عشرون عاماً مرت منذ آخر تتويج للنادي العالمي النصر السعودي ببطولة دوري كرة القدم، سنوات عجاف ذاق خلالها جمهور الشمس معاناة لا حدود لها، وهي ترى المنافس التقليدي (الهلال)، وهو يغرد خارج السرب، ويحصد البطولات تلو البطولات، بينما النصر ابتعد عنها بمسافات شاسعة، جعلته يتغنى بمجده الغابر، وماضيه التليد أيام أسطورة الكرة السعودية والعربية الكابتن الذهبي ماجد عبدالله. أثناء بطولة كأس الخليج 2007 بدولة الإمارات العربية المتحدة "خليجي 18″ حظيت بشرف مرافقة المنتخب اليمني الأول لكرة القدم للمرة الأولى والأخيرة، ضمن الطاقم الإعلامي، وقابلت موسيقار الكرة العربية والسعودية، وقائد نادي النصر فهد الهريفي.. تحدثت معه عن النادي الجماهيري وعشقه المتغلغل في الأحشاء، رغم سنوات الضنك والقحط، وسألته عن الموعد الموعود ببطولة تروي الظمأ والعشق، بعد مرور أكثر من عقد ونحن نمنّي النفس، والنادي مبتعد عن منصات التتويج، فقال: "الله يعينك على 15 عاماً أخرى"!. الهريفي لم يقلها إلَّا وهو يعرف ما يدور على أضرحة ناديه، ومعاناته بلا حدود من تعاقب الإدارات، وهروب المواهب والنجوم، والاتكاء على (العَجَزَة)، ومن طردتهم الكرة من جنَّتها، فوجدوا نادي (الرعاية الاجتماعية) يصرف عليهم من أمواله هباءً منثوراً دون جدوى، وفي كل موسم تأتي الوعود البراقة من الإدارات المختلفة بقرب العودة المنتظرة، سرعان ما تتبخَّر في هواء النتائج المحبطة. عشرون عاماً مرت، والجماهير لم تيأس، بل تكاد تكون الحالة الوحيدة في العالم، كلَّما خسر الفريق بطولة زادت جماهيره، وكان محقاً الأمير فيصل بن تركي، رئيس النادي، في سنة رئاسته الرابعة عندما أوضح أن ساعة الحصاد قد حانت، فتعاقد مع مجموعة متميزة من النجوم، ومدرب يحتاجه النصر بدرجة كبيرة.. وكالمعتاد الجماهير حاضرة، فأكمل النصر موسمه ببطولتين، أولاهما بطولة كأس ولي العهد، ذرف الدموع خلالها اللاعب الفنان إبراهيم غالب، وفرح كما لم يفرح من قبل، كونها أول بطولة تتحقق بذلك المستوى، وعلى حساب المنافس التقليدي (الهلال)، وأكملها العالمي ببطولة دوري عبداللطيف جميل للمحترفين، وبتتويج خرافي هو الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط- كما ذكرت الشركة الراعية- وزينت الجماهير النصراوية جنبات استاد الملك فهد الدولي بستين ألفاً، وهي تزف فريقها نحو بطولته بعد عقدين من الزمن. يعدُّ هذا الموسم من أجمل مواسم الكرة السعودية، من حيث المتابعة الجماهيرية وقوة التنافس بين فرق الصدارة والمؤخرة حتى رمق المسابقة الأخير، وكذا التنظيم الاحترافي، وعودة التنافس القوي بين الهلال والنصر قطبَي الكرة السعودية. موسم استثنائي للنادي العالمي، من جميع النواحي، ضرب خلالها الأرقام القياسية من حيث نسبة التهديف 60 هدفاً، أقل الفرق خسارة، أكثرها فوزاً مناصفة مع الهلال 20 مباراة، أقل الفرق استقبالاً للأهداف، وجماهيره نجم شباك البطولة الأوحد. هنيئاً لعشاق العالمي، هنيئاً للأرض وهي ترتوي من سماء بطولات النصر مجدداً.