لا تستغلوا طفرات الهواة .. فهناك اولويات ومعايير : لا يعرف الشاب العشريني سائق السيارة الاجرة التي اقلتني ليلة الاصدار الماضي ل(الرياضة) من مقر الصحيفة الى الحي الذي اسكن فيه بصنعاء عن ابطالنا الرياضيين الا فقط بطل العالم الاسبق الملاكم البريطاني الجنسية نسيم حميد فلم يتحدث معي مثلاً عن فريق اليرموك البطل الجديد لدورينا الكروي كما لم يتطرق نهائياً لحظوظ منتخبنا الصغير الذي حاول دون جدوى ضمان التأهل القاري امام اوزباكستان ليفشل في ان يعيد الى الاذهان ما كان حققه نجوم منتخب الامل مع الكابتن عبده الادريسي وزملائه الناشئين قبل نحو عقد من السنوات . لكنه بمجرد تعرفه على منصبي كرئيس لتحرير ابرز الصحف الرياضية في بلادنا , بادر بكل عفوية غير مستغربة الى الاستفسار عن سبب اختفاء البرنس نسيم حميد ولم احتاج لكثير من الوقت لا فهامه ان ابطال الملاكمة العالميين حتى وان كان احدهم من اصول يمنية لايستمرون على قمة المجد الرياضي الا عدة سنوات لاتزيد تقريباً عن الثمان السنوات قبل التوقف عن مزوالة اللعبة ليأتي بطل عالم جديد واصغر سناً واكثر قوة وعنفوان لانها بعد مشيئة الخالق عزوجل تأتي تبدلات وتطورات مرتبطة بمراحل صناعة ابطال الرياضة في العالم . كتب علي الحملي ولن احاول التوسع في تفسير حالة الانشداد الملحوظ على قطاع واسع من شبابنا برياضة الملاكمة والمصارعة العالمية من حيث المتابعة التلفزيونية وليس الممارسة , لكن الثروة المالية العريضة التي يجمعها اولئك الابطال العالميين بمن فيهم ابن صاحب رداع المهاجر اليمني الى المملكة التي كانت لاتغيب عنها الشمس هي من ضمن مبررات الاهتمام الشبابي بتلك اللعبة وبذلك البطل حتى وان خرج عن اطوار مراحل صناعة البطل بعد الاعتزال باقتراف حوادث سير والدخول الى السجن او عدم الاحتفاظ بالحال المثالي من البنية الجسدية الرياضية . ورغم ان استقرار بلادنا وتوجهها للمستقبل المنشود بنجاح مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته من اجل ضمان التطور في مختلف المجالات بما فيها المجال الشبابي والرياضي هو ما كان المشترك الوحيد في مضمون الدردشة السريعة مع سائق التاكس الذي لايعلم شيئاً عن النجم الراحل علي محسن المريسي الذي اطلق اسمه على اشهر ملاعبنا الكروية والمؤكد انه كان سيفشل في الاجابة عن سؤال افتراضي من قبلي عن هوية البطل اليمني الذي تمكن من بلوغ منافسات دورة الالعاب الاولمبية بالتأهل وليس عبر دعوة خاصة من قبل اللجنة المنظمة ؟ّ فالشاب الذي اضطرته مصاعب الحصول على لقمة العيش له ولاسرته الى العمل كسائق اجرة ربما لم يسمع ببطل اليمن والعرب في لعبة الجودو علي خصروف او غيره من الابطال الرياضيين في العاب اخرى ولم ابادر انا من جهتي لاعلامه بان بعضهم قد اوصلته حالة التوهان الوزاري وبمعظم الاطر المعنية عن تلمس طرق صناعة الابطال الرياضيين الى الانضمام الى قائمة سائقي السيارات الاجرة او الدراجات النارية ومن غير المستبعد ان هاجس الهجرة او نيل جنسية دولة اخرى يظل احتمالاً غير مستبعد يراودهم جميعاَ (رياضيين وغير رياضيين) . مواهب وعقليات هواة وبعد مرور 51 عاما اثر اندلاع الثورة ضد الامامة والاستعمار , امكن التيقن من استحالة السير صوب الصناعة الاحترافية للبطل الرياضي في اليمن رغم اننا نملك من المواهب والخامات الرياضية المتفردة الكثير .. والنادر جداً والذي شجع اساتذة في الاعلام الرياضي اليمني كمطهر الاشموري الى وصف محافظة عدن بميونخ اليمن وقبله كان وصف الاستاذ حسين العواضي مدينة اب بنابولي اليمن .. ذلك لان واقع الرياضة واعداد ممارسيها وهواتها في تلك المحافظتين يظهر بوضوح مبرر المحفز للوصف ولمقارنتها بمدن اوروبية رياضية شهيرة جداً . فمن حواري وملاعب عدنالترابية خلال منتصف القرن العشرين الماضي كان مر الاسطورة علي محسن المريسي لاعب نادي الميناء واحد اعظم المحترفيين العرب في خط هجوم نادي الزمالك المصري والمهاجم الاعسر الوحيد الذي تمنى الفراعنة تجنسيه لإشراكه في صفوف منتخبهم الكروي , ويبدو الحال غير مختلف جدا مع المحترفين حالياً في الدوري العماني من نادي شعب اب المهاجم ايمن الهاجري وناطق حزام وثالثهم نجم اهلي صنعاء وحيد الخياط .. غير ان الاول والحاليين سطعوا عبر ايجابيات الهواية كواقع لم يحين له التعايش مع الاحترافية .. كما يجدر بي الاعتراف مهما كان قاسياً بان مايمكن وصفه مجازا بالاحتراف الخارجي للنجوم علي النونو وشرف محفوظ وخالد عفارة وسالم سعيد وعلاء الصاصي واحمد الصادق وغيرهم ما هي الاجهود تقف وراءها عقليات الهواة في الاندية وكذلك في الاتحاد المعني سواء من حيث النجاح النادر او الفشل المزمن والتي لاتختلف كثيراً عن عقليات من وقفوا وراء نجاح منتخب المصارعة الاخير في بطولة غرب اسيا للناشئين او من تسببوا في افشال منتخب الناشئين لكرة القدم عن تجاوز التصفيات التمهيدية وبالتالي عدم بلوغ النهائيات القارية المقبلة . تلاشي نجوم الامل وبمقارنة بسيطة جداً وغير مبالغ فيها يمكن التمعن حالياً في واقع حال ما وصل اليه هداف مونديال فلندا للناشئين عام 2003م برصيد خمسة اهداف الاسباني سيسك فابريجاس نجم برشلونة وعدد من زملائه في ريال مدريد كونهم قبل الوصول لصفوف منتخبهم الوطني الاولى وتحقيقهم النجومية والثراء الباذخ مع ابرز الاندية الاوروبية كانوا ضمن صفوف المنتخبات المتنافسة في مونديال الناشئين بمن فيها منتخبنا الامل الذي تلاشى نجومه بعدما ابدعوا وابهروا في خطوطه الثلاث فلم يستمروا في ذات التألق بمرور السنوات بسبب غياب الصناع المحترفين لدينا . ولهذا فمن المفترض ان يكون الادريسي ومعظم لاعبي الامل في ذروة النجومية حالياً , غير ان ما حدث لهم لا يختلف كثيراً عما يحيط بعلي خصروف بطل الجودو الاوحد الذي تأهل للاولمبياد ولكنه مصاب بسبب سقوط (بلكة) على الرجل بعدما كان استهجن بقاء مشروع البطل الاولمبي في ميزة منح العشرة الاف ريال اما بطل التايكواندو تميم القباطي اول من حقق فوز اولمبي لبلادنا فربما لازال يفضل البقاء في عاصمة الضبابلندن لاستغلال فترة التأشيرة من اجل التعمق في اللغة الانجليزية وليس لمحاولة الهروب على طريقة بعض نجومنا في العاب القوى !! ورغم كل تلك العشوائية في التعامل مع متطلبات صناعة ابطالنا فتصريحات القيادات الرياضية لا تغفل دائماً تحين فرص الحديث بشأن (الخطة) الهزلية التي لن تنفذ ضمن ما يسمى زيفاً مشروع البطل الاولمبي والذي (سيتضمن اختيار العديد من الرياضيين المتميزين لاعدادهم للمشاركة في الاولمبياد القادم كالمقررة في ريو دي جانيرو عام 2016 م وليس ذلك وحسب بل الزعم بانه تم تكليف لجنة مختصة من الخبراء لاعداد المشروع واختيار اللاعبين المؤهلين للمشاركة حيث ستشمل المرحلة الاولى الالعاب الفردية مع عدم استبعاد اشراك ابطال منتخبات جماعية) . فشل مزمن وبشارات وبعد عدة عقود على تشكيل حكومات وتعيين وزراء لوزارة الشباب والرياضة فأن العشوائية هي المسيطرة على مشروع صناعة البطل الرياضي الاولمبي وان حاول الاغلب من المسؤوليين المعنيين او حتى الدخلاء وما اكثرهم في العقود الاخيرة سواء في الوزارة المعنية او حتى في الاولمبية الوطنية الموصفة ديكورياً (اتحاد الاتحادات الرياضية) تغطية ذلك الفشل المزمن بين فترات الشحة او في وجود الدعم المالي بمحاولة استغلال بعض النجاحات الخارجية لبعض المنتخبات الوطنية وبالتحديد في العاب فردية (قتالية) وفي منافسات فئة الناشئين . غير ان الاستغلال الوقتي بطفرات حصد ميداليات ملونة خارجياً والمسارعة الى احتفالات تكريمية فقط من قبل اغلب القيادات الرياضية المعنية التي تختزل في الانسياق لذلك التكريم ماهية معايير التعامل مع صناعة الابطال باحترافية من اجل البدء لانتهاج استراتيجية تصنيع تحل محل العشوائية التي لايمكن ان تختفي وتتبدد .. كل ذلك يعزز من الافتقاد لأبسط اولويات العمل الرياضي الاحترافي مع استمرار بعض الوجاهات والتجار الجدد في تتبع الاضواء وربما الاثراء بترأسهم لمجالس الاندية الاهلية والاتحادات الرياضية وعبر الصناديق بكل اسف . حتى وان بدت بعض البشارات في مسألة صناعة البطل الرياضي ولعل اهمها البدء في اعتماد رواتب شهرية لعدد من لاعبي المنتخبات الوطنية في 7 العاب فردية , فهي مجرد خطوة من ضمن سلسلة رغم انه لايتوائم معها بالاضافة للاحوال الامنية غير المستقرة لدينا , تهافت غير مدروس على خوض عدد من المشاركات الخارجية غير المجدية باستثناء طفرات لفئة البراعم والناشئين لايلغي المطالبة بالتوقف عن عشوائية خوضها مع تجديد التأكيد على امتلاكنا لمواهب رياضية تفتقد لاحترافية الصقل بعد نصف قرن على ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين .