يحرص السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" في كل مناسبة رياضية يتحدث فيها على مناشدة المشجعين واللاعبين والحكام التزام قواعد اللعب النظيف التي يتضمنها شعار الفيفا وإرساء قواعد الروح الرياضية، وقد يكون أبرز مشهد يتجلى فيها ذلك المراسم الاعتيادية بمصافحة اللاعبين بعضهما البعض قبل وبعد نهاية المباريات كتعبير عن احترام المنافس وتقديره بما لا يتعارض مطلقًا مع الدفاع عن ألوان الفريق بكل قوة على البساط الأخضر. لكن السنوات الأخيرة طفت على الساحة في كثير من الملاعب صورة تتنافى مع كل ما تعنيه الرياضة وتدفع باللعبة في اتجاه يُخالق شعارها حيث تخلي بعض اللاعبين عن مراسم المصافحة في تجسيد لتصرفات طفولية يستحق مرتكبها تقريع شديد لو كان إبن العشر سنين، فكيف بنجوم هم قدوة ونموذج يُحتذي لقطاع كبير من المراهقين والشباب عندما يتجاهلون مصافحة لاعب في الفريق المنافس أيًا كانت الأسباب الشخصية التي تدفع لمثل هذا التصرف، وليس مقبولًا أن يكون الدفاع بأن الأمر يخص اللاعبين المتخاصمين في المقام الأول فالموضع يتعدى حدود حريتهما الشخصية خاصةً عندما يلعبان لفريقين جماهيريين فسلوكهما السلبي من المؤكد سيكون له مردوده السيئ في نفوس العديد من النشء من عشاق الفريقين. واللافت للنظر أن الدوري الإنجليزي هو الأكثر شهرة في هذا النوع من الحوادث والتي يعود سببها الأول للعنصرية المتفشية في انجلترا، فالجميع يتذكر ما تسببت فيه حادثة تيري وانطون فرديناند من ضجة دفعت الاتحاد الإنجليزي لإصدار قرار يُلغي المصافحة قبل مباريات الموسم المنصرم في كأس الاتحاد ولكنهم أُجبروا في النهاية على التراجع عن ذلك بعدما تعرضوا لانتقادات لاذعة من النقاد وفي النهاية حدث ما كان متوقع وتجاهل انطون مصافحة تيري. فكرة الاتحاد الإنجليزي بالغاء المصافحة لم يتوقف رفضها على النقاد الرياضيين في المملكة المتحدة بل عبر الرفض الحدود حيث أعلن الاتحاد الإسباني بأنهم مصرون على التزام كافة الأندية الإسبانية بضرورة مصافحة اللاعبين لبعضهم البعض قبل بدء ونهاية المباراة في البطولات المختلفة التي يشرف على تنظيمها، وأضاف الاتحاد الإسباني أنه مهما بلغت شدة حساسية المباراة فيتعين على كافة اللاعبين التصافح وتبادل التحيات والقمصان قبل أن يتوجهوا إلى غرف خلع الملابس عقب انتهاء كل مباراة. والاتحاد الإسباني لم يكن صاحب السبق في هذا الموضوع فقد سبقه الاتحاد الإيطالي حين عمم سابقا على كافة لاعبي الأندية المختلفة بالتجمع في نهاية جميع المباريات ومصافحة بعضهم البعض. ونعرج على الملاعب العربية وتحديدًا في المملكة العربية السعودية لم تشهد سوى حالتين فقط حتى الآن كلاهما أحد الطرفين هو قائد النصر حسين عبد الغني، والمشهد الأحدث كان بطله الثاني مع عبد الغني حارس فريق الفيصلي تيسير آل نتيف حيث رفض قائد العالمي مصافحة آل نتيف وذلك قبل انطلاق اللقاء بين الفريقين في دوري زين الدوري السعودي الممتاز في الجولة الثالثة عشر بالدور الأول لموسم 2012/201 والذي جرت أحداثه الخميس الموافق 22 نوفمبر من العام الجاري (لمشاهدة فيديو رفض عبد الغني مصافحة آل نتيف اضغط هنا)، والسبب يعود بنا إلى الموسم الماضي والذي شهد وقوع مشاحنات بين الثنائي فاتهم عبد الغني آل نتيف ب "التلسن" عليه خلال مباراة بالدوري ثم اعتدى عليه بركلة كوع تم إيقافه بسببها من قبل لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي. ورفض عبد الغني التعليق على رفضه مصافحة آل نتيف عقب اللقاء قائلًا لوسائل إعلام محلية: "هذا أمر صغير ولا يستحق التعليق عليه"، في المقابل قال آل نتيف: "لا يوجد سبب لعدم المصافحة فاللاعب ليس بفريقي وأتمنى أن لا يأخذ أحد موقفًا شخصيًا مني". أما الحادثة الأولى فكانت بتاريخ 25 أبريل 20111 ويومها رفض عبد الغني مصافحة لاعب الهلال المحترف الروماني رادوي في المباراة التي جمعت فريقي العاصمة لحساب الجولة 23 من دوري زين السعودي (لمشاهدة فيديو رفض عبد الغني مصافحة رادوي اضغط هنا)، وذلك على خلفية تراشق بينهما عقب مباراة الفريقين ضمن منافسات الدور نصف النهائي ببطولة كأس ولى العهد في مارس من ذات العام لدرجة أن الأمر وصل للمحاكم. وكاد يكون هناك حادثة سعودية ثالثة ولكن ديربي جدة الذي جرت أحداثه أمس الجمعة 30 نوفمبر 2012 بين الراقي الأهلاوي والعميد الاتحاداوي – والمؤجلة من الأسبوع السادس بدوري زين السعودي على ملعب مدينة الملك عبد العزيز الرياضية وانتهت بفوز للأهلي ثلاثة أهداف لهدف – جاءت فيه الصورة مغايرة تمامًا للصبيانية التي تخترق قواعد الروح الرياضية فعلى عكس ما تناقلته المواقع والمغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر عن تجاهل مدافع الأهلي منصور الحربي اليد الممدودة من نظيره بالاتحاد إبراهيم هزازي وفقًا لصورة غير واضحة للبث التلفزيوني (لمشاهدة الفيديو الذي استشهد به المغردين على عدم تصافح الحربي وهزازي اضغط هنا)وتم تناقلها كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكانت لقطة اليوم. ولكن اللاعبان هزازي الحربي تساميا على خلافها الذي يمكن وصفه رغم التجاوز غير المقبول ب "نرفزة ملعب" وتحليا بأخلاق الرياضيين عندما تصافح كما أظهرت الإعادة التليفزيونية وكشفت الصور المأخوذة بعدسات المصورين. اللافت للنظر أن مشهد عدم المصافحة هو الأمر الذي راهن الكثير على حدوثه قبل اللقاء وذهب البعض للمطالبة بوضع كاميرا خاصة قريبة أثناء مراسم المصافحة للحصول على لقطة واضحة للمشهد !! وذلك على خلفية الخلاف السابق بين اللاعبين الحربي وهزازي الذي شهدته مباراة الإياب في دوري أبطال آسيا حيث اشتبكا بعد نهاية اللقاء في موقف خارج عن الروح الرياضية ولولا تدخل عقلاء الفريقين من إداريين وأجهزة فنية وطبية بالإضافة لرجال الأمن يومها لتهدئة الوضع وفك الاشتباك لتطورت الأمور لما لا تحمد عقباه لولا تدخل رجال الأمن ومنسوبي الفريقين. وهنا يجدر الإشارة إلى أن المتعصبين واللذين بدأوا المعركة قبل المباراة تناسوا أن إبراهيم هزازي لاعب الاتحاد سبق وتقدم باعتذاره للحربي ولجميع الجماهير على الأحداث التي أعقبت لقاء الديربي القاري مع الأهلي، وقال هزازي في حوار مع قناة العربية: "لم أكن أود أن أكون في مثل هذا الموقف، ولكن الضغوط التي كانت علينا كلاعبين بجانب تصرفات جماهير الأهلي الاستفزازية والتي تمثلت في الشتم ورمي القوارير، بالإضافة لمخاشنة منصور الحربي في إحدى الكرات المشتركة، هذه كلها أمور تسببت فيما حصل، ولكن أنا أقدم اعتذاري للاعب منصور ولجميع الجماهير التي تابعت هذه الأحداث". ونرصد الآن بعض من أبرز الحوادث التي تجاهل لاعب اليد الممدودة من فريق الخصم: واقعة رفض واين بريدج مصافحة زميله السابق جون تيرى وذلك قبل انطلاق مباراة مانشستر سيتى مع تشيلسى فى الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2010-2011 عندما كان لاعبو مانشستر سيتي يسيرون كما جرت العادة في كل ملاعب العالم وراء بعضهم البعض لمصافحة لاعبي تشيلسي قبيل انطلاق المباراة، سبب هذا الموقف الفضيحة التي شغلت الإعلام لفترة طويلة بعدما أقام تيرى علاقة مع فانيسا بيرونسيل صديقة بريدج السابقة. واقعة مزدوجة تجاهل أنطون فرديناند لاعب كوينز بارك رينجرز الإنجليزى مصافحة جون تيرى مدافع تشيلسي، قبل انطلاق المباراة التى جمعت بين الفريقين في منافسات الدورى الإنجليزى الممتاز "البريميرليج" ، وذلك على خلفية قياك تيرى بتوجيه إهانات عنصرية لفرديناند خلال المباراة التى جمعت بين الفريقين في "البريميرليج". كما تجاهل فرديناند مصافحة أشلي كول مدافع تشيلسي بسبب الشهادة التي أدلى بها الأخير لصالح تيري وقضت بموجبها المحكمة تبرئة زميله في القضية التي تتعلق بتوجيه اساءة عنصرية لفرديناند الموسم الماضي. واقعة مزدوجة أخرى حيث رفض المهاجم الأورجوياني لويس سواريز في صفوف ليفربول الإنجليزي مصافحة لاعب مانشستر يونايتد الفرنسي باتريس إيفرا، وكرد فعل على هذا التصرف رفض المدافع ريو فرديناند زميل إيفرا مصافحة سواريز. وكانت لجنة الانضباط التابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قعد أوقفت لويس سواريز لثمانية مباريات بعد إدانته بالعنصرية على خلفية مشادة بينه وبين ايفرا خلال لقاء الفريقين في "البريميرليج". واقعة رفض متوسط ميدان مان سيتي سمير نصري عندما كان يُدافع عن ألوان المدفعجية مصافحة مواطنه ومدافع توتنهام هوتسبير ويليام جالاس قبل لقاء الفريقين (لمشاهدة فيديو الواقعة اضغط هنا)، وهو الأمر الذي توقعته صحيفة "ذي صن" الانجليزية وبررت ذلك بأن نصري لا يزال حاقدا على جالاس عندما قام الأخير بتأنيبه والصراخ بوجهه لجلوسه على الكرسي المخصص للمهاجم تييري هنري في الحافلة التي كانت تُقل منتخب فرنسا خلال كأس أوروبا 2008. واقعة رفض المدافع جاري نيفيل في عام 2002 مصافحة حارس اليونايتيد السابق بيتر شمايكل، ويعود موقف نيفيل بسبب انتقال شمايكل للعب في صفوف مانشستر سيتي . واقعة رفض الظهير الأيسر لريال مدريد البرازيلي مارسيلو جونيور مصافحة مدافع برشلونة جيرارد بيكيه بعد انتهاء مباراة الكلاسيكو الموسم الماضي والتي جمعتهما ضمن الجولة السادسة عشر من الدوري الإسباني، فعند إعلان الحكم عن صافرة النهاية و قبل اتجاه اللاعبين إلى غرف خلع الملابس توجّه بيكيه لمصافحة مارسيلو ليفاجأ برفض البرازيلي ذلك وإدارته ظهره له ليسحب بيكيه يده وينسحب من أرضية الملعب في اتجاه غرف خلع الملابس