تصاعدت موجة الاحتجاجات بالأوساط السياسية والحقوقية باليمن ضد بقاء المعتقلين السياسيين في السجون رغم صدور عفو رئاسي بحقهم. ورأى المطالبون بإطلاق الناشطين أن مكوث هؤلاء بالسجون يرفع حالة الاحتقان السياسي ويمنع قيام الحوار الوطني المنتظر, في حين نفت أوساط رسمية هذا الزعم مؤكدة إطلاق جميع المعتقلين باستثناء الموقوفين على ذمة قضايا جنائية. وعبر عضو المكتب السياسي بالحزب الاشتراكي علي الصراري عن أسفه لاستمرار احتجاز معتقلي الحراك الجنوبي أو أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية من محاكم "مسيسة لم تلتزم بمبدأ العدالة وتمت وفقا لرغبة سياسية". وقال الصراري للجزيرة نت إن العفو الرئاسي ولّد حالة من الارتياح لدى القوى السياسية التي رأت أنه بداية انفراجة سياسية ستساعد على تهيئة الأجواء لبدء الحوار الوطني المأمول. لكنه رأى أن حملات الاعتقالات لم تتوقف، وتضاعف أعداد السجناء بعد صدور العفو الرئاسي، واتجهت الأمور إلى التأزم. ونفى الصراري مزاعم إطلاق المعتقلين السياسيين موضحا أن المفرج عنهم أعداد ضئيلة من الصحفيين الذين تحول بقاؤهم بالسجون إلى عبء ثقيل على السلطة نتيجة الضغوط من المنظمات الحقوقية الدولية. من جهته انتقد المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود" المحامي خالد الآنسي مبدأ اعتقال الناشطين السياسيين، واعتبره مخالفة صريحة للمشروعية الدستورية والقانونية كونه لم يستند إلى أمر قضائي. وعارض صدور عفو بحق أشخاص تم اعتقالهم بسبب أفكارهم وآرائهم التي كفلها الدستور لهم. وبين الآنسي للجزيرة نت أن العفو يكون لشخص مدان حوكم وفقا لمحاكمة عادلة توافرت فيها جميع قواعد العدالة، وتمت في ظروف طبيعية على يد قاض مشهود له بالنزاهة والاستقلال. ورأى أن التوجيهات الرئاسية بالإفراج عن المعتقلين اعتراف ضمني من السلطات بوجود معتقلين، مطالبا بتوفير الشفافية إزاء المعتقلين ونشر أسمائهم تمهيدا للإفراج عنهم. عدم الأمان واعتبر الآنسي أن بقاء هؤلاء في السجون يفقد مصداقية السلطة، ويبعث الشعور بعدم الأمان في التعامل مع مواطنيها. وتساءل المحامي بالمرصد اليمني لحقوق الإنسان محمد سعيد البان عن المعايير التي تم بموجبها إطلاق بعض المعتقلين، والإبقاء على آخرين رغم وجود عفو رئاسي شامل للجميع. وذكر أنه وزميله أكرم الشاطري توجها بعدد من الرسائل للجهات المعنية لإطلاق المعتقلين المتبقين بالسجون، إلا أنهما لم يجدا التجاوب المطلوب حتى الآن. وكان القيادي البارز بالحراك الجنوبي صلاح الشنفرة قد كشف في ندوة بالضالع أن عدد المعتقلين من ناشطي الحراك بلغ عددهم 20 ألفا و984 شخصا حتى مايو/ أيار الماضي. وأشار إلى أن 21 شخصا صدرت بحقهم أحكام "جائرة" بينما يواجه 87 من قيادات ونشطاء الحراك مطاردات من قوى الأمن. باستثناء الجنائيين في مقابل ذلك نفى عضو اللجنة الدائمة بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الدكتور عبد الجليل كامل تلك المزاعم، وأكد للجزيرة نت أنه تم إطلاق جميع المعتقلين السياسيين الذين شملهم العفو الرئاسي باستثناء الموقوفين على ذمة قضايا جنائية. وفرّق المسؤول الحزبي بين المعتقل السياسي الذي يجاهر برأي معارض للسلطة -وفقا للدستور والقانون- وبين من يقوم بالاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإقلاق سكينة المجتمع موضحا أن هذه التصرفات تدخل في باب الحرابة. وربط كامل بين ما اعتبره "طبيعة النظام السياسي القائم على التسامح" وصدور العفو الرئاسي مرات متتالية للمتورطين في مثل هذه الأعمال التي وصفها بالتخريبية، وآخرها العفو الشامل الذي أعلنه الرئيس علي عبد الله صالح عشية الذكرى العشرين لقيام الوحدة. الجزيرة