تواصلت، أمس، حالة التوتر المحيطة بمجمع وزارة الدفاع الواقع بمنطقة العرضي بالعاصمة صنعاء، مع محاصرة مجاميع مسلحة من "أنصار الله" للمجمع، ووسط تعزيزات وتحركات من الجانبين، في الوقت الذي اقتحمت فيه جماعة الحوثي منشآت حكومية أخرى، وسط حالة من الجدل على هذه التحركات. ونقلت يومية "الأولى" عن مصدر مطلع، إنه وبالرغم من أن موظفي الوزارة قضوا يومهم في الدوام بشكل طبيعي، إلا أن محيط الوزارة محاصر بطريقة غير معلنة. وأضاف المصدر أن أطقم ل"أنصار الله" دخلت إلى جوار المجمع، ورابطت بالقرب من أطقم تابعة لقوات الجيش، وأنه بالرغم من أن الوضع يبدو طبيعياً، إلا أن مسلحي الطرفين المتجاورين ينتظرون أية إشارة تفجر الأمر بينهم، وأن كونهم قرب بعض، وحالة الصمت السائدة بينهم، لا تعني أنهم على وفاق، أو يقومون بحراسة مشتركة للمبنى. وتحدث عن أن أوامر عليا صدرت لأطباء مجمع العرضي بمغادرة المستشفى تحسباً لأي طارئ، كما أن سيارات الإسعاف التابعة للجيش انتشرت في محيط الوزارة، في حادثة غير مسبوقة، وبما ينبئ بأن الأمر مرشح للانفجار. وقال المصدر إن هناك معلومات تدور داخل المجمع، فحواها أن جماعة "أنصار الله" عززوا من تواجدهم داخل صنعاء القديمة والأماكن المشرفة على المجمع، كما استحدثوا متاريس وأماكن تجمعات مسلحة. وأشار إلى أن هناك أوراقاً ومعاملات تم تداولها أمس، وعليها توقيعات وختم رئيس هيئة الأركان الجديد، وبما يدل على أن الأخير بدأ دوامه في الوزارة، وإن بشكل متخفٍّ، ودخول وخروج إلى المبنى بطريقة سرية. وبيّن المصدر عن أن جماعة "أنصار الله" كانوا غادروا بالفعل الوزارة، والدوائر التي كانوا يتواجدون داخلها للإشراف على التعاملات، ومنع ما يعتبرونه تجاوزاً وفساداً من قبل مسؤولي وزارة الدفاع، وأن مغادرتهم أتت بعد خلافات لهم مع وزير الدفاع الصبيحي، بعد منعهم لرئيس هيئة الأركان المعين حديثاً من دخول مكتبه. وقريباً من ذلك، قالت نقلت "الأولى" عن مصادرها إن دبابة و3 مدرعات تحيط بمقر للحوثيين وسط صنعاء القديمة، جوار الجامع الكبير. وقالت مصادر محلية، إن دبابة عليها حوثيون ترابط جوار مقر للحوثيين، منذ أمس، بالإضافة إلى 3 مدرعات تحيط بالمقر منذ 3 أيام. مشيرةً إلى أن الحوثيين أغلقوا، أمس، عدداً من مداخل صنعاء القديمة، على خلفية التوتر في "العرضي". وفي السياق الأمني ذاته، اقتحم مسلحون حوثيون، أمس، مصلحة الأحوال الشخصية والسجل المدني بأمانة العاصمة، وتبادلوا إطلاق النار مع موظفين في المكتب، ما أدى إلى جرح مواطنين، وسادت حالة من الخوف والفزع في المكان. ونقلت "الأولى" عن مصدر في المكتب إن مسلحين حوثيين حضروا إلى المكتب عند الساعة ال11 من صباح أمس، وأرادوا أن يستخرجوا بطائق شخصية لمجموعة من الأطفال كانوا معهم. وأضاف المصدر أن الحوثيين استطاعوا أن يسحبوا استمارات من الموظفين المعنيين، وعملوا على تدوين البيانات فيها، وأنه وقبل دخولهم إلى قسم التصوير، اعترض أحد الضباط الذين يعملون، على الإجراءات، وقال للمسلحين إن الأطفال لا يزالون تحت السن القانونية، وإن القانون يمنع منحهم أية بطائق. وأشار إلى أن المسلحين هددوا الضابط بإطلاق النار عليه في حال امتنع عن التوقيع، وأن الضابط كان يحمل مسدساً، في الوقت الذي كان يحمل المسلحون أسلحة آلية، وأنه حدث تعارك، وإطلاق النار في الهواء في المكتب الذي كانت تتم فيه المعاملة. وأوضح المصدر أن المكتب كان يكتظ بالمواطنين الذين يقومون بمعاملاتهم، وأن إحدى الطلقات الراجعة من السقف، أصابت أحد المواطنين في رجله (مصدر آخر قال إن مواطنين اثنين أصيبا في إطلاق النار). وتحدث عن أن المسلحين كانوا قدموا إلى المصلحة على متن طقم تابع لقوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً)، وسيارة أخرى "هايلوكس"، وأن الخانة الخلفية فيها "متروسة بالسلاح"، وأنهم عندما تحروا عن الطقم من رقمه بالتواصل مع الجهات المعنية بقوات الأمن الخاصة، أبلغوهم أن الطقم تم نهبه في الأحداث التي شهدتها واقعة المطار مؤخراً. وبيّن المصدر أن اتصالات جرت بين المكتب ومسؤول جماعة "أنصار الله" في منطقة "عصر"، والذي حضر مندوب عنه إلى المكتب، وأخذ المسلحين، وقال إنهم سوف يحققون معهم، وسيتأكدون من هويتهم. وقال المصدر إن مندوب "أنصار الله" حاول بداية إلقاء اللائمة على الضابط الذي رفض التوقيع على وثيقة منح البطائق الشخصية. وأشار إلى أن الموظفين في المصلحة خرجوا منها حال وقوع الحادثة، وأعلنوا الإضراب عن العمل حتى يتم التحقيق والنظر في الأمر، ومحاسبة المسلحين، ومنع تكرار ما حدث. مصدر آخر في الأحوال الشخصية، قال إن هناك حركة غير مسبوقة من جماعة "أنصار الله" لاستخراج بطائق شخصية، وإن معظم من يتم منحهم هذه البطائق من محافظة صعدة، وبأعداد مهولة. وأرجع المصدر هذه العملية، إلى أنها تأتي لتجنيد أعداد كبيرة ممن تستهدفهم هذه البطائق، وضمهم إلى صفوف الجيش، وأنهم يريدون أن يضموا 2000 في الأمن العام، وفي الكليات العسكرية يريدون أن يضموا 1500 شخص، وأنهم كانوا ضموا 300 شخص إلى معسكر الخرافي، الذي كان يقع تحت نفوذ القائد العسكري علي محسن الأحمر، كما أنهم يريدون إحلال 2000 شخص بديلاً للأسماء الوهمية التي وجدت في المعسكرات التي كانت تتبع الفرقة الأولى مدرع المنحلة. يذكر أن هناك ما يقارب 19.000 اسم وهمي في قوام الفرقة الأولى مدرع، التي كانت تتشكل من 32 ألف فرد، وبعد سقوطها بيد الحوثيين، اتضح لوزارة الدفاع أن حوالي 19.000 شخص ممن كانت تدفع لهم المرتبات، هم أشخاص وهميون، وأن جماعة الحوثي تريد إحلال 2000 شخص من الموالين لها في هذه المعسكرات، بديلاً لهذه الأسماء الوهمية. إلى ذلك، اقتحمت مجاميع مسلحة من "أنصار الله"، صباح أمس الأربعاء، مبنى "شركة صافر الوطنية النفطية"، وطردت مديرها العام المهندس أحمد كليب، ووجهت بمنع دخوله ونائبه المهندس سيف الشريف، إلى مبنى الشركة مرة أخرى، وذلك بعد أن أحكمت السيطرة على كل مداخل ومخارج الشركة، ومنعت الموظفين أو أي شخص من أية جهة، من الدخول أو الخروج من المبنى الواقع في شارع حدة بالقرب من مبنى البريد الرئيسي في المنطقة. جاء ذلك بعد صدور مذكرة إيقاف بحق المدير العام أحمد كليب، صادرة من سعيد العاقل، محامي عام نيابات الأموال العامة. مذكرة سعيد العاقل خاطبت وزير النفط والمعادن، استنادا إلى مذكرة من وكيل نيابة الأموال العامة، بقرار نيابي لإيقاف "المتهمين أحمد محمد كليب وسيف الشريف، وما قرر فيها من أن مصلحة التحقيق تقتضي إيقاف المذكورين عن العمل"، وذلك على خلفية قضية فساد مرفوعة ضدهما أمام النيابة. وقالت المصادر إن مسلحين حوثيين قدموا إلى مبنى شركة صافر، بصحبة ما تسمى "اللجنة الثورية للرقابة على قطاع النفط"، على متن أطقم عسكرية ومدنية، وقاموا باقتحام مكتب مدير عام الشركة المهندس أحمد كليب، واجتمعوا به، وطلبوا حضور نائبه المهندس سيف الشريف، للاجتماع، لكنه كان خارج اليمن في مهمة عمل. وأضافت أن ما تسمى "اللجنة الثورية"، اجتمعت بالمدير العام للشركة لأكثر من ساعة، لكن المصادر لم تذكر ما دار في هذا الاجتماع، سوى أنها قالت إنه كان أشبه بمحاكمة لمدير الشركة، ومواجهته بقضايا فساد اتهمته ونائبه بارتكابها في الشركة. وأفادت المصادر بأن ما تسمى اللجنة الثورية قامت لاحقا بطرد مدير عام شركة صافر من مبنى الشركة، ووجهت بمنع دخوله ونائبه المهندس سيف الشريف، إلى مبنى الشركة مرة أخرى، وأكدت المصادر أن اللجنة الثورية قامت عقب ذلك باستدعاء المهندس أمين زبارة، أحد المدراء التنفيذيين للشركة، وكلفته بإدارة الشركة الى حين صدور تعليمات أخرى من المكتب السياسي لجماعة الحوثي. وتحدثت أن ما تسمى لجنة الرقابة الثورية ومسلحين مرافقين لها كانوا اقتحموا، مطلع الشهر الفائت، مكتب المهندس أحمد كليب، مدير عام الشركة، عنوة، وأرغموه على مقابلتهم، وأرغموا نائبه المهندس سيف الشريف، على حضور الاجتماع، وحدثوهما مطالبين إياهما بعدد من المطالب، أهمها توقيف تصدير الغاز، وتوقيف صرف أي مخصصات مالية، ماعدا مخصصات الرواتب. وبينت المصادر أن قوات حراسة المنشآت التابعة لوزارة الداخلية لم يعد لها أية سلطة في حماية مبنى شركة صافر، وأن مسؤولية حراستها أوكلت ل40 مسلحا من مسلحي الحوثي، بعد يومين فقط من سيطرة مليشيات الحوثي على العاصمة، أواخر سبتمبر الفائت، وخصصت حينها إدارة شركة صافر 3500 ريال لكل مسلح منهم في اليوم، إضافة للوجبات الغذائية ال3. وكانت تقارير صحفية سابقة ذكرت أن المسلحين الحوثين اقتحموا مباني ومقرات تابعة للوحدات والشركات النفطية، وتسلموا حراستها بعد يوم من تمركزهم أمامها، مع استبقاء الحراسة الأصلية، مثل شركة النفط، ومبنىى الوزارة، وهيئة المعادن، والشركة اليمنية للاستثمارات النفطية، فيما سيطر مسلحو الحوثي تماما على مقر شركة صافر بشارع حدة قرب البريد، بعد يومين من تمركزهم أمام بوابتها، وأن مسلحي الحوثي سيطروا تماما على مباني الشركة اليمنية للغاز المسال في منطقة حدة، بالإضافة إلى تواجد وتمركز أطقم لمسلحي الحوثي على مداخل الشارع الفرعي المؤدي الى هيئة استكشاف وإنتاج النفط في منطقة حدة، القريب من "شميلة هاري". جماعة "أنصار الله" فرضت، أمس أيضا، طوقاً على البنك المركزي اليمنيبصنعاء، وأوقفوا صرف الشيكات والمعاملات المالية، كما منعوا الدخول والخروج من المبنى. ونقلت "الأولى" عن مصدر في البنك المركزي إن الجماعة فرضت طوقاً مسلحاً في الصالة، ووجهت بعدم صرف أي مبالغ مالية تندرج في التبويبات المالية للبنك، باستثناء رواتب موظفي الدولة. وفي معلومة إضافية، قال المصدر إن المسلحين أرادوا وقف صرف الشيكات التابعة لوزارة الدفاع، وإن مسؤولي البنك طلبوا منهم الذهاب إلى وزارة المالية لمنع إصدار هذه الشيكات، إذا رأوا أنها متعلقة بفساد، لا إلى البنك. على صعيد قريب، منع مسلحو الحوثيين، أمس، رئيس موانئ البحر الأحمر من دخول ميناء الحديدة، مكملين بذلك السيطرة على الميناء الاستراتيجي في اليمن. وتأتي هذه الإجراءات المتسارعة، بعد يومين من خطاب شديد اللهجة لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، اتهم فيه رئيس الجمهورية بالفساد، ولمح إلى فرضه إجراءات رقابية مرتقبة على مؤسسات الدولة، لمنع ما قال إنه فساد. من جانبها، خرجت الحكومة الجديدة، أمس، عن صمتها تجاه تواجد الحوثيين في قطاعات ومرافق الدولة، وبصفة غير رسمية، وهددت بالانسحاب، وترك المجال للحوثي لإدارة البلاد. وشدد رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، في اجتماع مجلس الوزراء، أمس، على أن موقف الحكومة من أحداث العنف والتهجم على مؤسسات الدولة، واضح، وأنه في حين لن ترضى الحكومة أن تسفك قطرة دم واحدة من أي مواطن من أي طرف، في إطار البقاء في السلطة أو أخذها، لن تسمح حكومة الكفاءات بأي مشروع غير المشروع الدستوري والقانوني لإدارة الدولة. وقال: "لا يتم إدارة الدول بالعمل الثوري، وإنما بالعمل المتخصص والمنظم، والدول غير المستقرة في الإقليم خير شاهد على هذا"، مؤكداً أن حكومته مستعدة للانسحاب إذا الطرف الآخر مستعد لتحمل المسؤولية، لأن حكومة الكفاءات لن تقبل بأن تكون حكومة صورية، أو بتمزيق البلد بين التجاذبات السياسية، بحسب وكالة "سبأ". وأوضح رئيس الوزراء أن ما يحدث في الشارع من اعتداء على مسؤولي وموظفي الدولة واقتحام لمؤسساتها والتدخل في عملها، والتهجم على القطاع الخاص، هو انعكاس للخلافات السياسية، التي من المفترض أن تنأى بنفسها عن الحكومة، باعتبارها حكومة لجميع اليمنيين، مهمتها تنفيذ برنامج إصلاحي يهدف إلى الاستقرار الأمني والاقتصادي في اليمن، معتبراً أنه لا يبرر هذه الأعمال أية حجج مهما كبرت أو صغرت، ومهما كانت النوايا، فالأعمال غير المسؤولة تعيق مسار الحكومة في إعادة الأمن والاستقرار، والدفع بعجلة التنمية. وأضاف أن "الخاسر الأول والأخير من الأعمال غير المسؤولة -سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة- من قبل الكيانات السياسية والثورية، هو المواطن والوطن، لأن تأثير ما يحدث اليوم سوف يشمل الاقتصاد الوطني بأكمله، وستتحمل تبعاته الأجيال القادمة التي سوف تسجل في التاريخ ما نفعله اليوم، وستحاسبنا عليه سواء شئنا أم أبينا".