عدن- أنيس البارق- لم يعد التلفزيون في مدينة عدن، كبرى مدن جنوباليمن، المنبر الوحيد لاجتذاب مشاهدين منتظمين لمنتجات الإعلام المرئي، فما يوفره منتدى الفيديو الشهير "يوتيوب" من امتيازات، استطاع أن يكسر للمشاهد، رتابة وسطوة الإعلام القديم. انطلقت في عدن منذ عام، مجموعة من البرامج "اليوتيوبية"، التي تبث حلقات مسلسلة على قنوات خاصة في منتدى "يوتيوب" العالمي، وعبر مواسم متتالية، تتخللها مشاهد تمثيلية، صنعت نجوماً غير تقليديين، يطلق عليهم اسم "اليوتيوبرز"، معظمهم في العقد الثالث من العمر. ورغم الصعوبات الكثيرة، ومنها السرعات المتدنية لخدمة الإنترنت، وعدم بث الحلقات في مواعيد ثابتة، إلا أن هذه البرامج اجتذبت عشرات آلاف الزوار، معظمهم من جيلي الثمانينات والتسعينات، أو المهتمين بمجال الإعلام الجديد. بلغ عدد البرامج اليوتيوبية في مدينة "عدن"، خلال عام، ستة برامج، بعضها توقف لغياب التمويل الكافي. ويتصدر هذه البرامج "صناعة عدنية"، وهو أقدمها وأكثرها إنتاجاً. يتابعه 8,503 مشترك، بأكثر من 389,411 ألف زيارة، و14 حلقة في موسمين. يليه "ما يقعش"، الذي حظيت حلقاته السبع في الموسمين الأول والثاني، بأكثر من 191 ألف زيارة. يليه "تتهابل"، الذي تعرضت قناته السابقة للحذف، بعد أن حقق أكثر من 40 ألف زيارة في أسبوع واحد، وفقاً للقائمين على البرنامج. نافذة حرة لجأ القائمون على هذه البرامج إلى هذا الأسلوب، للتنفيس عن آرائهم حول قضايا سياسية أو مجتمعية، بأسلوب ساخر وباللهجة المحلية. يعتقد كرم باحشوان، صاحب قناة "مايقعش"، أن "الإعلام الرسمي ضعيف، إن لم يكن فاشلاً في توصيل أدنى فكرة للبيت العدني، ومناقشة سلبياته وإيجابياته، لذلك قررت مع مجموعة من الشباب المميزين، أن ننشئ برنامجاً يناقش البيت العدني، عبر النافذة اليوتيوبية". ظلت قنوات التليفزيون الخاصة محظورة حتى العام 2011، حين انطلقت احتجاجات شعبية ضمن موجات "الربيع العربي"، ارتخت على إثرها القبضة الحكومية على الإعلام، لكن القنوات الجديدة ارتهنت للخلفيات السياسية لمالكيها. وجاء انطلاق البرامج اليوتيوبية في مدينة عدن، بالتزامن مع ارتخاء القبضة الأمنية والقانونية على البث المرئي والمسموع والإعلام المقروء. ويعتبر محسن الخليفي صاحب برنامج "صناعة عدنية"، أن "اليوتيوب منبر من لا منبر له، إنه الإعلام الجديد القادم بقوة". ويؤمن "مهند رشدي"، وهو أحد نجوم البرنامج، أنه بالإمكان "عبر اليوتيوب، استهداف أكبر شريحة من الشباب. التلفزيون بالنسبة لجيلنا أصبح شبه مهجور"، مضيفاً: " ناهيك عن الحرية المطلقة في الحديث والانتقاد، التي نتمتع بها في اليوتيوب، ويتشابه طموح "اليوتيوبرز" في عدن، أو في أي مكان آخر، في إيصال رسالة معينة، سواء لشعب أو لفئة محددة، الاختلاف في الطريقة فقط، كانت فكاهية أو ثقافية أو انتقادية ". عراقيل وصعوبات تشكل الإمكانات المالية والفنية عائقاً أمام تنفيذ حلقات أو مَشاهد. وقد حذفت إدارة "يوتيوب"، القناة السابقة لبرنامج "تتهابل"، بعد أن انتهكت القناة على ما يبدو شروط الملكية الفكرية، لكن مالك القناة "معاذ الحاج" يقول إنه لا يعرف سبب هذا الإجراء العقابي. ويقول كرم باحشوان، صاحب قناة "مايقعش"، إن من بين أهم الصعوبات التي تواجههم، هي "مواقع التصوير الداخلية. يرفض بعض ملاك هذه المواقع أن نقوم بالتصوير لشكوكهم بنا، ربما يعتقدون أننا نتبع جهات أمنية أو سنستغل التصوير تجارياً"، لكن آخرين يرحبون بنا". لكن الخليفي، صاحب قناة "صناعة عدنية"، يرى أن "تباعد المسافات بين فريق عمل البرنامج، المكون من عشرة أعضاء تقريباً، موزعون في أربع دول مختلفة"، هي الصعوبة الأكبر. لمشاهدة بعض هذه القنوات: صناعة عدنية ميقعش تتهابل