الإعلان عن وجود كميات كبيرة من الغاز في المياه الإقليمية المصرية يتصدر المشهد في إسرائيل التي عكست تصريحات المسؤولين فيها ووسائل إعلامها قلقاً واضحاً من انعكاس هذا التطور على مجال الغاز الإسرائيلي الذي كانت تعول تل أبيب أن تكون مصر أول سوق له. ما إن أعلنت شركة "ايني" ENIالإيطالية التي تنقب عن النفط في المياه الإقليمية المصرية عن العثور على كميات هائلة من الغاز الطبيعي بالقرب من سواحل الدلتا المصرية، حتى بدا القلق واضحاً في إسرائيل، قلق انعكس انهياراً في أسهم النفط والغاز في البورصة الإسرائيلية، وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين ومقالات وتحليلات في الصحافة الإسرائيلية ذهب بعضها إلى حد اعتبار الأمر بمثابة "ضربة موجعة لمجال الغاز الإسرائيلي. وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن وزير الطاقة يوفال شتاينتس "أن اكتشاف حقول الغاز الضخمة في مصر هو تذكار مؤلم بأنه في الوقت الذي تضيع فيه إسرائيل الوقت مع في المصادقة النهائية على مخطط الغاز وتمنع المزيد من عمليات بحث، فإن العالم يتغير أمام أعيننا، كذلك أيضاً التأثيرات على خيارات التصدير". بدوره رمى رئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست إيتان كابل الكرة في ملعب شتاينتس قائلاً "من المهم كيف سيشرح وزير الطاقة الثمن المرتفع الذي اتفق عليه مع شركات الغاز على حساب الجمهور الإسرائيلي، حيث يبدو أن جيراننا من الجنوب يتوقع أن يدفعوا على غازهم سعر أقل بكثير". الصحف الإسرائيلية تناولت الموضوع ورصدت آراء الخبراء حوله. واعتبرت صحيفة "هآرتس" أن "اكتشاف الغاز المصري بدد أحلام لفيتان، في جعل مصر أول سوق للغاز الإسرائيلي الذي تقرر تصدير نحو 75% منه" معتبرة أن "الشرطة الإيطالية التي اكتشفت الغاز وجهت ضربة لإسرائيل وأغرقت احتمالات تطوير حقل الغاز". بدوره قال موقع "إسرائيل نيوز 24" إن "مجال الغاز الإسرائيلي تلقى ضربة موجعة وكان للإعلان المفاجئ وقع قوي على البرامج المتعلقة بالغاز الإسرائيلي المكتشف حديثاً في آبار تقع في البحر المتوسط تديرها شركات أميركية وإسرائيلية". ورأى الموقع الإسرائيلي أن "الإعلان عن اكتشاف هذه الكميات من الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية المصرية يقلب الحسابات رأساً على عقب في المنطقة برمتها بعد أن كانت إسرائيل سارعت إلى عقد اتفاقات لتصدير الغاز الطبيعي مع كل من مصر والأردن وتركيا وبقيت هذه التفاهمات رهن المصادقة عليها في برلمانات هذه الدول كي تدخل حيز التنفيذ". وتابع الموقع المذكور "لقد كان ما نسبته 75% من الغاز الطبيعي الإسرائيلي معداً للتصدير بهدف الحصول على عائدات مالية سريعة من أجل تطوير آبار إسرائيلية أخرى لاستخراج الغاز وكذلك من اجل استرداد تكاليف التنقيب وبناء منصات استخراج الغاز وكذلك تكلفة مد خطوط الانابيب في قعر البحر" معتبراً أنه "أصبح من الضروري أن تراجع الجهات الإسرائيلية المختصة كافة الحسابات الآن على ضوء هذا المتغير الجديد". الموقع الإسرائيلي ذهب إلى حد القول "إن الخارطة الجيوسياسية ستشهد تغيرات فورية، أولها ان مصر ستستغني عن استيراد الغاز الإسرائيلي وكذلك من المتوقع أن تحذو حذوها المملكة الهاشمية التي أصبحت قادرة على الاختيار بين استيراد الغاز الإسرائيلي والغاز الإيراني القادم قريباً أو الغاز المصري" وفق ما جاء فيه. موقع "والاه" توقف أيضاً عند هذا التطور وتحت عنوان "بشرى أم تهديد طاقة: كيف سيؤثر علينا اكتشاف الغاز في مصر؟" كتب أفنير بوروكوف "أن اكتشاف الغاز في البحر الابيض المتوسط على الشواطئ المصرية، من شأنه أن يسد طريق صفقة تصدير الغاز إلى القاهرة من البئرين الإسرائيليين "تمار" و "لفيتان"". ونقل الموقع عن خبراء في اقتصاد الغاز أن "التهديد الذي يشكله الاكتشاف على الآبار الاسرائيلية يقاس تبعاً لتنمية البنى التحتية المصرية وبالزمن الذي سيستغرق بناؤها". وفي حين رأى خبراء معارضون لاتفاقية الغاز الإسرائيلية المصرية أن "هذه بشرى ممتازة لمواطني اسرائيل. ولا يتبقى سوى الأمل في ألا تواصل الانبطاح بل تتعزز في ضوء العثور على البئر المصري وتطبق ما يسمح به لها القانون منذ زمن بعيد لجهة فرض الرقابة على أسعار الغاز وتخفيضها الى مستوى عادي"، رأى المؤيدون للاتفاقية "أن البنية التحتية المصرية غير قادرة على أن تلبي اكثر من 75 في المئة من الطلب المصري. وعليه فإن على المصريين أن يبنوا بنى تحتية كي يطوروا ويلبوا الطلب المحلي لديهم وفقط بعد ذلك سيكون بوسعهم أن يستجيبوا للتصدير"، ووفق هؤلاء فإن "مصر لم يكن ينقصها أبداً الغاز الطبيعي. بل ما كان ينقصها هو البنى التحتية".