لا شك أن الصعوبات والعراقيل لاتزال تكتنف مؤتمر الحوار الوطني في ظل المواقف المتناقضة والمتقاطعة لأطراف العملية السياسية المختلفة وتعدد واختلاف رؤاها، لهذا المؤتمر.. والأجندة التي يجب أن تطرح على طاولته، والأطراف التي يجب أن تشارك فيه.. وذهاب البعض إلى طرح شروط صعبة ينبغي الموافقة عليها والتسليم بها كمقدمة للموافقة على المشاركة. فيما أطراف أخرى، وخصوصاً بعض مكونات الحراك الجنوبي وبعض معارضة الخارج لاتزال ترفض مشروع مؤتمر الحوار الوطني بالصيغة المطروحة جملةً وتفصلاً وتطرح البديل المتمثل بحوار أو تفاوض بين طرفين -شمالي وجنوبي - تحت رعاية دولية من أجل الاتفاق على قضية واحدة وأساسية هي فك الارتباط..!. أمام هذه المواقف المتضاربة والمتقاطعة بصورة حادة قد تلقي بتأثيراتها السلبية على انعقاد مؤتمر الحوار الوطني فإن علينا ومن منطلق وطني عميق، أن نتعامل بمسؤولية وطنية عالية مع الأطراف التي تبدي مرونة سياسية، وأن نتعاطى مع طروحاتها بإيجابية وديناميكية، حتى نشجعها على الانضمام إلينا في مربع الحوار الوطني، بدلاً من التعنت والإقصاء الذي قد يدفع بها بعيداً وربما يضطرها إلى التحالف مع القوى الأكثر تطرفاً وتشدداً من المسألة الوطنية..! أقول هذا وأقصد أن رؤية الرئيسين علي ناصر محمد وحيدر العطاس، وقريب منها رؤية المناضل محمد علي أحمد، تمثل أرضية مناسبة لا ينبغي التفريط بها أو التعنت أمامها، للدخول في عملية الحوار الوطني، ومهما تكن المآخذ على صيغة الحوار الوطني التي يطرحونها، فإنها بتقديري أهون وأفضل وأيسر من الصيغ الأخرى المطروحة ضداً، وهي تندرج في إطار الممكن والقابل للتنفيذ اليوم، ولكن ربما ستكون غير ممكنة غداً. ولو قرأنا بتأنٍ كلمة الرئيس علي ناصر محمد أثناء لقائه بلجنة الاتصال في القاهرة مؤخراً، التي استعرض فيها تطورات الأحداث في الجنوب وتصاعدها الدراماتيكي منذ بداية الحراك في 2007م وحتى الآن، سنعرف أن الرجل أراد أن يقول لنا: إن ما كان ممكناً للحل في 2007م أصبح اليوم غير ممكن، بل ومستحيل، وبأن ما هو ممكن اليوم قد يصبح غداً عصياً مستحيلاً.. والرجل لا تنقصه الحكمة والتجربة. ومن الصواب أن نتعلم، ونستفيد من خبرته السياسية، وآرائه المعتدلة، ورؤاه الثاقبة التي ستساهم بالفعل في إيجاد حل ناجع وعادل للقضية الجنوبية، بشكل خاص وللمسألة الوطنية عموماً..!