اندلعت اشتباكات بين محتجين وقوات من الشرطة في القاهرة ومدينتين أخريين في مصر مما أسفر عن مقتل اثنين واصابة مئات في أكبر تحد أمني حتى الان أمام المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد قبل أيام من الانتخابات البرلمانية المقررة. وفي مشاهد تعيد للاذهان الانتفاضة التي استمرت 18 يوما والتي أطاحت بالرئيس حسني مبارك من منصبه بعد حكم دام 30 عاما في فبراير شباط ردد المئات من الشبان "الشعب يريد اسقاط النظام" في وسط القاهرة يوم السبت بينما انطلقوا في اتجاه قوات الامن المركزي وهي قوات مكافحة الشغب التي أطلقت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. وقال شهود ان الاشتباكات انحسرت فيما يبدو في وقت مبكر من يوم الاحد. وخلال اشتباكات يوم السبت كسر محتجون كتلا أسمنية من الارصفة ورشقوا الشرطة بالحجارة وفقدت قوات الامن المركزي السيطرة على ميدان التحرير مرتين يوم السبت. واندلع حريق منتصف الليل تقريبا عند مجمع التحرير الذي يضم عددا من المصالح الحكومية والمطل على ميدان التحرير. ومع اطلاق الشرطة كمية كبيرة من الغاز المسيل للدموع على المحتجين قرب ميدان التحرير وضع المتظاهرون القريبون أكثر الى ميدان التحرير ألواحا معدنية لسد الطرق المؤدية الى الميدان. وطلب حازم صلاح أبو اسماعيل المرشح المحتمل للرئاسة وهو اسلامي متشدد في وقت مبكر يوم الاحد من المتظاهرين ألا يخلوا الميدان وأن التحرير صاحب القرار. ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط عن متحدث باسم وزير الصحة قوله ان 676 شخصا أصيبوا في القاهرة وان المتظاهر أحمد محمود (23 عاما) لفظ أنفاسه في مستشفى. وقالت الوكالة أن شخصا اخر قتل في الاسكندرية. ومن المقرر أن تبدأ انتخابات مجلس الشعب يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني لكنها من الممكن أن تتعطل في حالة انتشار العنف. ويشوب الانتخابات خلاف بين الاحزاب السياسية والحكومة حول مبادئ دستورية من الممكن أن تطلق يد الجيش في السيطرة على الحكم. ونال الجيش تأييدا شعبيا خلال الاطاحة بمبارك لحفظه النظام وتعهده بتسليم السلطة الى حكومة منتخبة لكن التأييد انحسر بسبب لجوئه للمحاكمات العسكرية للمدنيين والارتياب في أنه يريد الاستمرار في السيطرة على البلاد بعد أن تؤدي حكومة جديدة اليمين. وقال مسؤول أمني يوم ان الشرطة استخدمت اساليب مشروعة في التعامل مع "مثيري الشغب". وقال محتجون ان الاساليب الوحشية للشرطة في فض اعتصام سلمي هي ما أثار غضبهم. ولم يظهر الجيش في الصورة خلال هذه الاشتباكات. وتجمع نحو خمسة الاف محتج في التحرير عصر يوم السبت عندما حاولت الشرطة فض ما تبقى من مظاهرة شارك فيها نحو 50 ألف شخص في اليوم السابق أغلبهم كانوا اسلاميين يطالبون برحيل المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد منذ اسقاط مبارك. وقال شهود ان النار أضرمت في مبان وفي سيارتين بالميدان. كما أحرقت سيارة ثالثة بالقرب من مقر جامعة الدول العربية. وضربت الشرطة المحتجين وأغلبهم لم يكونوا من الاسلاميين بالهراوات وأطلق الغاز المسيل للدموع لاستعادة السيطرة على التحرير وتراجعت بعد حلول الليل. واندلعت احتجاجات في مدن أخرى. وتجمع نحو 800 شخص أمام مديرية الامن في الاسكندرية وهتفوا قائلين "الداخلية بلطجية". وسمع شاهد النيران وهي تتردد أصداؤها في المنطقة. ولم يتضح ما اذا كانت الطلقات ذخيرة حية. ونقل شخص كانت الدماء تغطيه الى مستشفى على دراجة نارية. وتجمع نحو ألف أمام مركز للشرطة في مدينة السويس بشرق البلاد وألقوا حجارة عليه وحاولوا اقتحامه. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وأعيرة في الهواء. ومزق محتجون في السويس لافتات لاعضاء سابقين في الحزب الوطني المنحل الذي كان يحكم البلاد خلال عهد مبارك والذين يخوضون الانتخابات المقبلة. ويقول محللون ان الاسلاميين من الممكن أن يحصلوا على 40 في المئة من مقاعد البرلمان مع حصول الاخوان المسلمين على النصيب الاكبر من هذه الاصوات. وندد المتظاهرون بالمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة وانتقد البعض جماعة الاخوان المسلمين التي اتهموها بالعمل لتحقيق ماربها السياسية. وقال مدحت فوزي وهو أحد المتظاهرين "لسنا أحزابا سياسية ونحن نكره الاخوان المسلمين. الذين تخلوا عن الثورة وعن الشعب... نحن شبان مصريون" ورفع يده مشيرا بعلامة النصر. وقال التلفزيون الحكومي ان رئيس الوزراء عصام شرف دعا المحتجين في التحرير الى اخلاء الميدان. وأضاف التلفزيون أن 40 من الجرحى من أفراد الشرطة وان 18 من "مثيري الشغب" ألقي القبض عليهم. وقالت حركة 6 ابريل ان وزير الداخلية لابد أن يستقيل لانه أصدر أوامر باستخدام القوة ضد الاحتجاج السلمي. وكانت مظاهرات يوم الجمعة هي أكبر تحد فيما يبدو يمثله الاسلاميون للحكم العسكري منذ قيام الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس. وتألف أغلب المتظاهرين من أعضاء جماعة الاخوان ومن السلفيين. وأبدى المحتجون غضبهم من وثيقة عرضها علي السلمي نائب رئيس الوزراء على مجموعات سياسية في وقت سابق من الشهر الجاري تيح للمجلس الاعلى حصانة من رقابة البرلمان على ميزانية الجيش.