اعتبر السياسي هاني علي سالم البيض أن التحوّل في مواقف موسكووبكين تجاه اليمن ليس مسألة عابرة، وإنما يشير بوضوح إلى أن قواعد إدارة الملف اليمني قد تغيّرت، وأن القرار يتجه أكثر نحو الإقليم بينما يتراجع دور مجلس الأمن. ورأى هاني البيض أن امتناع بكينوموسكو عن التصويت كسر ما كان يُعرف بتوافق الدول الخمس الكبرى حول الملف اليمني منذ العام 2014. وقال على حسابه في "إكس" إن هذا التبدّل له أيضًا دلالات أخرى، منها أن الملف اليمني لم يعد ضمن أولويات الإجماع الدولي، بل أصبح ساحة لتجاذب المصالح. وأشار البيض إلى أن روسيا والصين تريدان فك الارتباط عن المقاربة الغربية للملف اليمني، وتأسيس موقع تفاوضي مستقل يراعي تحالفاتهما الإقليمية. كما رأى أن الامتناع عن التصويت يعد رسالة سياسية ودبلوماسية واضحة، مفادها: "لم نعد نمنح واشنطن ولندن تفويضًا تلقائيًا لإدارة هذا الملف". وأبدى اعتقاده أن الروس والصينيين يشعرون بأن الملف اليمني يتجه نحو تدويل أعمق، ويريدون فرملته قبل أن يخرج عن السيطرة. ونوّه إلى أن موسكو تريد إعادة تعريف الصراع كملف إقليمي، لا كقضية دولية تُدار تحت الفصل السابع. وبيّن هاني البيض أن موقف الدولتين يكشف مخاوف من تصعيد متعدّد الأطراف قد يحوّل اليمن إلى ساحة تجاذب إقليمي ودولي، ما يجعلهما تدفعان باتجاه "إقلمة الملف" عبر الدعوة لمنح السعودية والإمارات وإيران وعُمان دورًا مباشرًا في صناعة التسوية. وأشار إلى أن أخطر ما في هذا التغيّر أنه يُبقي اليمن خارج الطاولة بينما تُدار تفاهمات مصيرية تتعلق بمستقبله، وفي لحظة يتراجع فيها تأثير مجلس الأمن ويصعد نفوذ القوى الإقليمية. وأبدى خشيته من أن يتحول اليمن إلى ساحة اختبار جديدة بين القوى الكبرى كما يحدث في مناطق أخرى.