ما يهم المواطنين اليوم هو أن يستعيد وطنهم عافيته ويتجاوز محنته وتداعيات الأزمة التي ألمت به منذ عشرة أشهر، وذلك انطلاقا من إعادة ترسيخ الأمن والاستقرار، وتأمين احتياجات الناس من الخدمات الأساسية وإعمار ما تدمر من البنى التحتية، والتوقف عن الأعمال والممارسات التصعيدية من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية التي وقعت على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ودخلت في شراكة في حكومة الوفاق الوطني التي ستؤدي اليمين الدستورية اليوم أمام نائب رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي، وانتقال هذه الأطراف من حالة التوجس والتربص إلى مناخ جديد تسوده الثقة والتعاون المشترك والاحترام المتبادل والنوايا الحسنة والمسؤولية الوطنية التي يقتضيها عامل التوافق الوطني وروح الاتفاق والوفاق. ومن المؤكد أن هذه العناوين هي ما ينتظر المواطنون أن تتصدر أولويات حكومة الوفاق الوطني التي يتعين عليها أن تتحرك بعيدا عن الحسابات الحزبية الآنية، وأن تحرص على أن يكون خطابها واحدا وليس خطابين وأن تتفق على أسلوب المعالجة لمجمل التحديات التي تواجه بلادنا في الوقت الراهن وفي الصدارة منها، كما أشار دولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة، ما يتصل بالقضايا الملحة والمرتبطة بحياة المواطنين والتفرغ بعد ذلك لإنجاز متطلبات واستحقاقات المرحلة على نحو كلي وشامل. ولا نشك مطلقا أن حكومة الوفاق الوطني تدرك تماما أهمية الزمن في كسب الرهانات خاصة وأنها ستبدأ عملها في ظل العديد من المراهنات التي تتوزع بين التفاؤل والتشاؤم وبين من يتمنى لهذه الحكومة أن تنجح ومَنْ ينتظر فشلها. ولأننا من المتفائلين جدا بقدرة هذه الحكومة على تقديم نفسها بشكل يرضي المواطنين ويستجيب لتطلعاتهم، فإن ذلك يدعونا إلى تنبيه ولفت أنظار أعضاء هذه الحكومة إلى أن طريقها لن يكون مفروشا بالورود وأنها ستجابه الكثير من المعوقات والصعاب الناتجة عن تداعيات الأزمة، وعوامل التقاسم ، وأنها لكي تتمكن من التغلب على تلك العوامل والمعوقات لا بد أن تكرس جهودها في العمل، والأفعال قبل الأقوال، باعتبار أن ذلك هو السبيل إلى إخراج اليمن من عنق الزجاجة والسير بها في الاتجاه الصحيح والسليم. فالحقيقة أن تجاوز تداعيات الأزمة يتطلب حزمة من الحلول والخطوات والمعالجات التي لا تقتصر على الجوانب الأمنية رغم أهميتها بل تتعداها إلى الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولذلك فإن خطاب الحكومة لا بد وأن ينطوي على المضامين التي تحث على العمل البرامجي الذي تتوفر له الرؤى الدقيقة والملامسة لظروف الواقع، ولا تقفز عليها بالطروحات التنظيرية التي تمني الناس بالوعود والأوهام التي لا مجال لتحقيقها. ونعتقد أن من مصلحة الأحزاب أن تترك هذه الحكومة تعمل وفقا لما تراه ملائما ويخدم قضايا المواطنين في عموم اليمن، فالتدخلات المتكررة في أداء هذه الحكومة لن تثمر سوى الإرباك والتعطيل والاتكالية، ومن الأولى لهذه الأحزاب أن تلتفت إلى دواخلها وتبحث فيها عن مكامن الضعف لإصلاح نفسها، وأن تجعل الحكومة تعمل بدون تدخلات وأن تعتمد بدلا عن ذلك أسلوب التقييم، الذي يتيح لكل طرف منها مراقبة الأداء، واقتراح الحلول للاختلالات بصورة علمية ومدروسة ومنهجية.