ليفربول يحسم «الديربي» ويبتعد في صدارة «البريميرليغ»    "العفو الدولية": "الفيتو" الأمريكي السادس ضد غزة ضوء أخضر لاستمرار الإبادة    فعالية لأمن محافظة ذمار بالعيد أل11 لثورة 21 من سبتمبر    قذائف مبابي وميليتاو تعبر بريال مدريد فخ إسبانيول    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    إصلاح المحويت يقيم مهرجاناً خطابياً وفنياً بذكرى التأسيس ال35    انطلاق بطولة كأس الخليج للناشئين في قطر    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    شباب اليمن يحيون ذكرى 21 سبتمبر بفعاليات كشفية وثقافية ورياضية    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    0محمد اليدومي والإصلاح.. الوجه اليمني لانتهازية الإخوان    هولوكست القرن 21    نزال من العيار الثقيل يجمع الأقرع وجلال في نصف نهائي بطولة المقاتلين المحترفين بالرياض    بورصة مسقط تستأنف صعودها    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    مظاهرة غاضبة في تعز تطالب بسرعة ضبط قتلة المشهري وتقديمهم للعدالة    زرعتها المليشيا.. مسام ينزع 1,103 لغماً خلال الاسبوع الثاني من سبتمبر    وكالة تكشف عن توجه ترامب لإصدار مرسوم يرفع رسوم تأشيرة العمل إلى الولايات المتحدة    خصوم الانتقالي يتساقطون    قيادي انتقالي.. الرئاسي انتهى والبيان جرعة تخدير    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    الصحفي الذي يعرف كل شيء    ضربة أمريكية لسفينة فنزويلية يتهمها ترامب بتهريب المخدرات    البرازيل تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    قلت ما يجب أن يقال    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبد الله أحمد القاضي    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    مانشستر سيتي يتفوق على نابولي وبرشلونة يقتنص الفوز من نيوكاسل    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    الصمت شراكة في إثم الدم    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة المياه في اليمن... قصة معاناة متجددة
نشر في يمني سبورت يوم 31 - 10 - 2018

تظل أزمة المياه في واقع المجتمع اليمني أزمة متجذرة لها آلامها المزمنة، لكن يبدو أن لهذه القصة فصولها المتعددة من المعاناة التي لا تلوح لها نهاية، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي فاقمت مشكلة الحصول على متطلبات الحياة الأساسية للأسر اليمنية على كل المستويات، ومن أبرز هذه المتطلبات الحصول على مصادر مياه كافية وآمنة.
قصص هذه المعاناة يرويها واقع الحال المعاش في كل شارع ومنزل، ومنها قصة أحمد (55 عاماً)، وموظف مدني روى ل«الشرق الأوسط» معاناته الشديدة وأسرته مع المياه قائلا: «أنا أسكن في شقة بالإيجار مع أسرتي وصاحب العقار يستخدم حاليا أسلوب تركيب عدادات خاصة لحساب كلفة استهلاك المياه التي يضخها لنا، وهو استهلاك باهظ الثمن، ففي الوقت الذي كان هذا الاستهلاك يكلفني نحو 3 آلاف ريال شهريا، أصبح الآن يتراوح بين 9 آلاف و10 آلاف ريال شهريا، وهذا مرهق لي ماديا للغاية».

اضطرت آلاف الأسر اليمنية في الآونة الأخيرة تحت وطأة حكم الميليشيات الحوثية التي لا تشعر بالمسؤولية وتحت ضغط العامل الاقتصادي وتناقص قدراتها الشرائية إلى التخلي عن شراء المياه، وبدأت فعليا البحث عن مصادر بديلة مجانية حتى لو لم تكن آمنة صحيا. ويتابع أحمد: «نحن أسرة كبيرة مكونة من 11 فردا، خصوصا مع نزوح أسرة أخرى من أقاربنا من الحديدة للعيش معنا هنا، ونحتاج كمية كبيرة من المياه، والمشكلة الأكبر هي قيام صاحب العقار الذي نسكن فيه بقطع المياه عنا عندما لا نستطيع دفع فاتورة المياه، هذا حدث لنا مرات كثيرة دون رحمة، والبديل أننا نلجأ إلى جلب المياه من خزانات «مياه السبيل» (صهاريج مجانية يضعها فاعلو الخير في الأحياء) أو من مضخات المياه القريبة أنا وأسرتي وهي معاناة لا يمكن تصورها».

من المؤكد أن ارتفاع كلفة المياه أدى إلى الضغط على احتياجات الأسر وعدم قدرتها على تلبية احتياجات أساسية أخرى كانت تعتبرها أكثر أولوية الأمر الذي يضع هذه الأسر تحت طائلة العوز والفقر الشديد.

يروي أحمد بألم بالغ وانفعال واضح: «هذه الزيادة في أسعار استهلاك المياه أثقلت كاهلي كثيرا فأنا بلا مرتب، وفي أيام كثيرة يذهب أولادي إلى مدارسهم وجامعاتهم من دون مصروف وأحيانا حتى من دون إفطار. فكيف سأرتب كل هذه الأولويات. لا أدري. لقد فقدت معنى الاستقرار في حياتي وأعيش حالة من القلق والتوتر المستمر».

هكذا تبدو مشكلة توفير المياه لآلاف الأسر اليمنية مشكلة مركبة من حيث الكم والكيف، فهناك مشكلة في كمية المياه التي يتم الحصول عليها والتي لا تفي باحتياجاتهم، بالإضافة إلى نوعية هذه المياه ومدى صلاحيتها للأغراض المختلفة كالشرب، والطهي، والنظافة.

ويقول أحمد: «رغم كل الترشيد الذي نقوم به في استخدام المياه التي نحصل عليها فهي لا تكفينا، فنحن مثلا نغسل ملابسنا مرة واحدة كل أسبوعين، وننظف البيت في أضيق الحدود، كما أننا لا نستخدمها للشرب وهذا معناه كلفة إضافية في شراء مياه الشرب... ارتفاع أسعار المشتقات النفطية حول حياتنا إلى جحيم».

من خلال تتبع ارتفاع أسعار صهاريج المياه يتضح أنها في تصاعد مستمر، ويمكن رصد هذه الارتفاعات منذ 2012 وحتى الآن، لكن الارتفاعات الأشد منها حصلت في الستة الأشهر الأخيرة بشكل لافت.

يقول عبد الكريم (20 عاما) وهو مالك مضخة مياه: «كان سعر صهريج المياه سعة 6 آلاف لتر في 2012. لا يتجاوز 1250 ريالاً، وارتفع عام 2013 إلى 1500 ريال، لكننا الآن نبيعه بسعر 3 آلاف ريال لأصحاب الصهاريج وهو مرشح للزيادة، وفي الوقت الحاضر يباع صهريج الماء سعة 6 آلاف لتر بمبلغ يتراوح بين 6 آلاف و8 آلاف ريال للمستهلك بحسب اختلاف تكاليف النقل والتفريغ» (الدولار يساوي في السوق السوداء نحو 750 ريالا).

هذا من حيث الكم أما من حيث الكيف والرقابة على المياه فتتضح بعض الجهود في هذا المجال حيث يقول محمد (23 عاما) مالك صهريج لنقل المياه: «هناك رقابة مشكورة من قبل منظمة اليونيسيف يوميا على مضخات المياه، حيث تقوم بتوفير مادة الكلور لأصحاب الآبار من أجل إضافتها إلى صهاريج الماء بصورة إلزامية، وإن كان البعض لا يلتزم أحيانا».

هناك إجماع من قبل الأطراف الثلاثة ذات العلاقة بالموضوع (مالكي مضخات المياه كمنتجين– مالكي الصهاريج كوسطاء توزيع – المستهلك النهائي) على أن السبب الرئيسي للمشكلة هو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

يقول عبد الإله (45 عاماً) وهو مالك مضخة مياه: «المشكلة لدينا في ارتفاع أسعار الديزل... أنا أشتري برميل الديزل بسعر 140 ألف ريال استهلكه في 12 ساعة، وكذلك أعاني من ارتفاع أسعار الزيت وتكاليف قطع الغيار».

ويقول خالد (30 عاماً) وهو مالك صهريج مياه عن السبب: «بصراحة... لا توجد رقابة على مالكي مضخات المياه من حيث إلزامهم بسعر بيع محدد»، بينما يشكو محمد – مالك صهريج مياه متذمرا: «نحن مالكي الصهاريج نعاني معاناة كبيرة، فنحن نستخدم الديزل والبترول والزيت في عملنا، وهذا يضاعف الكلفة علينا ولا يشعر المستهلك بمعاناتنا».

وهناك حلول ممكنة يطرحها البعض يمكن تطبيقها، حيث يقول عبد الإله: «أقترح حصر الآبار العاملة وتوفير المشتقات النفطية عبر جهة معينة بسعر مخفض ووفق الطاقة التشغيلية لكل بئر، لكن لا أحد يدعمنا».

من جهته يلفت حسام (26 عاماً) مالك صهريج مياه النظر إلى «إمكانية تشغيل مضخات مياه حكومية مدعومة تنتج المياه بأسعار مخفضة يمكن أن التعامل معها عبر وزارة المياه أو هيئة الموارد المائية».

ولعل من أبرز الجهود المبذولة للتخفيف من حدة المشكلة ما تقوم به منظمة اليونيسيف من أعمال رائدة في هذا المجال، حيث تشير الدكتورة ميريتشل ريلانيو الممثل المقيم لمنظمة اليونيسيف في اليمن إلى أنه «تم إنجاز25 مشروع بنية تحتية، استفاد منها 4 ملايين شخص كما أن العمل جار في 200 مشروع إضافي في اليمن، كما تتضمن خطة الاستجابة للمنظمة لعام 2018 خفض التكاليف وزيادة الكفاءة من خلال إشراك القطاع الخاص، ودعم الوقود لتشغيل منظومات إمداد المياه».

من المؤلم أن البحث عن مصادر بديلة للمياه حتى في حواضر المدن اليمنية مشكلة طالت شرائح اجتماعية مختلفة، وأبرز هذه الشرائح النساء والأطفال، حيث ألقت المشكلة بظلالها الكئيبة على الأطفال كشريحة اجتماعية تصنف على أنها أولى بالرعاية.

لقد أصبحت مشاهد الأطفال وهم يعملون بكد وبؤس في نقل المياه إلى منازلهم مشاهد سائدة ومألوفة في كل مكان مما يؤثر على أسلوب الحياة الطبيعية لهم، يقول أحمد (12 عاماً): «أنا أقوم بنقل المياه يوميا للمنزل... حتى أيام الدراسة أقوم بنقلها بعد الانتهاء من الدراسة... نحن لا نقدر على شراء المياه». أما وسيم (15 عاماً) وهو فتى نازح من محافظة الحديدة من مدينة حيس تحديدا فيقول: «كنت أدرس، لكنني الآن توقفت عن الدراسة. نحن نعيش هنا نازحين، وكما كنت أجلب المياه للمنزل في حيس ها أنا أقوم بنفس المهمة في صنعاء. أنا أكره هذا العمل. لكن ليس هناك حل».

واقع مؤلم وآمال تظل تحدو هذا المجتمع في حياة أفضل لكن يبدو أن استمرار الصراع والبيئة غير المستقرة وانهيار المؤسسات الخدمية سيقود إلى مزيد من التهديد في تدهور الخدمات الأساسية في المجتمع اليمني مما يجعل الجهود التي تبذلها المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية غير قادرة على مواجهة كل هذه الاحتياجات في ظل ظروف استثنائية بالغة التعقيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.