قال الشباب الذين عرضوا أجسادهم المحترقة أن الشرطة السعودية بعد إحراقهم وإخراجهم من الحفرة بلهيب النار توجهت بهم إلى مركزها وليس إلى المستشفى للعلاج، وأن رجالها ورجال الإسعاف الذين كانوا متواجدين منذ ما قبل تنفيذ العملية؛ لم يساعدوهم في إطفاء أجسادهم التي قالوا أن جلودها كانت تسيل أمامهم على التراب. وتحدثوا عن تهديد الشرطة السعودية لهم إذا اتهموها بإحراقهم، وإجبارها إياهم على توقيع تنازل عن أية استحقاقات لهم، بل والاعتراف بأن السلطات الطبية السعودية قامت معهم بكل واجب العلاج، وأنها قد أخلت مسؤوليتها عنهم بعد أن أكملت علاجهم. كل هذا برغم أنهم قالوا أن المكان الذي تم علاجهم فيها داخل المستشفى الذي نقلوا إليه لا يعرف الشمس. وأفاد الضحايا أن قوات الأمن طردت صحفياً في جريدة عكاظ كان يحاول تصويرهم والحديث معهم. معبرين استيائهم من تعامل الأمن السعودي معهم الذي وصفه أحدهم بتعامل الكلاب. الجلسة التي نظمتها «الحملة المدنية لمناصرة ضحايا محرقة خميس مشيط بالسعودية» صباح اليوم في فندق صنعاء الدولي شهدت حضور كثيفاً لوسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، وسجلت إدانات من الحاضرين لتعاطي الدولة اليمنية وسلطاتها باستهتار مع جريمة إنسانية ارتكبت بحق مواطنيها، وصمتها المريب إزاء ما حدث، محملين إياها المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه رعاياها. بالإضافة إلى مسؤوليتها المباشرة عن هذه المحرقة التي لم تكن لتحدث لولا أن الضحايا هربوا من جحيم المعيشة وسوء الأوضاع الاقتصادية لهم بسبب سياسات الإفقار التي تنتهجها السلطة. وعبر العديد من المشاركين في جلسة الاستماع عن استغرابهم مما أسموه التواطؤ الرسمي اليمني مع جهات الأمن السعودية، وغياب الجهات الرسمية عن الحضور في هذه الجلسة، وهو ما يؤكد -حسب عدد من الحاضرين- صحة الاتهامات الموجهة للسلطة بالتواطؤ ضد رعاياها. وكانت «الحملة المدنية لمناصرة ضحايا محرقة خميس مشيط» نشأت بمبادرة عدد المنظمات والشخصيات السياسية والحقوقية والإعلامية تكونت بعد الحراك الحقوقي المتزايد والمطالب بكشف ملابسات إحراق مجموعة من المهاجرين اليمنيين في منطقة خميس مشيط بالسعودية. وشكل حقوقيون وإعلاميون لجنة لمتابعة حادثة إحراق اليمنيين في خميس مشيط بالسعودية بعد أن تم توجيه رسائل مرفقة بكافة المعلومات والصور التي نشرت في وسائل الإعلام، وما تم الحصول عليه من معلومات إلى مجلس النواب، والنائب العام، ومجلس الوزراء لمطالبتهم بالقيام بالواجبات الدستورية تجاه المواطنين اليمنيين وحمايتهم من مثل هذه الحوادث والتحقيق القضائي في القضية. منظمة «هيومن رايتس ووتش» طالبت في وقت سابق من هذا الشهر السلطات السعودية بفتح تحقيق مع ضباط شرطة منطقة خميس مشيط الذين يزعم بأنهم قاموا بإضرام حريق في موقع كان يختبئ فيه مهاجرون يمنيون وأدى إلى إصابة 8 منهم بحروق خطيرة. وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «الادعاءات بأن الشرطة السعودية تعمدت إحراق الملجأ الذي كان يحتمي فيه المهاجرون اليمنيون هي ادعاءات مروعة وتكشف عن استخفاف كلي بحياة الإنسان، ويبدو أن المسؤولين السعوديين مهتمين بحماية ضباط الشرطة أكثر من اهتمامهم باكتشاف حقيقة ما جرى والذي لا يتم إلا من خلال البدء بتحقيق يحظى بمصداقية». وادعت الحكومة السعودية أنها قامت بإنقاذ الضحايا اليمنيين من حريق اشتعل بالخطأ، وأشارت إلى أن مزاعم الضحايا ليست موثوقة لأنهم مجرد جامعي نفايات لا يحملون وثائق. وفي 25 أبريل/نيسان نشرت صحيفة عكاظ السعودية تصريحاً للناطق الرسمي باسم دفاع مدني منطقة خميس مشيط الرائد محمد العصامي يدعي فيه أن: "الحريق اشتعل في الإطارات والنفايات وانتشر بعد ذلك لمسافة 50 متراً.. والضحايا كانوا موجودين في المنطقة ينبشون النفايات". وفي 28 أبريل/نيسان قال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية العقيد «عبد الله القرني» في مؤتمر صحفي: إن مجموعة من اليمنيين مجهولي الهوية اليمنيون أصيبوا في حادثة بسبب حريق وقع في مكب النفايات عن طريق الخطأ حين كانوا يتخفون عن أجهزة الأمن في هذا المكب، وهؤلاء المجهولون هم ممن تعودوا التسلل إلى منطقة عسير للسرقة والسلب والنهب.»