أعرف أن هوس وجنون الدوري الأسباني غزا كل العقول في المعمورة ووصل حد يفوق تصور العقل.. وأعرف كذلك أن عشق الكلاسيكو الأسباني في قلوب الشباب في جميع أنحاء العالم بلغ درجات عالية من الهيام، وأحتل نجومه ميسي وشافي وأنيستا وفيا ورونالدو وبن زيمه وراموس وغيرهم مكانة بارزة جدا لدى كل شاب مشجع للناديين الأكبر والأشهر والأفضل على مستوى العالم قاطبة. فمكانة وشهرة وشعبية النادي الكاتلوني (برشلونة) والنادي الملكي (ريال مدريد) ونجومهما الكبار أمر لا جدال ولا اختلاف عليه، وعشق جماهير كرة القدم لهما يتجلى في شعبيتهما وحجم جماهيرهما في كل العالم دون استثناء وفي كثرة المتابعين لكافة مبارياتهما في الدوري المحلي وفي البطولات الأوربية والعالمية وحتى في المباريات الودية التي يخوضاها قطبي الليغا الأسباني في أية بقعة من العالم. وفي هذا السياق لعلكم تابعتم وشاهدتم الكثير من الأمور النادرة والطريفة وربما التقليعات العجيبة الغريبة التي يقوم بها مشجعوا البرشا والريال بين الحين والآخر في مدرجات الملاعب أو في شوارع المدن في أماكن عدة من العالم التي تأت كتأكيد لحب هؤلاء وعشقهم الجنوني لفريقيهم ونجومهم المحبوبين. هذا ما أعرفه ويعرفه الكثيرون غيري بالطبع، ولكن ما لا أعرفه بحق هو وصول حب وعشق البرشا والريال إلى حد استغربته واندهشت له فعلا إلى قريتي الساحلية الصغيرة، فقريتي الصغيرة هذه هي (عرقه) الواقعة على شط بحر العرب بمديرية رضوم محافظة شبوة لا يتجاوز عدد سكانها ال(4000) نسمة يعمل (50%) منهم معظمهم من الشباب في صيد الأسماك (صيادين) يحبون الرياضة ويمارسونها بانتظام عبر أربع فرق شعبية ويشجعون فرق الدوري اليمني كالتلال ووحدة عدن وحسان.. وعربيا الهلال والاتحاد والنصر والأهلي السعودي.. وعالميا يشجعون ميلان والإنتر ومانشستر يونايتد والآرسنال، ولكنهم جميعا ينقسمون نصفين في تشجيع برشلونة وريال مدريد إلى درجة التعصب، ويعشقون نجوم الديربي الأسباني إلى حد الجنون، وفي سياق عشق شباب قريتي ألا معقول للبرشا والريال ابتكروا طريقة جديدة للتعبير عن الحب الكامن في داخلهم. الطريقة التشجيعية الجديدة التي أبتكرها هؤلاء الشباب تتمثل في شراء قوارب صيد جديدة بمواصفات خاصة وضعوها بأنفسهم اشترطوا على فنيي مصنع قوارب الفيبر جلاس في محافظة حضرموت تصميم تلك القوارب وفقا لها، وهي صبغها بألوان فانلة أنديتهم المفضلة وطبع شعارها في مقدمة القارب من الجهتين. الحكاية بدأت عندما قام صياد من عشاق برشلونة وبطريقة سرية جدا جدا بشراء قارب صيد تقليدي (فيبر جلاس) وضع مواصفاته مسبقا، وهي صبغه باللونين الأحمر والأزرق وطباعة شعار النادي في مقدمته من كلا الجهتين بتكلفة مالية بلغت (450000) ريال، وأنتهج وفضل السرية أثناء مراحل تصنيع القارب لا لشيء إلا لإغاظة منافسيه من عشاق الريال، ومفاجأتهم.. وفعلا عند مجيئه بقاربه البرشلوني إلى القرية أحدث مفاجأة وصدمة كبيرة أصاب بها الرياليون، وبالمقابل نشر السعادة والنشوة في قلوب مشجعي برشلونة الذين وجدوها فرصة كبيرة لإغاظة منافسيهم.. الشيء الذي دفع عشاق الريال لاتخاذ خطوات مماثلة، وهكذا استمر سجال عشاق الكلاسيكو الأسباني في شراء القوارب المصبوغة بألوان الفريقين الأحمر والأزرق والأبيض ليصل عددها اليوم إلى نحو عشرين قاربا بقيمة أجمالية تصل لنحو عشرة مليون ريال (مضاف إلى سعر شرائها تكاليف النقل)!!. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل دخل عشاق الناديين الأكبر والأشهر عالميا في منافسة يومية وخوض كلاسيكو بحري بشكل يكاد يومي في أعماق البحر حول من سيخرج إلى الشاطئ وهو محمل بكمية أكبر من الأسماك، وبالتالي تحقيق الفوز على خصمه اللدود. فعلا إنه العشق والهوس الكروي.. وحقا إن الجنون فنون.