قصفت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش السوري حيا بوسط حلب اليوم السبت بينما تأهبت القوات الموالية للرئيس بشار الأسد لشن هجوم على مقاتلي المعارضة من شأنه إن يحدد مصير ثاني كبرى المدن السورية. وانضمت تركيا التي كانت يوما حليفا للحكومة السورية لكنها الان من اشد منتقديها الى الضغوط الدبلوماسية المتنامية على الأسد ودعت لاتخاذ خطوات دولية ضد الحشد العسكري. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ان طائرات الهليكوبتر هاجمت حي صلاح الدين في حلب وان اشتباكات عنيفة دارت في أماكن أخرى من المدينة. وقالت الجماعة المعارضة في بيان عبر البريد الالكتروني ان طائرات الهليكوبتر تشارك في الاشتباكات عند مدخل حي صلاح الدين وتقصفه مضيفة ان هناك اشتباكات عنيفة أيضا عند مدخل حي الصاخور. وقال ناشط بالمعارضة انه شاهد دبابات وناقلات جند مدرعة تابعة للجيش السوري تتجه إلى صلاح الدين. وعند مداخل حلب من الشمال كان العديد من القرويين يتسوقون أو يعملون في حقولهم. لكن أمكن أيضا مشاهدة مقاتلين من الجيش السوري الحر في حين كانت طائرات هليكوبتر عسكرية تحلق فوق المنطقة. وقال رجل في الأربعينات من العمر كان ينقل أسرته على دراجة نارية انه هارب من القتال في حلب وانه في طريقه الى بلدة أعزاز القريبة من الحدود التركية. وقال لرويترز "إننا نعيش في منطقة حرب. أنا وأقاربي نتحرك هنا وهناك في محاولة للبقاء بعيدا عن القتال. غادرنا حلب عندما شاهدنا الدخان وطائرات الهليكوبتر تطلق النار." وفي الطريق الذي يقع الى الجنوب من الحدود التركية المؤدي الى حلب أقام جنود منشقون نقاط تفتيش تحمل لافتة كتب عليها ان نقطة التفتيش هذه تابعة للجيش السوري الحر. وينظر للمعركة للسيطرة على حلب التي يسكنها 2.5 مليون نسمة على انها اختبار حاسم لحكومة خصصت موارد عسكرية كبيرة للحفاظ على السيطرة على مركزي القوة الأساسيين وهما حلب ودمشق في مواجهة التمرد المتزايد. وفي حين لم يتمكن اي طرف من تحقيق نصر حاسم تراقب الدول المجاورة بقلق نتيجة الانتفاضة وسط مخاوف من امتداد الاضطرابات الطائفية إليها. ويعتقد خبراء عسكريون انه في الوقت الذي سيتغلب فيه جيش الأسد الأقوى على المعارضة في حلب والمدن الكبرى الأخرى فإنه يجازف بفقد السيطرة في الريف لوجود شك في ولاء قطاعات كبيرة من الجيش هناك. وقال المحلل أيهم كامل من اوراسيا جروب "قوات الأسد ستحقق على الأرجح انتصارا تكتيكيا سيمثل انتكاسة لقوات المعارضة وسيمكن النظام من اظهار تفوقه العسكري" غير انه اضاف ان المعارضة تزداد قوة بينما الجيش آخذ في الضعف. وقال المرصد السوري ان ثلاثة من مقاتلي المعارضة لاقوا حتفهم في اشتباكات بين منتصف الليل وفجر اليوم في حلب. وذكر ان هناك انباء عن مقتل 160 شخصا في سوريا يوم الجمعة مضيفا ان العدد الاجمالي للقتلى بلغ نحو 18 الفا منذ بدء الانتفاضة قبل أكثر من 16 شهرا. واظهر تسجيل مصور عرضه المرصد دخانا يتصاعد من بنايات سكنية في المدينة يوم السبت. وأمكن سماع دوي إطلاق نار متقطع بوضوح. وفي حين تتركز الأنظار على حلب وردت انباء عن وقوع قتال في بلدات في أنحاء سوريا مثل درعا مهد الانتفاضة وحمص التي سقط فيها العدد الأكبر للقتلى وحماة حيث قمع حافظ الأسد والد بشار تمردا ضد حكمه في الثمانينات راح ضحيته آلاف القتلى. وقال المرصد ان ما لا يقل عن عشرة أشخاص قتلوا اليوم عندما اقتحمت قوات الأمن معضمية الشام قرب دمشق. وقال رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان في وقت متأخر مساء يوم الجمعة ان على المؤسسات الدولية ان تتعاون معا للتصدي للهجوم العسكري على حلب ولتهديد الاسد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الأعداء الأجانب. وقال اردوغان في مؤتمر صحفي في لندن مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون "هناك حشد (عسكري) في حلب والتصريحات الأخيرة بخصوص استخدام أسلحة الدمار الشامل هي تصرفات لا يمكن ان نظل حيالها في موقف المراقب أو المتفرج." وأضاف قائلا "ينبغي اتخاذ خطوات في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ويجب أن نحاول معا التغلب على الوضع." وقال كاميرون إن بريطانياوتركيا تشعران بالقلق من أن تكون حكومة الأسد على وشك تنفيذ "بعض الأعمال المروعة في مدينة حلب وحولها." وقالت روسيا ان الدعم الدولي للمعارضة السورية سيقود "لمزيد من الدماء" وانه لا يمكن توقع ان تذعن الحكومة لمعارضيها طواعية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي استخدمت بلاده حق النقض ثلاث مرات ضد مشروعات قرارات في مجلس الامن تستهدف الضغط على الاسد انه ينبغي للدول الغربية والعربية ان تمارس مزيدا من الضغط على المعارضة لوقف القتال. وقالت روسيا انها لن تقبل بتفتيش سفن ترفع علمها وفق ما تقضي به عقوبات جديدة فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا بقيام الدول الأعضاء بالاتحاد بتفتيش السفن التي تشتبه في أنها تنقل أسلحة إلى سوريا. وحثت نافي بيلاي مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان كلا من قوات الحكومة والمعارضة السورية على حقن دماء المدنيين في حلب معربة عن بالغ قلقها من "احتمال حدوث مواجهة كبيرة وشيكة" في المدينة تذكر بالهجمات الدامية الاخرى. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون انه يشعر بقلق عميق بشأن تقارير عن استخدام محتمل للأسلحة الكيماوية في سوريا وطالب الحكومة السورية بالإعلان بشكل قاطع أنها لن تستخدم هذه الأسلحة "تحت أي ظرف". لكن البيت الابيض قال ان تقديم الرئيس السوري وعدا "ليس كافيا بالتأكيد" في ضوء الوعود التي قدمها الاسد لخطة سلام تدعمها الاممالمتحدة ولم يلتزم بها. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض ان "كلام الاسد ليس له قيمة بشكل كبير. "اي استخدام لهذه الأسلحة وأي إخفاق في حماية تلك المخزونات سيكون انتهاكا خطيرا جدا سيسفر عن محاسبة هؤلاء المسئولين عن ذلك." وبإعلانها الأسبوع الماضي انها لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبها لكنها قد تفعل ذلك في وجه اي تهديدات خارجية تسببت سوريا في قلق دولي كبير بشأن مخزوناتها من الأسلحة غير التقليدية. يأتي القتال العنيف بعد تفجير أسفر عن مقتل أربعة من كبار القادة المقربين من الأسد في دمشق يوم 18 يوليو تموز وهو الهجوم الذي دفع بعض المحللين إلى التكهن بأن زمام الأمور بدأ يفلت من يدي الحكومة. ومنذ ذلك الحين تشن قوات الأسد هجوما مضادا على المتمردين في دمشق بالإضافة الى قيامها بحشد القوات لهجوم متوقع على حلب.