يعتبر الجناح الدولي الاسباني خوان ماتا لاعبا من الطراز العالمي وهو أيضا من أهم لاعبي فريق تشيلسي الانجليزي لكرة القدم في العامين الأخيرين، خصوصا وأنه فاز الصيف الماضي بجائزة أفضل لاعب في تشيلسي للعام الثاني على التوالي، ولكنه يكاد لا يحتفظ بهدوئه هذه الأيام بعدما اعتاد المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو على تبديله سريعا في المباريات، أو حتى إجلاسه على مقاعد البدلاء. ويبدو الأمر للوهلة الأولى ظالما من ناحية مورينيو المعروف بتقديره للاعبين المجتهدين أمثال ماتا الذي فقد أعصابه للمرة الأولى في مسيرته الأربعاء الماضي عندما أخرجه مورينيو في الشوط الثاني من المباراة أمام ساوثامبتون، وأدخل مكانه البرازيلي أوسكار. لكن أرقام وإحصائيات نشرتها صحيفة "ذا دايلي مايل" أثبتت أن مورينيو المعروف بتمسكه بآرائه مهما تعرض للضغوطات، محق في ما يخص عدم الاعتماد كثيرا على لاعب فالنسيا السابق. ووجد مورينيو ضالته في المثلث الهجومي الذي يقف وراء رأس الحربة الوحيد، واستقر اعتماده على البلجيكي ادين هازارد الذي يمر بأفضل فترات مسيرته، والبرازيلي أوسكار الذي يقدم لمحات فنية راقية جعلت منه واحدا من أفضل صانعي اللعب في العالم، إضافة إلى مواطن الأخير ويليان الذي يحاول جاهدا إثبات نفسه في تشكيلة ال"بلوز" قبل أشهر قليلة على انطلاق نهائيات كأس العالم 2014. هذه الخطة أفقدت ماتا أهميته لدى تشيلسي في وقت يحتاج فيه للعب بصورة أساسية مع اشتداد المنافسة على مقاعد التشكيلة النهائية للمنتخب الاسباني المشارك في مونديال البرازيل، وبعد ردة فعل ماتا الغاضبة بعد تبديله أمام ساوثامبتون، قال مورينيو أنه لن يقف في وجه لاعبه في حال أراد الرحيل في فترة الانتقالات الشتوية، لكنه عاد وأكد أن لا ينوي بيعه ويرغب في بقائه. مورينيو الذي أحدث ضجة كبيرة عندما قرر استبعاد الحارس القدير إيكر كاسياس من تشكيلة ريال مدريد الأساسية لأسباب أوضح أنها فنية بحتة، ليس بالمدرب الذي يتخذ قرارات أحادية غير مدروسة، وفي هذا الشأن بالذات فإن لغة الأرقام تقف إلى جانبه. الإحصائيات التي نشرتها "ذا دايلي ميل" تشير إلى أن مورينيو يعتمد على اللاعبين الذين يخدمون أسلوب الفريق فنيا، ويجب على لاعبي الجناح ولاعب الوسط المتقدم أن يخففوا الحمل الملقى على عاتق لاعبي الارتكاز فرانك لامبارد وراميريز أو جون أوبي ميكيل، من خلال العودة إلى الوراء ومحاولة استخلاص الكرة، وفي هذه الناحية يتفوق أوسكار وبفارق شاسع على أقرانه في الدوري الإنكليزي حتى هذه اللحظة، حيث قطع الكرة 49 مرة مقابل 19 للألماني أندري شورله الذي حل في المركز الثاني متفوقا على ويليان (17 مرة)، أما ماتا فاستخلص الكرة 15 مرة، وهو نفس رقم هازارد الذي يعاني في هذا الجانب، لكن مقارنة بسيطة تشير إلى أن ماتا لعب 834 دقيقة حتى الآن مقابل 643 لشورله و624 لويليان، وهو ما يدعم الرأي الفني الخاص بمورينيو. وإذا كان ماتا متساويا مع هازارد من ناحية عدد مرات استخلاص الكرة، فإنه اللاعب الوحيد من بين خمسة لاعبين يشكلون الثلاثي المتواجد وراء رأس الحربة، الذي لم يسجل أهدافا في الدوري حتى الآن، فقد أحرز هازارد 8 أهداف، مقابل 6 لأوسكار و3 لشورله وهدفين اثنين لويليان. كما أن هازارد يتفوق على ماتا من ناحية صناعة الفرص أمام المرمى، حيث صنع لاعب ليل السابق 50 فرصة مقابل 30 لماتا الذي تقدم على أوسكار (23 فرصة). أسلوب مورينيو يعتمد على التوازن ما بين الدور الهجومي وتخفيف العبء على الخطوط الخلفية، وهو الأمر الذي فشل ماتا في توفيره للفريق حتى الآن، رغم أن جزء من اللوم يقع على إحباط اللاعب الاسباني الذي يجاهد للحصول على ثقة مدربه.