: الطاقة الشمسية نظيفة ورخيصة ومستدامة    الزبيدي يرسم ملامح "الجنوب العربي".. دولة مستقلة وهوية جديدة تتجاوز اليمن    حماس تطالب بتسليم جثتي يحيى ومحمد السنوار ضمن مفاوضات شرم الشيخ    اجتماع بهيئة المواصفات يناقش سبل تطوير الأداء المؤسسي    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    العدو الصهيوني يهاجم أسطول الحرية ويعتقل عشرات الناشطين    مفاجأة.. محمد صلاح يرحب بالانتقال إلى تركيا    تقرير أمريكي: إيران تزود الحوثي بأسلحة متطورة وحرب اليمن مستمرة    ضبط المتورطين في تفجير قنبلة بجوار منزل وكيل النيابة في يريم    بعد 12 عاماً من الملاحقة القضائية.. تفاصيل جديدة في محاكمة فضل شاكر    مالك ومال كلام الهرفتة يا سالم    مليشيا الحوثي تختطف ابنة السياسي نجيب قحطان الشعبي وزوجها    وفاة فرد من طاقم سفينة هولندية استهدافها قبالة سواحل اليمن    السفيرة البريطانية: سلطات صنعاء تؤجج الأزمة الإنسانية وتعرقل المساعدات    صباح الخير يارفيق ماجد زايد    ايران: إسرائيل تحاول اختلاق تهديد وهمي لقدراتنا الدفاعية وكنا قريبين من الاحتفال باتفاق نووي تاريخي    من "لا يقاتل لن يلعب" - و"الغروريقتل النجاح" دروس فيلك بعد الهزيمة؟!    رهانات العدم ورقصة الشيطان    جامعة البيضاء تدشن أعمال المؤتمر العلمي السادس "البيئة في القرن ال 21"    منتخبات قادرة على حسم التأهل في أكتوبر بكاس العالم 2026    النفط يواصل الارتفاع بعد زيادة إنتاج (أوبك+)    انطلاق تصفيات مهرجان مأرب للفروسية للعام 2025 احتفاء بأعياد الثورة    مصر.. تفاعل على طريقة استقبال محمد صلاح في مطار القاهرة    وزير الرياضة يستقبل منتخبي الشباب والناشئين بعد التتويج الخليجي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    جمارك منفذ حدودي مع سلطنة عمان توضح بعد أنباء متداولة عن توقف الحركة التجارية في المنفذ    حين أضاعوا الجنوب وراحوا ينتظرونه محملًا بأحلامهم    اليهود في القرآن...!!    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    مرض الفشل الكلوي (22)    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يومياتي في أمريكا .. عذاب القبر في أمريكا
نشر في يمنات يوم 06 - 07 - 2025


أحمد سيف حاشد
صديقي الحرازي اسمه عبدالواحد القديمي من بني إسماعيل في حراز.. يقابلك بتحية عسكرية ووجه رضي ينبض بالمحبة.. في كل مرة تلتقي به يتملكك الخجل من حفاوته وحرارة استقباله لك.. ملامح وقسمات وجهه وبشاشته تمنحك طمأنينة وسكينة وراحة بال.. يشعرك بالألفة والمحبة والدفء.. يتسلل إلى وجدانك كجدول ماء عذب.
يأسرك حديثة من أول وهلة.. يغمرك بانسانيته.. تتجاذب معه أطراف الحديث فيتسلل إليك شعور وكأنك تعرفه منذ عهد بعيد.. يهطل عليك مطرا من محبة.. إنسان قل نظيره أو قلّما تجد في الواقع رجلا مثله أو يشبهه.
ظل يرفض أخذ المال مقابل السلع التي آخذها من بقالته، وحالما بدأت أعزف عن أخذ ما احتاجه منه، بدأ يأخذ مني مبلغا رمزيا حتى يرفع عني بعض الحياء والحرج، ورغم هذا لم يرقني الأمر.
ضقت بحيائي وأثقلت وطأة الحرج وجهي وكاهلي.. أضطررت لمغادرة صديقي والإحجام عن شراء ما احتاج إليه منه دون أن أقطع حبل المودة والسلام عليه مع يمين أطلقه كل يوم أن أموري على خير مايرام.
صرت أتعامل مع صاحب البقالة الأخرى لأتجنب صديقي الحرازي، ومع ذلك صار يتصل لي ويقدم لي وجبات جاهزة يحضرها من بيته لا من بقالته، ويقسم معها أيمان الود والمحبة أن أخذها.. تملكني هذا الرجل بكرمه ونبله وشهامته وسمو ودماثة أخلاقه.
احترت كثيرا وصرت أفكر بمغادرته مغادرة المحب دون عودة، ولكن كان للأقدار كلمة أخرى وقول فصل سأعود إلي الحديث عنها في مناسبة أخرى.
***
تعاملت مع صاحب البقالة الأخرى.. كنت اعتقد أنه أمريكي من أصول هندية أو غيرها.. لم أهتم لأي بلد ينتمي إليه طالما هو لا يعرف اللغة العربية.. احاول أن أتفاهم معه ببعض الكلمات التي احفظها باللغة الإنجليزية، ولكن أحيانا أفشل في التعامل معه بالكلمات القليلة التي أحفظها؛ فاستعين بالإشارة تارة وبالمناولة تارة أخرى.
العجيب أن بعض الكلمات الإنجليزية التي كنت أحفظها وأطلقها باللغة الإنجليزية لم يكن يفهمها صاحب هذه البقالة.. فكلمة و "وتر water" الإنجليزية في بريطانيا نجدها في الإنجليزيه الأمريكية "ورر" فألجأ للتوضيح باستخدم لغة الإشارة او اتناولها باليد ليفهم صاحبها ماذا اريد.
كنت أعتقد أن لساني العربي غير معتاد على الإنجليزية فضلا عن مخارج ألفاظها، والحقيقة أن لساني لا تجيد حتى مخارج الألفاظ العربية، وقد اتهمني أخي عبدالكريم يوما أنني حالما أقرأ ابخس بعض الحروف حقها في النطق، بل وآكل بعض الحروف فضلا عن مخارج الكلمات وتشكيلاتها. وإذا كان هذا حالي مع العربية فكيف سيكون حالي مع الإنجليزية، وإذا كانت اللغة الإنجليزية في أمريكا هي نفسها تختصر بعض الكلمات والحروف الإنجليزية السارية في بريطانيا؛ فكيف يكون الحال بلسان من لا يجيد الحديث بلغة بلده، فما البال بلغة بلاد غيره.. إنه دون شك وضع صعب ومعقد أو هكذا بدت لي الأمور.
***
في يوم كنت مهموما ومشبعا بالقهر .. أحمل في يدي ملفاتي الطبية وأشياء أخرى ومتطيرا من دجال وكاذب، ومن جرأة نذالة تريد أن تسحقني بالإساءة.. عقلي كان شاردا في التيه ابحث عن مخرج من ورطة أعيشها ونذالة تحاول أن تستحكم حلقاتها، ومؤامرة خسيسة تنتوي النيل مني.. لا شرف فيها لخصومة ولا منازلة فرسان.. الوجع بالغ والجيد فارس تقتله الخساسة.
وصلت السكن الذي أقيم فيه.. بحثت عن تلفوني فلم أجده.. احسست أن ذاكرتي هي تلفوني وأنني قد صرت بلا ذاكرة.. سألت صديقي في السكن عما إذا كان رقمي لديه ليتصل برقمي حتى أتأكد أن تلفوني هل هو في الغرفة أم لا؟ فأخبرني أن رقمي ليس لديه، والأسف أنني لم أكن حافظا لرقمي.. أخبرته أن يتصل لزميلي الآخر الذي يقيم معي في نفس المكان، فتم الاتصال لأكتشف أنني أضعت تلفوني، وأن لا أحد يرد عليه.
رجحت أن أكون قد فقدته في باب العمارة حالما كنت محملا بأشيائي وافتح بابها بالمفتاح.. هرعت إلى الباب فلم أجد له عينا أو بقايا أثر.. هرعت مسرعا إلى البقالة التي أخذت بعض الأغراض منها، وبدلا من أن أتكلم مع صاحبها بالإنجليزية تكلمت معه بالعربية المستعجلة دون ترتيب أو شعور، وبطريقة تعتريها الهلع والعجل:
هل نسيت تلفوني هنا؟؟ هل وجدت تلفوني..؟!
فأجابني بالعربية انت من أين؟!
قلت له: من اليمن.
قال: من أين من اليمن؟!
قلت له: من تعز..
ثم سألته: وأنت من أين؟!
أجابني: من رداع..
قال: كنت اعتقد انك هندي خلال الفترة الماضية التي كنت تتعامل معي فيها..
ضحكت وقلت له: انا اعتقدت ايضا انك هندي..
قرحنا ضحكا وناولني تلفوني ..
ابتهجت نفسي وشعرت بالإرتياح بعد ضيق وشدة.
قلت لنفسي الإنسان يستطيع أن يحول حتى نكباته إلى فرص، بل وأيضا عبر وعضات وتعارف ومعرفة جديدة.
طلبت منه أن آخذ معه صورة..
فاجأني وهو يقول على نحو صارم:
لا .. ممنوع التصوير.. نظف تلفونك من الصور.. من الأغاني.. من الفيديوهات.. الصور والأغاني حرام.. أتذكر عذاب القبر.. هل سمعت عن الفنانة المصرية ماذا جرى لها في القبر.. نظف تلفونك.. لا تبقي فيه صورة أو أغنية أو فيديو .. كل واحد يجهز نفسه للرحيل.. في أي وقت ممكن يلقاك الموت فيه.
سألته عن اسم هذه الفنانة المصرية؟
فأجابني أنه لا يتذكر، ولكنه سمع ذلك في "اليوتوب"
سألته: انت الأن من صدقك؟!
فأقسم يمين واثنين وثلاثة
سألته: كم لك هنا:
أجاب: أنا ولدت هنا.
خرجت مذهولا و مفزوعا ولم أعد إليه.
***


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.