في مصر قتل العشرات من مشجعي فريق الزمالك لكرة القدم خلال مباراة الفريق مع فريق إنبي بالدوري المصري الممتاز. الازدحام الشديد والتعامل الأمني المتأرجح ما بين العنف وبين اللامبالاة بأرواح الشباب كان سببًا في مقتل العشرات من المشجعين في مشهد مروع لم يسبق له مثيل في تاريخ الكرة المصرية كثاني أسوأ حادث كروي بعد مذبحة بورسعيد. في وسائل الإعلام المصرية انتشر الحديث عن هيبة الدولة وشغب المشجعين وأن الدولة لا بد أن تضرب بيد من حديد على أيدي هؤلاء المخربين، لكن نظرة سريعة حول العالم لتعامل الشرطة مع مشجعي الكرة ستنسف لك كل هذه الحجج والمبررات نهائيًا. الهوليجانز المتعصبون رياضيًا أو مثيرو الشغب في الملاعب الرياضية هم مجموعة من مشجعي الفرق الرياضية الذين يتميزون بالتعصب الشديد لفريقهم يصل إلى حد استخدام الألفاظ السيئة في مواجهة المشجعين الآخرين، وقد يتطور الوضع دائمًا إلى أعمال عنف ضد مشجعي الفرق الأخرى أو ضد الشرطة. في وقتنا الحالي أصبح هؤلاء الأشخاص جزءًا من روابط تشجيعية غير رسمية وغالبيتهم من الشباب الصغير الذي يرغب دائمًا في القيام بأعمال عنف مسببًا اضطرابات وإتلافًا للمنشآت، لكنه في ذات الوقت ليس لصًا يسرق مثل مثيري الشغب الجنائيين. ارتبط هذا المصطلح منذ فترة سبعينات القرن الماضي بعمليات إثارة الشغب في الرياضة عمومًا وكرة القدم خصوصًا. بمعنى آخر، فإن هذه المجموعات تعتبر أكثر خطورة من روابط الأولتراس التي غالبًا ما تتميز بالتشجيع الحماسي دون ارتكاب أعمال عنف، لكن رغم هذا فإن هؤلاء الهوليجانز منتشرون في أنحاء القارة الأوروبية دون أن نسمع عن نية للقبض على قياداتهم، أو أنهم يمثلون خطورة على النظام أو أنهم ينتقصون من هيبة الدولة. الدول الأوروبية تعامل هؤلاء الهوليجانز على أنهم “مشجعون متحمسون جدًا وغالبًا ما يكونون تحت تأثير الخمر أو المخدرات” وبالتالي فإنهم أبناء الدولة الذين يجب استيعابهم وتفهمهم والتعامل معهم بمنتهى الاحترام، دون عبارات قاسية تجاههم أو تخوينهم أو تشويه صورتهم. الهوليجانز ينتشرون في 23 دولة أوروبية، أبرزهم إنجلترا التي تحتوي على 54 مجموعة لعدد 54 فريق كرة قدم من فرق الدرجة الأولى والثانية والثالثة، أبرزهم هوليجاز مانشستر يونايتد (الجيش الأحمر) وهوليجانز مانشستر سيتي (مشعلو النيران)، وهوليجانز ليفربول (فرقة الشغب) وهوليجانز تشيلسي ونيوكاسل وتوتنهام وغيرهم. في ألمانيا يوجد 5 فرق كرة قدم لهم مشجعون هوليجانز، أبرزهم بروسيا دورتموند ودينامو دريسدن وفرانكفورت. ينتشر الهوليجانز في هولندا (20 مجموعة) والنرويج (8 مجموعات) وبولندا (13 مجموعة) وأسكتلندا (24 مجموعة). لاحظ هنا كيف تتعامل الشرطة مع مجموعة من الهولجيانز بوضع الدفاع وليس الهجوم: أبرز حالات الشغب وتعامل الشرطة معها: كولن 2014م في مدينة كولن الألمانية قام حوالي 4000 شخص من مثيري الشغب والمعروفين باسم “هوليجانز” بالاشتباك مع الشرطة خلال مظاهرة وصفت بأنها “كروية – سياسية” للمطالبة بعدة مطالب ما بين السياسة والرياضة بشكل متباين غريب. قام هؤلاء المشاغبون بتكسير سيارات الشرطة وقذف رجال الشرطة بالحجارة وغيرها، مما تسبب في إصابة 44 فردًا من أفراد الشرطة في أعمال شغب واسعة النطاق. رد فعل الشرطة مع هؤلاء جاء عبر استخدام خراطيم المياه والهراوات ورذاذ الفلفل دون أي استخدام للغاز أو الخرطوش، ودون أي حديث مزعوم عن هيبة الدولة التي تصدعت نتيجة الاشتباكات وإصابة العشرات من رجال الشرطة. لم يصب في أعمال الشغب هذه سوى شخص واحد من المتظاهرين، بينما تم إلقاء القبض على حوالي 20 مشاغبًا فقط. شاهد هذا الفيديو: دورتموند 2012م قبل مباراة فريقي بروسيا دورتموند وشالكه في إطار مباريات الدوري الألماني لكرة القدم يوم 20 أكتوبر 2012م، اندلعت أعمال شغب كبيرة وصفت بأنها الأسوأ في ألمانيا منذ سنوات عديدة. أعمال الشغب جاءت من جمهور الفريقين قبل انطلاق المباراة التي انتهت بفوز فريق شالكه بهدفين لهدف في إطار الديربي رقم 141 بين الفريقين. طبقًا للشرطة فإن عددًا من المشاغبين التابعين لفريق دورتموند اقتحموا مطعمًا وقاموا باستخدام محتوياته في قذف الشرطة والجماهير الأخرى، كما تم تكسير سيارة للشرطة. حاولت الشرطة احتواء الموقف عبر استخدام خراطيم المياه والكلاب ورذاذ الفلفل.الإصابات في صفوف الشرطة بلغت 12 إصابة وسط عمليات شغب امتدت لثلاثة شوارع رئيسية تم محاصرة رجال الشرطة بها من قبل المشاغبين. لم يسقط أي مصاب تقريبًا من قبل المشاغبين، بينما تم إلقاء القبض على 200 مشاغب. شاهد الفيديو: يورو 2012م خلال مباريات بطولة أمم أوروبا الأخيرة في بولندا وأوكرانيا أظهر الجمهور الكرواتي عنفًا ملحوظًا خلال مباريات فريقه بالبطولة. هذا الفيديو يبين عنف الجماهير وطريقة تعامل الشرطة معهم دون أي أذية جسدية. يظهر أيضًا كيف أن الشرطة تأخذ دور رد الفعل وليس الفعل في إشارة لاستيعابها للحماس الزائد للجماهير، حتى ولو خرج الوضع عن السيطرة بعض الشيء. شاهد الفديو: هانوفر 2012م قبل انطلاق مباراة فريقي هانوفر دينامو دريسدن في إطار الدور الثاني من كأس ألمانيا يوم 31 أكتوبر 2012م، قام جمهور دينامو دريسدن باقتحام ملعب المباراة واشتبكوا مع عناصر الأمن وأشعلوا الألعاب النارية. خرج هؤلاء المشجعون من الملعب وقاموا بالاشتباك مع الشرطة خارج ملعب المباراة حيث أصيب عدد من أفراد الشرطة. لم يصب من المشجعين سوى القليل، وألقت الشرطة القبض على حوالي 20 شخصًا فقط. لم يتم استخدام الغاز ولا الرصاص الخرطوش أو غيرها مما يمكن أن يسبب الوفاة، فقط خراطيم المياه ورذاذ الفلفل. شاهد الفيديو: لندن 2010م خلال مباريات كأس العالم لكرة القدم بجنوب أفريقيا تواجه المنتخبان الإنجليزي والألماني وجهًا لوجه خلال الدور الثاني في مواجهة نارية نظرًا لتاريخ المنتخبين. تمكنت ألمانيا من الفوز بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، مما أغضب الجمهور الإنجليزي كثيرًا في إنجلترا ليقوموا بحرق العلم الألماني في ميدان ليسستر بالعاصمة لندن، كما تم تدمير مطعم قريب نتيجة لأعمال الشغب التي تمت تجاه بعض المشجعين الألمان خصوصًا مشجعًا ألمانيًا فوجئ بوجوده وسط الجماهير الإنجليزية بالميدان. تمكنت الشرطة من السيطرة على الموقف دون حدوث أي إصابات في صفوف المتظاهرين، لكن الشرطة قبضت على بعض المشجعين. جدير بالذكر أن الحكومة الألمانية لم تبدِ أي اعتراض على موضوع “حرق العلم الألماني”، وهو ما يدل على استيعاب الحكومات للحماس الزائد للجماهير حتى ولو تسببت في أمور خاطئة في بعض الأحيان. حادثة ملعب هايسل 1989م تعتبر أسوأ الحوادث في تاريخ كرة القدم الأوروبية. استضاف ملعب هايسل في العاصمة البلجيكية بروكسل المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بين فريقي يوفنتوس الإيطالي وليفربول الإنجليزي يوم 29 مايو 1985م. قبل انطلاق المباراة بساعة تقريبًا قامت مجموعة كبيرة من مشجعي فريق ليفربول بخرق السياج الفاصل للمنطقة المحايدة بين جمهوري الفريقين المتنافسين باتجاه جماهير يوفنتوس التي ركضت في الاتجاه المعاكس نحو جدار خرساني حيث كان هناك جماهير جالسة بالفعل فتم سحقهم تحت أقدام الجمهور المندفع. تسببت الحادثة في مقتل 39 شخصًا وإصابة 600 آخرين، لكن الغريب أن الشرطة البلجيكية تدخلت سريعًا من أجل إنقاذ الوضع دون استخدام أي عنف تجاه جماهير ليفربول الجانية. شاهد هذا الفيديو: إنجلترا 1983م في يوم 29 يناير كانت هناك مباراة لكرة القدم بين فريقي ديربي كاونتي وتشيلسي في الجولة الرابعة من مباريات كأس إنجلترا. عندما قام فريق ديربي كاونتي بإحراز هدف الفوز بالمباراة قام جمهور تشيلسي الغاضب بتكسير عدد من الكراسي وإلقائها على أرض الملعب. تحركت الشرطة لاحتواء الموقف، فقابلها الجمهور بمزيد من الغضب والعنف مما أدى لإصابة 2 من رجال الشرطة. من جانب الجمهور أصيب فقط 38 شخصًا بينما اعتقلت الشرطة 202 آخرين بتهمة الشغب دون وقوع وفيات أو إصابات خطيرة.
